فوز قيس سعيّد بالرئاسة التونسية نصر للديموقراطية في الوطن العربي بقلم:د. كاظم ناصر
تاريخ النشر : 2019-10-18
فوز قيس سعيّد بالرئاسة التونسية نصر للديموقراطية في الوطن العربي  بقلم:د. كاظم ناصر


فوز المرشح المستقل أستاذ القانون الدولي قيس سعيّد في الدور الثاني لانتخابات الرئاسة التونسية من دون أن يمتلك إمكانيات مادية تمكّنه من تمويل حملة انتخابات طنّانة رنانة مكلفة، وبدون جهود " لوبيات " ومراكز أبحاث وارتباطات حزبية ولافتات عملاقة داعمة لحملته الانتخابية، يؤكد عظمة ووعي الشعب التونسي وفهمه لثقافة الديموقراطية ويبشّر بمستقبل أفضل لتونس، ويمكن اعتباره سابقة تثبت قدرة الانسان العربي على اختيار ممثّليه الحقيقيين إذا سمح له بالمشاركة في انتخابات حرّة نزيهة، وسيكون له انعكاساته الإيجابية على مستقبل الديموقراطية في الوطن العربي.
قيس سعيد اختار عبارة " الشعب يريد " شعارا لحملته الانتخابية لتلخّص إيمانه بأهداف ثورة 2011 التي قام بها الشعب التونسي ضدّ منظومة سياسية حكمت البلاد لعقود عدّة، وكان من نتائجها استمرار التسلط والاستبداد وانتشار الفساد والفاسدين؛ وحصل على76.9 % من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وعلى 90% من أصوات الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و 25 سنة ويعانون من البطالة والفقر والاستبداد، لأنه كان صادقا ومعبّرا عن آلام وطماحات التونسيين عندما قال خلال حملته الانتخابية " أنا لا أبيع الوهم للشعب التونسي، وبرنامجي الذي أعلنته واضحا، وهو ان الشعب مصدر السلطات، والدستور يجب أن يكون قاعديا، ولا توجد ما تسمى دولة مدنيّة ولا دينيّة." ويرى ان السلطة " ستكون بيد الشعب الذي يقرّر مصيره ويسطّر خياراته." وقال للتونسيين بعد فوزه " نحن بحاجة إلى تجديد الثقة بين الحاكم والمحكومين " وهو محق في ذلك لأن الثقة بين الحكام والمحكومين في الدول العربية معدومة، وقائمة على التخويف والخداع والكذب والنفاق.
وعلى الصعيد العربي أعلن سعيد بأن القضية الفلسطينية ستكون ضمن أولوياته واعتبر ان مشكلة العرب ليست مع اليهود بل مع الصهاينة، وإن التطبيع مع إسرائيل خيانة عظمى، وتعهد بعدم السماح لحاملي جوازات السفر الإسرائيلية بدخول تونس؛ هذه التصريحات دليل على ان الرئيس الجديد مصمّم على إعادة تونس للمربّع العربي، وانه لا ينوي الارتماء في أحضان الصهاينة كما فعل بعض الحكام العرب.
انتخاب سعيّد الأستاذ الجامعي المثقف الضليع في اللغة العربية والقادر على قراءة الوضع العربي وفهم أولوياته وتعقيداته، يؤكد ان ممارسات الأنظمة الدكتاتورية القمعية العربية التي تحارب التغيير وتحاول إجهاض الحركات الجماهيرية العربية المطالبة بالديموقراطية والحرية والعدالة قد فشلت في تونس وستفشل في الدول العربية الأخرى، وان وجوده سعيّد في اجتماعات ومؤتمرات قمم القادة العرب الدكتاتوريين التي تنقلها محطات التلفزة سيكون إهانة كبيرة لهم، ويمكّن أبناء الشعب العربي لأول مرّة من المقارنة وتبين الفرق بين نمط تفكير وخطاب أشباه الأميين أعداء الشعب من القادة العرب، ونمط تفكير وخطاب المثقفين الذين يحترمون إرادة الشعب ويستطيعون خدمة الوطن والمواطن.