النظام الطائفي اللبناني في مأزق بقلم:د. كاظم ناصر
تاريخ النشر : 2019-10-21
النظام الطائفي اللبناني في مأزق بقلم:د. كاظم ناصر


يستند النظام السياسي في لبنان على بيانات الإحصاء الرسمي الوحيد الذي أجري في عام 1932، وأظهر أن المسيحيين الموارنة هم أكثر طوائف لبنان من حيث السكان، وهو قائم على نظام طائفي جرى التوافق عليه بين الطوائف المسيحية والمسلمة عام 1943، وينصّ على ان يكون رئيس الدولة مسيحي ماروني، ورئيس مجلس النواب مسلم شيعي، ورئيس مجلس الوزراء مسلم سني، رغم ان الدستور اللبناني لا يتحدث عن دين أو طائفة، ولا ينص على مارونية رئيس الدولة، وشيعية رئيس مجلس النواب، وسنية رئيس مجلس الوزراء.
هذا النظام الطائفي الفاسد لم يتجدّد كفلسفة سياسية ونظام حكم منذ استقلال لبنان حتى الآن، ولا يمثل إرادة الشعب، وتهيمن عليه جهات دينية وعوائل إقطاعية مسيحية ومسلمة أفرزت نخبا أسّست أحزابا سياسية وميليشيات مسلحة خاصة بها، وتمكنت من بسط نفوذها الاقتصادي والسياسي وجمع ثروات ضخمة، واستغلت الطائفية وحقوق الطوائف للحصول على مشروعية شعبية للاستمرار في الحكم.
المشكلة ليست في الطوائف، بل في زعمائها الفاسدين تجار الطوائف والدين الذين يستغلون الشعب، ويملكون المال، وينشرون الفساد، ويدفعون المواطنين الذين يعانون من الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار والضرائب ونقص في الخدمات الرئيسية وأزمة نفايات إلى اليأس والتمرد على واقعهم المرير.
ولهذا فإن الحراك الشعبي اللبناني يمكن اعتباره انتفاضة جماهيرية مسيحية إسلامية على التركيبة السياسية الطائفية، لأنه يتّسم باللامركزية حيث ان خريطة الحراك تظهر انتشار المظاهرات في كل المناطق، وبمشاركة جميع الطوائف، وحضور العنصر النسائي بكثافة، وأن معظم المتظاهرين هم من الشباب والشابات الفقراء الذين يعبرون عن غضبهم لتردي الأوضاع، ويطالبون بإصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية وإعادة الأموال المنهوبة، ورحيل حكومة الحريري والطبقة السياسية الطائفية، ومحاربة الفساد، واجراء انتخابات برلمانية عابرة للطوائف تمكن الشعب من سحب الثقة من النواب الذين منحهم أصواته في الانتخابات النيابية التي أجريت العام الماضي.
الشعب اللبناني كسر حاجز الخوف، ونزل إلى الشارع بكل طوائفه للمطالبة بحقوقه، وانتقد السياسيين المسيحيين والمسلمين بصوت عال وبأسمائهم، وللمرة الأولى في تاريخ لبنان يجد زعماء الطوائف أنفسهم في مواجهة الجماهير اللبنانية المتحدة، التي نتمنى لها النجاح في احداث تغييرات سياسية وثقافية هامة تؤدي إلى إلغاء النظام الطائفي وإقامة دولة قانون ديموقراطية تلغي المحاصصة الطائفية، وتنهي عهد تجار الطوائف والدين.