توقيع رواية على سكة الحجاز للكاتب الفلسطيني الراحل "جمال الحسيني"
تاريخ النشر : 2019-11-04
توقيع رواية على سكة الحجاز  للكاتب الفلسطيني الراحل "جمال الحسيني"


توقيع رواية على سكة الحجاز

الرابطة الأدبية - غزة

ضمن فعاليات "القدس عاصمة الثقافة عام 2019" نظمت وزارة الثقافة الفلسطينية ومركز العلم والثقافة، ومؤسسة إحياء التراث وتنمية الإبداع؛ حفل توقيع رواية "على سكة الحجاز" للكاتب الفلسطيني الراحل "جمال الحسيني"، التي تعد من أهم الأعمال الروائية الفلسطينية التي صدرت قبل عام 1948م، وذلك في قاعة مؤتمرات وزارة التربية والتعليم العالي، وحضر الحفل وكيل الوزارة الدُّكتور أنور البرعاوي، ورئيس المجلس الأعلى لإحياء التراث الأستاذ الدُّكتور كمال غنيم، والرِّوائي محمد عاطف، ووفد من الهيئة العليا لشؤون العشائر بالمحافظات الجنوبيَّة، ونخبة من الكتَّاب والأدباء والمثقَّفين والمهتمِّين.

وخلال كلمةٍ له، تحدث الدُّكتور البرعاوي حول أهمية المحافظة على الإرث الثَّقافي الفلسطيني بمكوناته الماديَّة والمعنويَّة، موضحًا أنَّه يُعد وثيقة طابو لإثبات حقوق الشَّعب الفلسطيني، وتفنيد المزاعم والأكاذيب الصّهيونيَّة، خاصةً في ظلِّ سياسات الاحتلال لطمس الهويَّة الفلسطينيَّة وسرقة التَّاريخ وتزيفه، مشددًا على أنَّ هذه المحاولات لن تنجح في إخفاء الحقيقية، طالما أنَّ هناك جيلًا فلسطينيًّا واعٍ متمسكًا بأرضه وحقوقه.

وأكدَّ البرعاوي أنَّ الوزارة تنطلق في عملها من فلسفة أنَّ الثَّقافة من أهمِّ أشكال النِّضال ضدّ الاحتلال ورفض وجوده، لافتًا إلى أنَّ الوزارة بصدد إطلاق عدَّة مشاريعٍ استراتيجيَّةٍ تُعنى بالشَّباب على وجه الخصوص؛ لإبراز إبداعاتهم وصقل مواهبهم؛ لتقدِّم للعالم صورةً مشرّفةً عن فلسطين.

ومن جهته دارت كلمة أ.د. كمال أحمد غنيم في ثلاثة محاور: عاصمة الثقافة، والمجلس الأعلى لإحياء التراث، ورواية "على سكة الحجاز". وبين أن فكرة عاصمة الثقافة الأوروبية نشأت عام 1983، وكانت أثينا هي أول حاملة للقب (أثينا مدينة الثقافة الأوروبية عام 1985). بينما نشأت فكرة عاصمة الثقافة العربية عام 1996، وكانت القاهرة هي أول حاملة للقب (القاهرة عاصمة الثقافة العربية 1996). ونشأت فكرة عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2001، وكانت مكة أول حاملة للقب (مكة عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2005). ونشأت فكرة عاصمة الثقافة الفلسطينية في 2017، وكانت النصيرات أول حاملة للقب(النصيرات عاصمة الثقافة الفلسطينية عام2018م). وبين أنه لما تم إعلان القدس عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2019، وبيت لحم عاصمة الثقافة العربية عام 2020، اعتمدت وزارة الثقافة (القدس وبيت لحم) عاصمتين للثقافة الفلسطينية على التوالي، على أن يتم اختيار عاصمة الثقافة الفلسطينية عام 2021 وفق معايير يتم إعدادها.

من جانبه أوضح الرِّوائي محمد عاطف أن رواية "على سكَّة الحجاز" تُعدُّ من أفضل الرِّوايات الفلسطينيِّة التي صدرت قبل النَّكبة، من حيث اقترابها من الواقع الفلسطيني المعيش وجرأتها في تناول موضوعًا حساسًا لم يجرؤ أحدٌ على الحديث فيه، وهو تسريب الأراضي الفلسطينيَّة إلى الجماعات الصّهيونيَّة.

وأشار إلى أنَّ الكاتب الحسيني ركَّز في روايته على البعد القومي في الصِّراع، والتَّعاضد بين عرب فلسطين مسلمين ومسيحيين، لافتًا إلى أنَّ الكاتب كان استشرافيًّا واعيًا لما خطّه من كلماتٍ ورسمه من أحداثٍ.

