في شهر ميلاد النبي؛ صلى الله عليه وآله وسلم بقلم:سيد سليم
تاريخ النشر : 2019-11-07
في شهر ميلاد النبي؛ صلى الله عليه وآله وسلم بقلم:سيد سليم


في شهر ميلاد النبي؛ صلى الله عليه وآله وسلم

كلما هل علينا شهر ربيع الأول تزاحمت في صدورنا الخواطر وانبعثت في صدورنا الآمال نحو هدى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذى خاطبه الله بقوله: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (107، الانبياء) فعمم رسالته زمانا ومكانا، لتشمل كل من خلق وما خلق الله الى أن تقوم الساعة، وخاطبنا المولى ـ عز وجل ـ بقوله سبحانه: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} (128، التوبة) ونتبين حرصه علينا ورحمته ورأفته بنا في قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} (6، الأحزاب) فهل أدركنا ووعينا تلك الخصال الجميلة والفيوض العظيمة؟!.

إن من واجبنا أن نقابل حرصه علينا بحرصنا على اتباع هديه ومنهجه، ففي ذلك السعادة كل السعادة، وفى البعد الشقاء والضنك، يقول تعالى: {فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكرى فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}(123– 126 طه) و ها هو الضنك كاد أن يعم الناس جميعا، فكلما ازداد البعد، ازداد الضنك، وها نحن نجني ثمار البعد أشواكا وهذا وعد الله وسنته في كونه، لعل جراح الأشواك تنبهنا وتوقظنا، يقول تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون} (41 الروم) فلا خلاص إلا في الرجوع إلى الهدى بعزيمة صادقة، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

وحبيبنا ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قد اختاره الله إماما للأنبياء في عالم الذر قبل خلق الأبدان وحقق له تلك الإمامة الروحية عندما أخذ العهد والميثاق للإيمان برسالته والدعوة إليها على أرواح جميع الأنبياء.

وقد ساق الله إلينا هذا الخبر العظيم بقوله سبحانه وتعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أ أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين} (81 ـ آل عمران) وقد حقق الله له تلك الإمامة على الأرض أيضا في رحلة الإسراء عندما صلى إماما فى بيت المقدس بسادتنا الأنبياء والرسل ـ عليه وعليهم أفضل الصلاة وأتم السلام ـ ورزقنا الله حبهم.

ومعلوم أن كل فضل لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود من نفعه على أمته وبهذا صارت أمته ـ كما أخبر القرآن الكريم ـ خير الأمم فقد أرسل الله إليها خير رسول وأنزل إليها خير كتاب، يقول تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} (آل عمران،110) وواضح من الآية أن خيرية الأمة لها مواصفات لازمة تتمثل في ثلاثة شروط لابد من تحقيقها: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله، فإذا ما تخلت الأمة عن هذه الشروط وتلك المواصفات ذهبت خيريتها وقد ذاقت الأمة ما ذاقت بسبب عدم التزامها بخير الكتب وعدم اتباعها خير الرسل، ورحم الله أمير الشعراء عندما خاطب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً:

وما للمسلمين سواك حصن = إذا ما الضر مسهم ونابا

ولو سلكوا سبيلك كان حصناً = وكان من النحوس لهم حجابا

وباب الله مفتوح أبداً وكتابه العزيز عطاؤه مستمر وسنة نبيه متصلة والعبرة بالعمل واللجوء إليهما

لنكون أهلاً للرحمة وأتباعاً للرحمة المهداة؛ اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم أجمعين.