الجديد في استهداف الأقصى بقلم:أ.عادل شديد
تاريخ النشر : 2019-10-20
الجديد في استهداف الأقصى بقلم:أ.عادل شديد


الجديد في استهداف الأقصى

تصاعدت في الآونة  الاخيره عمليات الاقتحام اليهودية للمسجد  للأقصى ، بالتزامن مع الأعياد اليهودية ، وازدادت أعداد المستوطنين المتشددين الذي يقتحمون الاقصى ، بمشاركة وزراء ورؤساء لجان وأعضاء كنيست ،بحماية الشرطة الإسرائيلية ، ولوحظت زيادة في أعداد المستوطنين الذين ينجزون عقود قرانهم في الاقصى،  وفي الذين يزورون المسجد الاقصى إثناء الزفاف بحجة مباركة زواجهم  ،وقد قدرت سلطات الاحتلال أن مجموع المستوطنين الذين يقتحمون الاقصى في يوم واحد يتجاوز مجموع الذين اقتحموه طيلة عام كامل في سنوات الثمانينات من القرن الماضي ،وكانت صحيفة مكور ريشون الإسرائيلية قد نشرت في يناير الماضي أن عدد المستوطنين الذين يقتحمون المسجد الاقصى قد تضاعف ستة مرات في العقد الأخير ، منذ عودة بنيامين نتنياهو للحكم  في العام (2009) ، الذي سجل فيه اقتحام (5658) مستوطن في ذلك العام ، ليصل عددهم بالعام الماضي  إلى (35695) ،وكانت إسرائيل  قد شجعت عمليات الاقتحام  عبر السماح بدخول المستوطنين خمسة أيام أسبوعيا ولمدة أربع ساعة ونصف يوميا والذي يأتي في سياق التقسيم ألزماني للمسجد الاقصى بين المسلمين واليهود ، للوصول لحالة من التكيف والتطبيع مع الواقع المفروض إسرائيليا،  والتي تطورت في الآونة  الاخيره بالسماح لهم  بأداء الصلوات التلمودية في ساحات الاقصى ، وخاصة قبالة قبة الصخرة المشرفة.

الأخطر كان في تصريح وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي الليكودي جلعاد أردان ،الذي أعلن صراحة أن الحكومة الإسرائيلية ستبدأ قريبا  بإتاحة ما اسماه حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لليهود في المسجد الاقصى ، وأضاف أن الوضع القائم أوشك على النهاية وان حكومته ستعيد فرض سيادتها اليهودية على الاقصى ، تنفيذا لقانون  القومية اليهودية ، واعتراف الرئيس الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل ، وأضاف أردان أن حكومته ستلغي  ما يتعلق بالوصاية والرعاية الأردنية على المقدسات من اتفاقية وادي عربه بين إسرائيل والأردن والتي تمر هذه الأيام الذكرى الخامس والعشرين على توقيعها ، والتي بقيت في أطار الاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية بين الدولتين ، فيما تزداد المطالبات الأردنية بإلغاء الاتفاقية يوما بعد يوم ، والتي ازدادت في السنوات الماضية بعد التوترات التي سادت العلاقة بين الطرفين بسبب سياسات إسرائيل في المنطقة ولا سيما ما يحدث في المسجد الاقصى وشعور الأردن بالحرج  والاهانة جراء الاستهداف الإسرائيلي المتعمد .

لم تقف الأمور عند تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي ، فقد أعلن رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي ، والرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي العام (الشاباك ) ، الليكودي افي ديختر أن هنالك معلومات خطيرة حول نية مجموعات إرهابية يهودية لتفجير الاقصى سواء بإطلاق صواريخ أو طائرات مفخخة ، حيث يطرح ديختر مواجهتها عبر تقسيم المسجد الاقصى لإرضاء  المستوطنين المتشددين  ، وكأن افي ديختر يقول انه أما أن تقبلوا بتقسيم المسجد الاقصى بين المسلمين واليهود ، وإما انتظروا تفجيره ، ولا يخفى على احد ان احتمالات هدم المسجد الاقصى تزداد يوما عن يوما ، بسبب التحولات ا لاجتماعية والسياسية والديمغرافية في المجتمع اليهودي ، والتي أدت إلى زيادة تيار الصهيونية الدينية القومية المؤمنة بهدم المسجد الاقصى لإعادة بناء الهيكل المزعوم ، وخاصة أن الكثيرين من مؤيدي هذا التيار المتشدد هم أعضاء في حزب الليكود بزعامة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو .

تتبنى التيارات الصهيونية الدينية المسماة جماعات الهيكل إستراتيجية من ثلاث مراحل أعلن عنها يهودا غليك احد قادة تلك الجماعات  ، وانتهت المرحلة الأولى منها ، وهي زيادة عدد المستوطنين الذين يقتحمون الاقصى ، تليها الثانية  بالسماح لهم بالصلاة وأوشكت على نهايتها  ، وأصبحت امرا عاديا حيث تقبل الرأي العام الفلسطيني والعربي مشاهدة المئات من المستوطنين يوميا وهم يقتحمون الاقصى ويصلون ويرقصون هناك ، ولم يعد المشهد قادر على إثارة وتحريك الجماهير  ، وصولا للمرحلة الاخيره المتمثلة بهدم الاقصى وبناء الهيكل المزعوم ، اعتقادا من إسرائيل أنها قادرة على احتواء ردة الفعل الفلسطينية والعربية سواء الميدانية أو السياسية.

وفي ذات السياق تعمل إسرائيل على تحطيم كل المؤسسات والأطر العاملة في القدس ، لإنجاح مشروعها لتهويد القدس وضرب الوجود الفلسطيني فيها ، وإلغاء الوضع القائم في المسجد الاقصى كما يحدث حاليا ، وما اعتقال وملاحقة محافظ القدس عدنان غيث  وقادة مؤسسات السلطة إلا جزء من مشروع تفتيت  المؤسسات في القدس ، وملاحقة المرابطين والمرابطات لتمرير مخططات القدس والأقصى ، خاصة بعد أن تم حظر الحركة الإسلامية ( الجناح الشمالي )في أراضي فلسطين عام 1948 ، بسبب نشاطاتهم وبرامجهم التي ترمي لحماية المسجد الاقصى ومواجهة عمليات التهويد ، وكان وزير الخارجية الإسرائيلي الليكودي أيضا إسرائيل كاتس قد أعطى تعليمات لأطقم وزارة الخارجية لإعداد خطة شاملة لمواجهة ما اسماه النفوذ التركي في القدس والمسجد الاقصى ، ومنع دخول أفراد مؤسسات إغاثة تركية للمناطق الفلسطينية بحجة دعمها للقدس والأقصى وإعاقتها المشروع الصهيوني في الاقصى ، ومن ضمن الإجراءات التي تنوي وزارة الخارجية الإسرائيلية تنفيذها الإعلان عن حركة الإخوان المسلمين العالمية حركة محظورة وممنوع دخول أعضائها بحجة انتماء حزب العدالة والتنمية التركية للجماعة .

زيادة نفوذ  الجماعات الصهيونية الدينية  في مؤسسات الحكومة الإسرائيلية الأمنية والعسكرية والقضائية والشرطية ، سيخلق واقع أكثر تطرف  ،وتبني مواقف تنسجم مع رؤى اليمين المتطرف ، بضم الضفة وتهويد القدس ، وان إسرائيل تخطط للتصعيد  لتمرير تغييرات كبيره وخطيرة  ستغير المشهد برمته خاصة في المسجد الاقصى ، وان مطالبة  رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست أفي ديختر قبل أيام  من الشرطة الإسرائيلية الدخول للمسجد الاقصى وفرض  السيادة ، وعدم الخروج منه بحجة قيام  الفلسطينيين وموظفي الأوقاف بتخزين السلاح والمواد القتالية داخل  المسجد الاقصى ، وهذا يكشف نية إسرائيل  لعمل كبير تستغله لتمرير المشروع  كما حدث قبل ربع قرن حين استغلت إسرائيل مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل من قبل المجرم باروخ غولدشتاين واستغلت ذلك لتقسيم الحرم الإبراهيمي بين اليهود والمسلمين  ، وخاصة أن قوى اليمين الديني والعلماني بما فيهم قادة من حزب العمل  باتوا مجمعين  على ضرورة تنفيذ ما يسمى بالمخطط الإلهي اتجاه الهيكل،وكان رئيس الكنيست الإسرائيلي السابق أبراهام بورغ قد قال أن هدم المسجد الأقصى بالنسبة له أصبح مسألة زمن فقط  ، وخاصة أن قوى اليمين  مستفيدة أيضا في النقاش والصراع  الحزب الداخلي من أي تصعيد حول المسجد الأقصى المبارك أمام ما تبقى من قوى وسط ، حيث تشعر إسرائيل أن المرحلة الحالية الأفضل لها لإنجاح مشروعها في ظل الوضع العربي والفلسطيني السيئ .