ومن الجدير بالذكر أن "جمال الحسيني" ولد في مدينة القدس المحتلَّة عام 1893، وتلقى تعليمه فيها، ودرس الطِّبَّ في الجامعة الأمريكيَّة في بيروت، وانخرط في العمل الوطني والسِّياسي في سنٍّ مبكرٍ، وشارك في العديد من الوفود؛ للتفاوض مع ممثلي الحكومة البريطانيَّة، وقاد عدَّة تظاهراتٍ في القدس ويافا، وانتدبه الحاج أمين الحسيني؛ لرئاسة الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر المائدة المستديرة في لندن عام 1939، واعتقلته قوات الانتداب البريطاني عدَّة مراتٍ كان أخرها في إيران أثناء الحرب العالميَّة الثَّانية، حيث حكم عليه بالسِّجن لمدة أربعة أعوام، بعد النَّكبة غادر فلسطين إلى مصر ومن ثمَّ إلى السعوديَّة حيث عيِّن مستشارًا للملك سعود وتوفي هناك في الرياض عام 1982، تاركًا خلفه العديد من المؤلفات أبرزها رواية "على سكَّة الحجاز" ورواية "ثريا"".

وتناولت رواية "على سكة الحجاز" كما بين أ.د. غنيم موضوع بيع الأراضي للشركات والمؤسسات والمنظمات اليهودية التي انتشرت في ظل انهيار الخلافة العثمانية. لكن موضوع بيع الأرض في الرواية كان مدخلا فقط لمعالجة موضوعات اجتماعية، ولم يكن الموضوع الرئيس فيهما.

شخصية "إميل بيك" شخصية سلبية، فقد باع قرية "ستة" لليهود، وشرد الفلاحين الذين كانوا يعملوا فيها، وكان قبلها قد اغتصب "أم غريبة" وساهم في قتلها عندما رفضت أن تخرج من بيتها والأرض التي تربت فيها، فما كان منه إلا أن هجم عليها مما أدى إلى موتها، فأصبحت "غربية" يتيمة الأب والأم، حيث أن "إميل بيك" لم يعترف بابنته لتربى في المدرسة الإسلامية في القدس وتنشأ على أنها مسلمة.

كان يزورها "أميل بيك" هناك، لكن لم تكن إدارة المدرسة تسمح له برؤيتها، فكان يضع لها بعض الهدايا، وهذا الأمر أيضا كان يقوم به "الشيخ محمد الحويطي".

 تكبر "غريبة" وتزور "ابن عمها أحمد " في حيفا اثناء العطلة التي تمنحها المدرسة للطالبات، وفي حيفا كانت الثورة مندلعة والصراع الفلسطيني اليهودي قائم، يعتدي مجموعة من اليهود على "إبراهيم" أثنا مرور "أحمد" الذي كان عائدا من عمله في سكة حديد حيفا، فيقوم بالتصدي لليهود ويخلص "إبراهيم" من بين أيديهم، لكنهم يطلقون عليه النار فيصيبونه في الفخذ، وهنا يرفض أن يذهب إلى المستشفى حتى لا يتعرض للمسائلة من قبل الانجليز لأنه أصيب بطلق ناري، وعندها سيتم قصله من عمله حسب القانون الانجليزي، فيتم علاجه في بيته،

وهناك يشاهد "غريبة" التي يعجب بجمالها، وتبدأ قصة حب بينهما، يحاول "إميل بيك" أن يضع العراقيل لأنه يعرف أن "غريبة" هي أخت "إبراهيم" لكنه لا يجرؤ على مصارحة ابنه بهذه الحقيقة المرة، رغم كل المحاولات التي نصبها "إميل بيك" تبقى العلاقة مستمرة، ويقرر "إبراهيم وغريبة" على الزواج، رغم عائق الدين،

وهنا يستعين "إميل بيك" بالشيخ "محمد الحويطي" الذي سكن في "جنين" بعد أن سلمت "ستة" لليهود، لكي يساعده على حل المشكلة، فلا يمكن أن يتم هذا الزواج، وهنا كان لا بد من مواجهة "إبراهيم" بالحقيقة المرة، وبعد أن يعرف أن "غريبة" أخته يذهب إلى البحر محاولا أن يتخلص من الخبر الذي وقع عليه، يتعمق في السباحة، يحاول "أحمد" أن ينقذه بعد أن أصابه الإرهاق، لكنه يصل متأخرا، فيقضي نحبه، وهناك يصاب "إميل بيك" بحالة من الجنون، فيعود إلى "ستة" وكأنه ما زال مالكها، حيث يعبث به أطفال اليهود على أنه رجل مجنون، يموت وهو بهذه الحال، وعندها يتزوج "أحمد وغريبة" وبهذا تنتهي الرواية.

ومن الواضح أن عنوان الرواية ارتبط ارتباطا جزئيا بمضمونها ذلك أن أحمد الواسطي يعمل في السكة المؤدية للحجاز.