التعليم في فلسطين وأسباب العزوف عنه بقلم:بشير شرحه
تاريخ النشر : 2019-10-18
ببطئ ولكن بثبات، مثلما تحول حرارة الصيف أوراق الربيع لأشلاء هشة وجافة وصلبة بعدما كانت خضراء يانعة وقوية، تحولت القيم الإنسانية والأخلاقية في مجتمعي، فبعدما كان التعليم غاية لكل فرد من المجتمع ووسيلة للمقارنة بين الأفراد، بات التعليم كعادة غير فارقة لدى نسبة مرتفعة من المجتمع، بل طال الأمر ليصبح التعليم كمرحلة عبورية لتمضية سنين من أعمار البعض من الطلاب لا أكثر، إن ذلك كله حدث لعديد من الأسباب، والتي نعتبر جميعا شركاء فيها بنسبة او بأخرى.

مما لا شك فيه أن المسؤولية في التعليم تقع في الدرجة الأولى على كاهل الأسرة، حيث انها تعتبر الحاضنة الأولى للطفل، فالطفل حتما سيسير على نهج من سبقه، وعلى ما تعلمه من قيم ومبادئ في أسرته، ومن هنا فإن العائلة تعتبر المسؤول الأول عن غرس بذرة التعلم في أبمها، فإن انعدم ذلك الغرس، فلن ينبت في روح الطفل حب التعلم والتعليم بتاتا.

أما الجزء الثاني من المسؤولية فيقع على عاتق المجتمع وثقافته، فإن كان المجتمع لا يخلق لابناءه بيئة شعارها العلم والتعلم، فلن يخرج جيلا لديه نية التعلم أطلاقا، فمن طبع البشر التقليد لكل ما يرونه، دون التفكير او التدبر ولو بلحظة بعاقبته.

ولعل من الأسباب الأخرى للعزوف عن التعلم من قبل ابناء المجتمع الفلسطيني، الواقع الفلسطيني بحد ذاته، والذي يتمحور في عدة نقاط.

فمن المؤكد بأن ارتفاع نسبة البطالة وشح الوظائف في المجتمع الفلسطيني، يعتبر من أبرز أسباب عزوف الشباب الفلسطيني عن التعلم، فرؤية الطالب الفلسطيني للكثير من نماذج المتعلمين من قبله يعملون في غير اختصاصهم، أو يبقون دون عمل، يخلق بداخله ادراكا حتميا بأن مصيره ومستقبله سيكون مثلهم، ليجعله في نهاية المطاف يعزف عن التعلم.

وفي ذات السياق فإن تفشي الفساد في العديد من مؤسسات الدولة يعتبر أيضا من أسباب عزوف الشباب الفلسطيني عن التعلم، فالواسطة والمحسوبية التي يغتنى بها البعض بعد حصوله على وظيفة، تخلق لدى من ليس لديه واسطة أو طريق للالتحاق بالسلك الوظيفي، شعورا بعدم أهمية التعليم، مما يدفعه في نهاية الأمر للعزوف عن التعلم، وانحساره في مستنقع المضي والتماشي مع الواقع.

ومن جهة أخرى يعتبر الاحتلال شريكا في أسباب عزوف الشباب الفلسطيني عن التعلم، فمنع الاحتلال للبعض من السفرمن أجل التعلم، واعتقاله للطلبة الجامعيين، يعتبر مولدا آخر لإنبات كره التعلم في نفوس البعض.

كما أن محدودية الدخل الفسطيني، وانحسار الرواتب في مبالغ لا تكفي للحصول على ادنى مستويات الرفاهية، بجانب ارتفاع المستوى المعيشي، في المجتمع الفلسطيني يجعل البعض يسعى لسلك طريقا آخر بعيدا عن التعلم ليعيش في مستوى حياة يلائمه مع متطلبات الحياة.

في نهاية الأمر إن أسباب العزوف عن التعلم كثيرة ومتفاوتة وتختلف من فرد لآخر في المجتمع، إلا انها تعتبر كآفة بدأت بالانتشار في مجتمعما ووجب علينا مكافحتها، من خلال ايجاد أسباب تخلق الرغبة لدى الطفل والشاب الفلسطيني بالتعليم والتعلم، للنهض بوططنا ونعيد للتعليم قيمته...

بشير شرحه