التحصين المناعي للمرأة العربية بقلم: د.عادل عامر
تاريخ النشر : 2019-10-17
التحصين المناعي للمرأة العربية بقلم: د.عادل عامر


التحصين المناعي للمرأة العربية

الدكتور عادل عامر

في القديم كانوا يعتبرونها شيطاناً، نحساً ومدعاة للشؤم وغضباً من الآلهة، قدماء العرب اعتبروها عاراً لابد وأن يوارى التراب بسرعة، لكن الأمور تطورت قليلاً بعد ذلك، حيث أصبحوا يعتبرونها أداة لتفريغ الكبت، وآلة متعة، ومجرد وسيلة وجدت لترضي شهوات غيرها، من هي؟ ....... أمي وأمك، أختي وأختك، ابنتي وابنتك، انها المرأة، أكثر من نصف المجتمع، لأن مصطلح "نصف المجتمع" فيه ظلماً لها، فهي التي تحمل، تتألم، تلد، ترضع، تسهر، تربي، فهل هذا فقط نصف؟ ماذا نفعل نحن الرجال مقابل ذلك؟

 نأكل وننام ونمارس الجنس ونبقى خارج البيت غالب النهار ونحضر النقود فقط، فهل في بنية المجتمع نعادل ما تنتجه النساء؟

 انهن من صنعنا نحن الرجال، هل منا من ولده رجل أو أرضعه رجل أو رباه رجل؟ لا، فكيف إذا المرأة نصف المجتمع؟ انها أكثر.

 أما إذا قبلنا مجازاً بأننا مسلمون (فنحن حسب اعتقادي الشخصي والذي لا ألزم به أحد، لا نحمل من الاسلام غير الاسم والهيكل) فان النبي قال "أمك، أمك، أمك ثم أبوك" فالنصيب الأكبر للأم، هي ثلاثة أرباع المجتمع حسب الحديث الشريف.

في جميع المجتمعات العربية، وبنسب متفاوتة، المرأة حتى هذه اللحظة مهانة، رغم قدوم الاسلام الذي حررها من كثير من القيود، ورغم التطور المهول في العلوم والتكنولوجيا، فهي لا تأخذ حظها من الرعاية والقبول والاهتمام كالرجل منذ لحظة الميلاد،

 كما وتكبل بعد انتهاء مرحلة الطفولة بالكثير من القيود التي تطمس شخصيتها وتمسح كيانها وتلغي وجودها، هل يعقل أنه حتى هذا العهد الغالبية من الفتيات لا رأي لهن في صفقات بيعهن، عفواً أقصد زواجهن؟

هل يعقل أن تضرب المرأة حتى اليوم؟ هل يعقل أن تبقى المرأة تعامل كجارية حتى اليوم؟ هل يعقل أن تستغل المرأة أبشع استغلال (خاصة الموظفات منهن) حتى اللحظة؟

هل يعقل أنه حتى اللحظة تعاقب المرأة على ذنوب لم ترتكبها؟ هل وهل و..... وهل، انني أجزم بأن أفضل النساء عندنا حالاً مهانة.

هذا وتطالعنا العديد من الصحف والمجلات والمواقع، زيادة على الواقع الذي نعيشه بأنفسنا، عن جرائم تقترف بحق النساء اللائي قال عنهن الرسول الأمين "رفقاً بالقوارير"، فبعد أن تغتصب الفتاة تقتل بحجة مسح العار، أي أنها أصبحت ضحية من اغتصبها وبعد ذلك ضحية أهلها،

 ان وجود مثل من يفكر بتلك الطريقة لغاية اليوم هو العار بعينه، وقتله للضحية يدل على وجود تخلف جيني وجبن أخلاقي وضعف عقلي لديه، لأنه بذلك يهرب ولا يواجه ولا يمارس قوته الا على الضعيف، وهذه من صفات الأنذال منحطي الأخلاق.

مازالت المرأة حتى اليوم تهان ان أنجبت اناثاً فقط أو ان أكثرت من إنجاب الاناث ولم تنجب الذكر (حامي حما العرب وصائن مجدها ومحررها من التخلف) وفي ذلك اعتراض صريح صارخ لا يقبل التأويل على الله تعالى، حيث قال بوضوح في بعض آيات القرآن المحكم التنزيل "يهب لمن يشاء ذكوراً"، "يهب لمن يشاء اناثاً"، "يزوجهم ذكراناً واناثاً "، "يجعل من يشاء عقيماً"، ثم نصوم رمضان بعد هذا الاعتراض المنحط الوضيع على حكم الله تعالى، فأي صيام هذا الذي يقبل منا؟ وهل هو صيام أم جوع فقط؟ في غالبية دول بني يعرب لا ترث المرأة أو يتم التلاعب في الحصص ليأكلوا عليها ميراثها وحقها الشرعي، ويقرؤون القرآن، أي قرآن هذا الذي تقرؤون؟ حتى اليوم الغالبية العظمى من النساء العربيات يضربن على أيدي أزواجهن، ولا يستشرن ولا يقبل لهن رأي، ولا يحق لهن الاعتراض على أي شيء، يتم توقيفها عن الدراسة ليكمل أخوها تعليمه.

 الحديث في هذا الموضوع يطول ويطول، وما أن تنتهي من جزء الا وتدخل جزءً آخراً من المسلسل المشؤوم دون شعور، العديد من النساء يلجأن بعد الاعتداء عليهن لبعض المؤسسات، لكن تلك المؤسسات ليست لها القدرة على تحمل آلام نساء شعب كامل، بل هي تحاول حل بعض المشاكل وبشكل فردي لحالات معينة حسب امكانياتها.

