أنا و من بعدي الطوفان، و بداية النهاية بقلم : جمال ربيع أبو نحل
تاريخ النشر : 2019-10-21
أنا و من بعدي الطوفان، و بداية النهاية بقلم : جمال ربيع أبو نحل


أنا و من بعدي الطوفان، ، و بداية النهاية

بقلم : جمال ربيع أبو نحل

بين  زوجة الملك الفرنسي لويس الخامس عشر أو عشيقته مدام دى بومبادور تنحصر المقولة الشهيرة " أنا  و من بعدي الطوفان " ، و الأرجح أنها تعود لمدام دى بومبادور  حيث قالتها بعد معركة سوبارخ. في منهج بشع يتنكر حتى للأقربين و يعلى المصلحة الذاتية فوق أي مصلحة،  أنا و ليبتلع البحر أيا كان من بعدي ، المهم أن أكون أنا و بأي ثمن ، و كأنها جاءت تلك المقولة لتتقاطع  مع مبدأ  ميكافيللى " الغاية تبرر الوسيلة " ، في كتابه الأمير و الذي  وضع القاعدة الأولى  للفاسدين و المتعطشين  للسلطة لإطلاق العنان لرغباتهم  و شهواتهم لإستخدام كل الأساليب الخبيثة و اللاأخلاقية للوصول إلى السلطة.

  نيكولا  ميكافيللى  آمن في بداية  حياته   بسافونا رولا في  فلورنسا معتمدا الفضيلة كمنهج عمل  سرعان ما انقلب على تلك المبادئ و اعتمد عكسها تماما كمرشد له منظرا لنظريته الجديدة  ، حيث لا حدود أخلاقية او إنسانية لتحقيق مطامع الذات مع عدم الاكتراث بمصالح الآخرين أو الجماعة  بذلك تكاملت  مدام دى  بومبادور مع  ميكافيللى.

   و لم يجد العديد من الطامحين و الطامعين في السلطة  أي غضاضة بالسير على طريق الميكافلية في تحقيق أهدافهم ، هذا من جهة،  أما من جهة أخرى فلقد وفرت لهم مدام دى بومبادور  ، إعطاء الضمير إن وجد استراحة أبدية حتى لا يعود يوما مؤنبا صاحبه،  حيث الانا هي صاحبة السيادة و ما دونها فالطوفان أولى به.

و لكن يبقى السؤال و الذى يطرح نفسه باستمرار  . هل يحق للمرء أن يسلك  تلك الوسائل من البحث عن تحقيق الذات و لو بأبشع الطرق ، و أكثرها دونية.  و هل تحقق تلك الوسائل الاستقرار و الطمأنينة  و النجاح؟  و هل من الممكن أن يساهم من وصل إلى السلطة بالغش و الخداع و الرشاوي في احداث نهضة في  المجتمع،  ام أنهم سيكونون حجر عثرة في البناء و رقي المجتمع .

تلك الوقائع تؤكد أنه وإنهم إن كانوا أفرادا أو تكتلات صغيرة أو كبيرة سيبقى همهم الوحيد و الأوحد هو مصالحهم الشخصية الضيقة و أن تلك التحالفات المبينة على الاستغلال و الفساد الأخلاقي  مصيرها الانهيار و الزوال.

و أن الصعود السريع بعيدا  عن القيم و المبادئ  الإنسانية  السامية ، هو بمثابة الصعود نحو الهاوية  و  يعنى بداية النهاية.  و أن الظلم و الظلام و الاستبداد و الديكتاتوريات و إن طال أمدها فهي إلي  زوال.