هل كان اعتلاء بعض التيارات الإسلامية الحكم عن طريق الانتخابات خطَّة أم صدفة؟!
تاريخ النشر : 2019-11-08
هل كان اعتلاء بعض التيارات الإسلامية الحكم عن طريق الانتخابات خطَّة أم صدفة؟!


بقلم:عبيرداود

لاريب ان اللاعبون الكبار على رقعة السياسية ادركوا انه لايمكن ضمان مصالحهم الاستراتيجية ونفوذهم الدولي إلا بمحاربة الإسلام ،ولكن من خلال المسلمين ذواتهم، واسدى السبل وانجعها لذلك هو
▪ تسهيل صعود بعض التيارات الإسلامية إلى مرتع الحكم عن طريق فخ الصندوق(الانتخابات) وخدعة الديمقراطية وهي انتقائية (التي لم تطالب بتطبيق الحكم الإسلامي)ومن ثم إفشالها..
▪والأمر الآخر من خلال تدجين الخطابات الدينية الحيوية الكبيرة ،وحقنها بفيروس الخنوع للغالب ،وإماتة لياقة الممانعة فيها ؛لتنسجم في مآل الأمر مع متطلبات الهيمنة الصهيوأمريكية، والتبعية الغربية ،مسخرين لذلك ومستعملين أعتى الطرق والوسائل والخطط بما في ذلك شياطين الإنس وسدنة الغرب ويكأنهم مسلمين، سواء إعلام وكتّاب وادباء وإعلاميين ومفكرين واكاديميين ومثقفين والكارثة العظمى رجال دين.. فضلاً عن ذاك وتيك الأنظمة الطاغوتية!!

فلا يسعني سوى التنويه للعقول البانية ولإنقاذ الأفهام البالية انه لن يحكم الإسلام بصناديق الانتخابات حتى يلج الجمل في سم الخياط!!
لن يسمح النظام الدولي ان يحكم الإسلام اي منطقة بمنحة يهودية امريكية غربية ،بل هي حصان طروادة لإعادة تموضع فرسان المعبد في حملة صليبية، فالديمقراطية وتبعاتها(من انتخابات ومجالس) ما هي إلاحركة التفافية لفتح ثغرة فكرية في عقل وروح المسلم، لإفساد العقل وانسلال الروح في تخوم اللوَّث،حتى يهون على المسلمين هدم حصونهم بايديهم،في ذات الوقت الذي يعود فيه إسرائيل والغرب إلى عقائدهم!!

وسآتي في نهاية المقال على بعض البراهين تثبت على ان السماح بصعود بعض الحركات الإسلامية الى سدة الحكم هو تكتيك؛ لتنفيذ استراتيجية ومخطط قائم على إفشالهم في نهاية المطاف ؛حتى تندثر قيم ومبادئ الإسلام الحقيقية واهمها (الجهاد - نظام الحكم الإسلامي - إنشاء منظومات إسلامية عسكرية أواقتصادية) وإحلال الإسلام الليبرالي مذهباً وبديلاً ..

ف الذين ولجوا الانتخابات والبرلمانات والمجالس، تلك التي الحجر الرئيس لسن القوانين الوضعية، والتشريعات البشرية، التي لا تتقيد بالشريعة ولاتعتبر بها إلا نذراً يسيراً ؛متعذِّرين ومتعلّلين بأن ذلك سيأتي على الأمة بالخيرات، وسيعالج به كثير من المضرات، وانهم يلجون فيها رُغماً لاطوعاً كالمريض المكره طلباً للشفاء..
هؤلاء لم ولن يُوفقوا لامحالة!!
فإن الله لم يجعل شفاء أمته فيما حرم عليها..
فمهما عظمت المصلحة لن تكافئ ارتكاب مفسدة شرك متحققة بالوغول والتماهي والتحاكم تحت قبة حكم بغير ماأنزل الله!!
ففي الحق ما يغني عن الباطل ،وفي الاستشفاء بما شرعه الله ورسوله مايغني عن الشرك وأهله..
ونعلم ان الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، وأن شهود بدر لم يعصم حاطب بن أبي بلتعة من الزلل، وأن الصلاة على ابن سلول -لتطييب خاطر ولده- لم تُقبل، وأننا كنا مسوخاً لو ارتضينا أن نعبد ربهم سنة ليعبدوا ربنا سنة..

