السنوار يجتر حماد بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-11-07
السنوار يجتر حماد بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة 

السنوار يجتر حماد!

عمر حلمي الغول 

من حق كل قائد سياسي أو عسكري  على رأس قوة، أو يقود بلد أن يعتز بقوته، وقدرته على التصدي لإعدائه بهدف تعزيز الثقة في اوساط انصاره وشعبه، بغض النظر عن الجغرافيا والإقتصاد والقدرة على التحمل. مع ان من بديهيات الإنتصار الأخذ بعين الإعتبار عددا من العوامل: تقدير الموقف الجيد، وقراءة موازين القوى بعيدا عن المبالغة والتهويل، والمحافظة على الحالة المعنوية العالية في اوساط القوات والشعب على حد سواء، تأمين الغذاء والعتاد المناسب والملائم، محاربة الإشاعة والحرب النفسية ... إلخ  

وهناك مقولة عسكرية تقول "لا يمكن لجيش أو قوة عسكرية جائعة ان تنتصر"، وأضيف، ولا يمكن لقوة عسكرية جيشا او ميليشيا ان تصمد في وجه أعدائها إذا جوعت شعبها، وإمتصت دمائهم، وساهمت في تشديد الحصار عليهم، وإستخدمتهم للإتجار بهم، وبالغت في قدراتها بشكل تضليلي ديماغوجي. لإن صمود القوات من صمود الشعب، والعكس صحيح، وخاصة في حرب العصابات الشعبية. ولا يمكن الفصل بين القوة والشعب. فلا يجوز القول، أن القوات لديها المؤن والعتاد المناسب ولفترات طويلة، ولكن الشعب محاصر وجوعان. هذة المعادلة تحمل ذات النتيجة، اي الهزيمة، أو على اقل تقدير عدم الصمود في وجه الأعداء. 

هذا المدخل مرتبط بما حمله خطاب يحيى السنوار أول امس الإثنين (4/11/2019) امام مجموعة من الشباب في قطاع غزة، حيث لاحظ من قرأه، ان الرجل أعاد إنتاج فتحي حماد، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، عندما كان يدعي أن حركة حماس "لديها صواريخ من صناعتها المحلية تضاهي الصواريخ في الدول المتقدمة"، ليس هذا فحسب، بل أن ميليشيات حركتة "لديها الإستعداد لتبيع للدول العربية وغيرها ما تريد من الصواريخ"، وكان يهرف بما لا يعرف في العلوم العسكرية، وفي إدارة الصراع مع عدو متغطرس من طراز إسرائيل الإستعمارية. 

السنوار الذي حاول ان يكون عقلانيا في كثير من الأحيان، سقط يوم الإثنين في دوامة تضخيم الذات والقدرات، فهدد، وأزبد، وأرعد أكثر مما يجب، وبالغ بما هو موجودا، وعدد الإمتيازات لقدرات وعدد ميليشيات حركتة بشكل مثير للدهشة والإستغراب، وكأن إسرائيل سترتعد فرائصها عندما تسمع لما جاء في خطابه، وهذا غير دقيق، لإن ما تملكه إسرائيل من قوة عسكرية تقليدية، ولا اقول غير تقليدية يمنحها ميزان قوى يميل بشكل صارخ لصالحها. فلا ال70 الفا من القسام ولا غيرها يرعبها، أو يثنيها عن اية حرب تريدها. دون ان يعني هذا، ان إسرائيل الإستعمارية لا تخشى المواجهة مع اي قوة، ولا تسعى قواتها للإنخراط في حرب إلآ إذا هي أعدت لها وفق اجندتها الخاصة، وبالتنسيق مع حلفائها في المنطقة والعالم، حتى إذا ما ذهبت لحرب مدمرة ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة كما حرب تموز/ آب 2014 تكون محصنة سياسيا وعسكريا وإعلاميا. رغم القناعة الكلية ان إسرائيل كانت وستبقى دولة مارقة وخارجة على القانون، وقامت على انقاض نكبة ودماء وتشريد ابناء الشعب العربي الفلسطيني، ولا تغطيها كل الذرائع والحجج الواهية لجرائم حربها. لأنها لن تتوانى عن إرتكاب المجزرة تلو المذبحة لتحقيق اهدافها الإستعمارية في "بناء دولة إسرائيل الكاملة".

غير ان خشيتها لا تعني السماح لا لحماس، ولا للجهاد ولا لغيرها من القوى الفلسطينية او العربية العبث بمصيرها، فهي دولة لا طاقة لها على الهزيمة، وخيارها الدائم اللجوء لإيقاع الهزيمة بالأعداء في اسرع وقت ممكن. لكن بعيدا عن الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية فإن إدعاء السنوار، بأنه يمتلك مئات وآلاف الكليومترات من الأنفاق والكمائن، والدروع المضادة للدبابات والقذائف الصاروخية المصنعة محليا، وانه قادر على إطلاق الصواريخ لمدة ستة اشهر على تل ابيب، وتهديد دولة الإرهاب المنظم، ولديه القدرة على المناورة بما لا يصل إلى حرب وإجتياح شامل، وإن القيادات الإسرائيلية ستبقى صامته، وقابلة بالتكتيك الحمساوي، فيه سذاجة وهبل سياسي وعسكري. لإن قائد الإنقلاب في غزة يعلم علم اليقين، ان الأركان الإسرائيلية لديها التكتيك المضاد، ولديها القوة الجوية التدميرية، التي ستعمل على قلب الأرض سافلها عاليها، وغزة بجغرافيتها الضيقة، وجوع وحصار شعبها، لا يؤهلها على الصمود، وكونها إكتوت بثلاث حروب تدميرية دون نتائج سوى تلميع حركة الإنقللاب. والأهم وهو ما يعرفه ابو إبراهيم، ان القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية لا تريد تصفية حماس، بل تريدها حية وقوية، وتعمل على تلميعها بين الفينة والأخرى وعلى حساب دماء الشعب ودمار البنى التحتية في المحافظات الجنوبية، لإن وجودها مصلحة إستراتيجية إسرائيلية. وبالتالي إدعاء السنوار، لا يعدو اكثر من بضاعة فاسدة مسموح بها من قبل دولة العدو الإسرائيلي، أولا لتضخيم حماس وفي حال هاجمتها إسرائيل، يكون لديها ما تبرر به جرائم حربها امام العالم؛ ثانيا تعميم خطاب السنوار لدلالته السياسية، من حيث تأكيده على تمسكه بخيار الإمارة، ورفضه في نفس الوقت للمصالحة؛ ثالثا ويندرج في السياق تأكيده على الدور الإيراني الأهم في تعزيز قدرات حماس العسكرية. وهو ما يشير بشكل واضح هنا ايضا برفض حماس على الأرض إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية. لإن من يريد الإنتخابات لا يذهب للمنحى الخطير الذي ذهب إليه قائد الإنقلاب، بل يتبنى خطابا واقعيا يحمل فيه العدو الإسرائيلي المسؤولية عن كل الجرائم والنكبات، التي اصابت وتصيب الشعب، وانه لا يسعى للحرب، ويعمل من اجل الإنتخابات، وفتح الباب امام المصالحة، ولا يتغنى بدور إيران الفارسية، التي تشكل خطرا على فلسطين لا يقل خطورة عن دور إسرائيل الإستعمارية. لكن السنوار اراد إرسال رسائل لكل الدنيا واولها للقيادة الشرعية الفلسطينية، ويعملها برفضه للإنتخابات.

[email protected]
[email protected]