الانتخابات ليس كل الحل بقلم:أشرف صالح
تاريخ النشر : 2019-10-22
الانتخابات ليس كل الحل بقلم:أشرف صالح


الانتخابات ليس كل الحل

أولاً, قبل إصدار مرسوم رئاسي من الرئيس بإجراء إنتخابات عامة , يحدد من خلاله الفارق الزمني بين الإنتخابات التشريعية والرئاسية , فلا أستطيع أن أتحدث عن جدية الإنتخابات , ولو إفترضنا أن الرئيس تنازل أن تكون الإنتخابات متزامنة كما تطلب حماس والفصائل , ولو إفترضنا أيضاً أن حماس ستتنازل وستوافق على مدة زمنية بين التشريعية والرئاسية , فهل إجراء الإنتخابات سيكون الحل لكل المشاكل , ومن ضمنها إنهاء الإنقسام؟  سؤال يجب وضعه في الحسبان , لأنه وبشكل عملي لا يمكن أن نقول أن الإنتخابات ستنهي الإنقسام الفلسطيني , ولكنها ستحدد من سيحكم كرأس هرم , سواء كان رئيساً , أو رئيس وزراء منبثق عن مجلس تشريعي , وفي حال فازت فتح في الرئاسة وحماس في البرلمان , أو العكس صحيح , فهذا في حد ذاته سيكون مشكلة في ظل الصراع على الصلاحيات .

عملياً أي حكومة أو رئيس منتخبين هما مكلفان بحل كل المشاكل بما فيها الإنقسام , لأن المسئولية هي تكليف وليس تشريف , ونلاحظ هنا أن هذه المهام تكلف بها  قبل ذلك  ثلاث حكومات وفشلت وبقي الإنقسام , وهما "حكومة تكنوقراط , وحكومة وفاق , وحكومة منظمة التحرير" , ولو تشكلت حكومة جديدة من مجلس تشريعي منتخب ستفشل إذا كانت غير قادرة على التناغم والتوافق والتقاسم بين الجميع , وأن تتعامل كحكومة مؤسساتية وليس حزبية , فمثلاً لو إفترضنا أن فتح فازت في التشريعي وشكلت حكومة , فهذا يعني أن تكون حكومة الكل الفلسطيني , وستتكفل بدفع رواتب 42 ألف موظف عينتهم حركة حماس بعد الإنقسام , كونهم جزء من النسيج الفلسطيني ,  بالإضافة الى دمجهم مع باقي الموظفين وفي جميع مؤسسات الدولة , وفي المقابل لو إفترضنا أن حماس فازت وشكلت حكومة جديدة , فهي ملزمة أن تدفع رواتب موظفين فتح وباقي الفصائل , بالإضافة الى دمجهم في المنظومة الأمنية والمؤسساتية التابعة لحماس في غزة ,  وهذا بالإضافة الى أن أي حكومة جديدة هي مكلفة بتشغيل العمال والخريجين , وتوفير الكهرباء والمياه والصحة والتعليم...إلخ , والأهم من ذلك فهي مكلفة أيضاً بتوحيد الضفة وغزة جغرافياً وسياسياً وعسكرياً وأمنياً وإقتصادياً وإجتماعياً .

لم تستطيع ثلاث حكومات متتالية , بالإضافة الى حكومة أمر واقع في غزة , أن توفر ما ذكرته في السياق , وهذا كان في ظل محاولات إنهاء الإنقسام , وإشراف المصريين , فهل تستطيع حكومة منتخبة أن توفر ذلك في ظل تنافس سياسي , بمعنى أن هناك إحتمالية أن يتخلى كل طرف عن الآخر ويترك له المسؤولية كاملة لإدارة البلاد , فمن المتوقع أنه إذا فازت فتح وأصبحت حكومة , أن ترفض حماس الدخول في حكومة وحدة وطنية وتترك المسئوليات كاملة على كاتق فتح , وأن تتصرف حماس كحزب معارض وتفعل ما تشاء كما كان يحدث في الزمن الماضي , والعكس صحيح ما إذا فازت حماس وأصبحت حكومة , فستتصرف فتح على هذا الأساس .

المطلوب سواء قبل الإنتخابات أو بعدها , "التوافق والتناغم والتقاسم والدمج والتوازي والتوازن" , دون ذلك فلن تكون الإنتخابات حل , بل إن هناك إحتمالية لزيادة المشاكل مع وجود تنافس سياسي بعد نتائج الإنتخابات , لأنه سيتحول الحاكم الى معارض والمعارض الى حاكم , بحسب قواعد اللعبة السياسية , وكون الإنتخابات حق قانوني ودستوري للشعب , فلن تتعامل معه أقطاب الصراع بجدية , والسبب أن قطبي الصراع "فتح وحماس" هم بالفعل يحكمون على الأرض .

محلل سياسي