يا الله.. إنه خلاط التفاصيل الذي ضربُوهم فيه..
إنه النظام العالمي الذي ظنوا- واهمين- أنهم يستطيعون خلخلة أصولِه من داخله فخلخلَ هو أصولَهم وأسقطها.. إنه روضة المستنقع التي أعجبتهم خضرتُها فدخلوها فأفقدهم وعيهم عَفَن رائحتها، فلما لم يستطيعوا الخروج منها اعتادوا العفن!!

ظنُّوه تدرُّجاً فكان استدراجاً.. ظنُّوهَا حُديبيةً فكانت أُحُداً!!
وضع الغرب لهم أصول اللُّعبة، وحدّدوا لهم مسارات الحركة، واستدرجوهم ببعض المكاسب التافهة؛ فصاروا يرون قطعةَ الجُبن ولا يبصرون الفخ، وكلما حاولوا التملص والخلاص وضعوا لهم قطعة جُبنٍ أخرى في فَخٍّ آخر.. وهكذا دواليك حتى تحولوا هم أنفسهم إلى فخ بلا جبن يُصادُ به غيرهم..

إن أعظم مفاسد تيك الديمقراطية وتوابعها( الانتخابات والبرلمانات والمجالس) والتي حقق النظام الدولي بأذرعه حلماً راودهم سنين مداد يكمن في :
1▪استنزافهم عَقَدِيَّاً حتى تماهت أطروحاتهم مع أطروحات العلمانية الكافرة!!
حيث آلَ بمن ولجوها إلى الافتتان والانسلاخ من الثوابت والتمييع والتبديل ،علاوة على إسهامهم بانسلاخ المسلمين من شريعتهم ،وتشويه الشريعة وأحكامها ،والذي بدوره يؤول الى الإقرار بعدم صلاحية هذه الشريعة للحكم والتطبيق في هذا الزمان!!
2▪استخدامهم سياسياً لإضفاء الشرعية على الأنظمة الكفرية العميلة!!
3▪سوقوهم دينياً للتشويش على القوى الإسلامية الأُخرى وإحباط حركتها واتهامها بالاختراق والعمالة!!
4▪إهدار أحكام الشريعة التي عُنيت بصون الضرورات الخمس (الدين،النفس،العرض،المال،العقل) الناتجة عن المعارضة البائنة ،والمحاداة الصريحة بين احكام الشريعة واحكام وضعية مصدرها (فرنسية وبريطانية و..) لتشكل دستوراً وقانوناً زاخراً بتحليل ماحرمه الله ،وتحريم مااحله ،بل والتفنن في إهدار الضرورات الخمس..

لقد صاروا إسلامقراطيين يعبدون الشعب والصندوق من دون الله ويتنازلون عن كل ما لا يمكن التنازل عنه من أجل الكفر الذي اقتنعوا أنهم سيصلون به إلى الإيمان.. وحين وصلوا- وأعطاهم الشعب أصواته ورضي بِعُجَرِهِم وبُجَرِهِم- لم يكونوا يملكون من القوة ما يحافظون به على مكاسبهم التي تلبسوا بالكفر من أجلها؛ فخسروا عنب الشام وبلح اليمن..

ولنا في الحركات الإسلامية الموجودة على الملعب السياسي دليل وبرهان ..
قديماً كانوا يختارون أهدى الطريقين وخير الخيرين فلما طال امد حكمهم،استطابوا دعته واستحلوا لذته ،وتقلبوا في نعمائه، فصاروا يختارون في كل منعطف أوقعوا أنفسهم فيه شر الشرين ،وأضلّ الطريقين خشية ورهبة من زوال النعمة!!
وإنها والله زائلة..

هناك دائماً مسار ثالث..لن يحصرك عدوك بين مسارين إلا إذا حصرت نفسك بينهما ،ورأى منك استعداداً لحصر نفسك، فقد سلكوا سابقاً الطريق الثالث..ونتسائل بحسرة ألم يئن ان بعودوا لهذا الطريق ،ويتركوا مساكن الذين ظلموا انفسهم ونعمائهم؟!
ولكن هيهات هيهات..لانت الجلود وكلَّت الأيدي وخارت النفوس!!
نسأل الله أن يستمر سكان الأنفاق على عهد المشاعل السابقين ،بعد ان بدَّله بعض سكان الأبراج الحاليين..

