السينما : تاريخ القرن العشرين بقلم: د. فتحي عبد العزيز محمد
تاريخ النشر : 2019-10-18
السينما : تاريخ القرن العشرين بقلم: د. فتحي عبد العزيز محمد


السينما : تاريخ القرن العشرين
د. فتحي عبد العزيز محمد
*******************
تتابع الحضور علي صالون الأستاذ الدكتور محمد عفيفي في حلقته الثانية الأحد 13-10-2019 بشكل كثيف ويمكن أن يعزو الأمر إلي مايمثله فكر الرجل من قيمة فيما يطرح من موضوعات لها قيمتها وخاصة موضوع هذا اللقاء فكل الحضور له ولع خاص بالجانبين معا السينما والتاريخ ولا جدال أن العلاقة بين الجانبين تحتاج لدراسات عدة لتشعب موضوعات تلك العلاقة وخطورتها في تقديم التاريخ بشكل جديد ومختلف فالتاريخ المرئي وهو ما نشاهده في كل وسائل الإعلام من سينما وتليفزيون وغيره أقوي وأسرع تأثيرا من التاريخ السردي كما أن الأول يصل إلي أعداد كبيرة من المتلقين وبمقارنة سريعة لأعداد من قرأوا كتاب عن شخصية تاريخية ما مثل سبارتاكوس ومن شاهدوا فيلما عنه نجد الفرق هائلا . غير أن ما هالني علي الرغم من إطلاعي علي عديد الكتب التي كتبت عن العلاقة بين السينما والتاريخ هو موضوع اللقاء فهو وليس كالعادة عن علاقة صناع الفيلم بالمؤرخ أو الحديث عن كيف يتعامل الفن السابع مع التاريخ أو الحديث عن الأفلام التاريخية وتعريفها ومدي الصدق فيها كما عودتنا المؤرخة والناقدة السينمائية الكسندر فون تانزلمان في مقالاتها بالجارديان أو حتى الحديث عن الفيلم التسجيلي أو فيلم السيرة الذاتية أو الدراما التاريخية وإنما كان الغريب هو الحديث عن الفيلم الدرامي العادي وما يمثله من قيمة وثائقية وكانت تلك زاوية جديدة للرؤية وهي رؤية أصيلة ومبتكرة أضافت لي وأزعم للحضور شغفا لولوج باب معرفة جديد.
قدمت السينما المصرية أفلاما درامية ناجحة منذ بداية القرن الماضي ولأنها في البداية كانت تصور في البلاتوهات فإنها لم تقدم صورة للحياة في مصر إلا عندما خرجت الكاميرا إلي التصوير الخارجي لتنقل مشاهد من الشارع المصري وخاصة مدينة القاهرة وبالرجوع إلي تلك المشاهد يمكن القول أنها مشاهد وثائقية سجلت عن غير قصد الحياة اليومية للناس علي مدار القرن العشرين فتري العمران ومعالم القاهرة عبر فترات مختلفة وتري وسائل المواصلات وأزياء الناس والأسواق ووسط البلد بدا هذا واضحا في فيلم حياة أو موت ليوسف بك وهبي وعماد حمدي المقيم بدير النحاس وكيف دارت الكاميرا بشوارع القاهرة وابنة البطل تحمل الدواء الذي فيه سم قاتل وركوبها وسيلة مواصلات انقرضت مثل الترامواي بالفعل تمثل اللقطات الخارجية وثائق مرئية يمكن الاعتماد عليها تاريخيا كما قدم الأساتذة الدكاترة محمد عفيفي وأيمن فواد السيد وعماد الدين ابوغازي والأستاذ الجليل المصور سعيد الشيمي.
الذي قدم فيلما كان قد قام بتصويره بعنوان البطيخة من إخراج محمد خان عام 1972 وهو يمثل شخص نعرف أنه موظف من أبناء الطبقة الوسطي تطن في أذنيه مطالب الأسرة واحتياجاتها مع طنين الالة الكاتبة في المؤسسة التي يعمل بها لكنه لم يتمكن بحكم امكانياته من تلبية أي من المطالب سوي شراء بطيخة ليعود بها عبر طريق طويل وركوب مواصلة او اكثر إلي البيت والمهم هنا ما توثقه الكاميرا عبر لقطات مقصودة لطبيعة الحياة في القاهرة من أسواق ونداءات الباعة وما نراه من إعلانات كلها تنقل شكل الحياة والرجل يمضي والمشاهد يخشي علي مايحمله ان يقع في الزحام أو الأرصفة المتهدمة قد ترطمه بيد أنه ينجح في الوصول لتوضع البطيخة في الثلاجة التي كانت من أهم ما يتباهي به ابناء الطبقة المتوسطة في تلك الأيام. شكل الحياة إذن في أفلام الدراما هو تاريخ الأن ..رؤية جديدة تريح رؤؤسنا من صداع الصراع بين صناع الفيلم والمؤرخ فقد ضاق صدر بعض المخرجين من المؤرخين واتهموهم بأنهم ليسوا أوصياء علي التاريخ إلي الحد الذي دفع مخرج الكاس المقدسة إلي قتل المؤرخ في مشهد ساخر حول تاريخ العصور الوسطي تناولت الندوة نقاطا أخري بلمسات سريعة تدل علي مدي شغف المنصة والحضور بالسينما أو التاريخ من الجانبين أهل السينما وأهل التاريخ العلاقة قوية والهدف القاء مزيد من الضوء علي مدي نجاح السينما في الإضافة إلي التاريخ رغم اعتمادها الكبير عليه بعيدا عن الرواية الدرامية وفي قلب العمل التاريخي وذلك موضوع آخر.