ومن الجدير بالذكر إصدار بعض كتب لخبراء ورجالات مخابرات فيها توصيات بالزج بالإسلاميين في الحكم، ومن ثم إفشالهم وتشويههم لتذهب ريحهم فلقد قال (جراهام فولر)[[ رئيس مجلس الاستخبارات القومي في ال CIA سابقاً ،وأحد مستشاري مؤسسة RAND التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية وما ادراك ماRAND التي أفرزت مخطط خطير (شيرلي برنارد)]] في كتابه (مستقبل الإسلام السياسي) الصادر عام2003 "لا شيءَ يُمكن أن يُظهر الأسلمة في صورة قبيحة مُنفِّرة أكثر من تجربة فاشلة في السلطة").

والاخطر من قول( فولر )ماذكره( راي تاكيا) و(نيكولاس جفوسديف) مؤلفي كتاب (الظل المنحسر للنبي، صعود وسقوط الإسلام السياسي) عام 2004 أن أمريكا إذا سمحت بوصول الإسلاميين "المعتدلين" إلى السلطة فإنها ستضرب عصفورين بحجرٍ واحد:
▪العصفور الأول: أنها ستُقصي أصوات الراديكاليين أو المتشددين "ويقصد هنا التوجهات الجهادية"، حيث أن وجود منفذ للتغيير و"تطبيق الشريعة" عن طريق الديمقراطية سيؤثر بالسلب على أفكار هذه التيارات "المتشددة" من وجهة نظره، وذلك لأنه قد أصبح هناك منفذ سهل وقانوني للتغيير سيتجه إليه الجميع بدلا عن العنف.
▪العصفور الثاني: أن المعتدلين إذا وصلوا بالفعل إلى السلطة فلن يُظهروا - في الغالب - قدرات سياسية مناسبة، وهو الأمر الذي أوصى المؤلفان بوجوب استغلال الولايات المتحدة له في حربها على الإرهاب، فحينها يمكن نسبة الفشل للفكرة الإسلامية ككل، وهي خطوة أمريكية مهمة جدا في معركة العقول والأفكار !!

و في عام 1992م صَدرَ كتاب (فشل الإسلام السياسي) للمستشرق الفرنسي (أولفييه روا) تنبأَ فيه بفشل تيار الإسلام السياسي في السلطة، وهو تنبؤ مبكر جدا، كما تنبأ بظاهرة سماها "ما بعد الإسلاموية" وتحدث فيها عن ظهور إسلاميين جدد يتصالحون كثيرا مع قيم العلمانية.

ومن اللافت استشراف او بمعنى ادق وضع خطط مدروسة من قبل المراكز البحثية في الغرب المستقبل فقالوا: إن كل حاملي "الشعارات" الإسلامية سوف يواجهون فشلا وسقوطا بمجرد وصولهم للسلطة! وسيصبح من السهل جدا تشويههم وعزلهم عن الجماهير.
• والسبب الأول : هو طبيعة تيارات الإسلام السياسي نفسها حيث لا خطط ولا برامج ولا رؤية حقيقية وإنما شعارات إسلامية براقة..
•أما السبب الثاني : للفشل فهو شكل الدولة السلطوية العميقة، والتي هي جزء من نظام عالمي متسلط يتحكم في كل شيء، وإذا ما وصل الاسلاميون إلى السلطة فإن أمامهم مصيرين لا ثالث لهما:
::الأول:: الذوبان الكامل داخل الدولة السلطوية العميقة، فإذا ذابوا في هذه الدولة واستسلموا لها سيَظهرُ كَذِبُ شعاراتِهم الإسلامية.
::الثاني:: الفشل في إدارة الدولة، مما سيظهرهم أيضا بمظهر الكاذبين أمام الجماهير، حيث سيكتشف الجميع أنهم لا يمتلكون أي رؤية لتحقيق نهضة سياسية واقتصادية واجتماعية تتوافق مع شعاراتهم " الإسلامية "!

جزماٌ وقطعاً هي متاهة الشيطان ترى خيراً فيه بعض الشر ،ثم ترى شراً فيه بعض الخير ،ثم شراً محضاً لا خير فيه ،فما إن دلفت بوابته لن تلبث ان تصل قعره!!

#عبيرداود