 هذا وإذا تجرأت امرأة ولجأت للشرطة فان أول من سيحتقرها وينظر لها نظرة النشاز هو نفس من سيسجل شكواها من الشرطة، وحل مشكلتها لن يتم الا بالمصالحة (تهرب من المسؤولية) مع زوجها أو تعهد منه بعد مسها، لكنه فور الوصول الى البيت يكون أول منتقم منها، أما ان لجأت لأهلها فالمصيبة أعظم، حيث أن والدها بعد أن باعها، عفواً، أقصد زوجها، فهو يعتبر أنها انتهت بالنسبة له، ويقوم بدس أمها لتعقلها

وتعيدها الى رشدها وتعود لزوجها البطل، وهنا تكتمل أبعاد المأساة، فلا المؤسسات قادرة، وعجز قانوني، والأهل ظلمة، فما الحل يا ترى؟ الحل ذو جوانب متعددة:

• الجانب الأول منه تشريعي قانوني، أي أنه لابد للمجلس التشريعي الذي نصب أعضاؤه أنفسهم نواب للأبد علينا، لابد عليهم من سن قانون اجتماعي حضاري وعصري يحمي جميع الفئات الاجتماعية من الظلم وخاصة المرأة، وأن يقر عقوبات واضحة على من يعتدي على أي امرأة مهما كانت صلة قرابته منها، فالزوجة ليست قطعة قماش ولا علبة كبريت، انها كائن حي بكامل الحقوق.

• الجانب الثاني يتركز في الجمعيات النسوية، يجب على جميع الجمعيات النسوية أن تنهض بالدور الذي يفترض وأن تقوم به وهو اعداد مسودات قوانين حول هذه القضايا ومطالبة التشريعي بإقرارها،

 أي تحريك المواضيع، وتشكيل جماعات الضغط وتفعيل الدور الاعلامي لهذه القضايا، هذا الأمر أهم ألف مليون مرة من طرح موضوع " أن تأخذ المرأة حقها مثل الرجل في الميراث " وأهم من البحث في وصول المرأة لدائرة صنع القرار،

 أريحوا أنفسكم، فهي لا تأخذ شيئاً من الأساس، ولن تصل لموقع، وكيف تصل وهي لا تجد الحد الأدنى من مطالبها؟ على تلك الجمعيات أن تعالج الأمور بموضوعية وأن تضع أولويات لعملها، لأن مطالبها الغير معقولة تشبه الذي يزور جائعاً ويقدم له وردة، هل يأكل الوردة؟ انه يريد الخبز. • الجانب الثالث يتمثل في أسيادي الشيوخ، يقع على كاهلهم مسؤولية كبرى في هذا الأمر، عليهم رفع الظلم عن النساء في خطبهم ودعواتهم، بدل من الحديث عن نواقض الوضوء، عليهم أن يكونوا فاعلين وأن يحركوا مثل هذه الأمور والا يكتفوا بدور المتفرج أو مفتي السلطان.

• الجانب الرابع في الشرطة نفسها، عليها عدم التعامل مع الأمور بعقلية العشائرية والفصائلية، بل عليها التعامل بالقانون، يجب أن يكون لها هيبتها وسط الناس وذلك بتعاملها الحازم الرادع في بعض قضايا الناس اليومية ومنها ظلم المرأة.

 • الجانب الخامس يتمثل في الأحزاب والقوى، التي ليس لها من عمل سوى المعارضة التقليدية وانتظار الفعل لتقوم برد الفعل فقط، عليها أن تبادر بإثارة مواضيع المرأة وخاصة قانونية معاقبة المعتدي عليها، طالما أنهم عاجزين سياسياً عليهم على الأقل العمل في الجانب الاجتماعي.

• الجانب السادس يتمثل في مؤسسات حقوق الانسان التي تكرر نفسها ولا تقوم سوى برصد انتهاكات اسرائيل وكأنها تتنافس في من يغطي أكثر، هذه المؤسسات عليها عدم نسيان قضايا الناس اليومية كالمرأة، وعليها الا تكون تقليدية بيروقراطية، بل عليها أن تتبنى الموضوع وتبادر لإثارته وتعمل بشتى الطرق لأنصاف المرأة.

غير ذلك ليس لك سيدتي الفاضلة الا أن تنتظري رحمة الله، لكن عليك أن تعلمي بأن الله لا يسمع من ساكت، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والبقية عندكن.

انني على يقين بأن سبب بلائنا نحن العرب هو ظلمنا للمرأة، التي تنشأ على أسس خاطئة ومقومات هشة، وتنجب لنا الأطفال الذين ستربيهم كما تربت هي وبالتالي تكون النتيجة تراكم المآسي هل التحرر من الرجل بات أمراً ملحاً؛ ما هي القضية الأساسية لشعوبنا وأمتنا؟! هل إباحة الزنا والعلاقات المتعددة هو الحل كما تزعم وثيقة أممية؟

 ولماذا يسعون إلى إفساد عقول الشباب والنساء العربيات والمسلمات؟! لماذا الحقد على الإسلام والمسلمين ولماذا دراسة للأسكوا عن الحركات النسائية في العالم العربي تؤكد أهمية التصدي للطروح «الأصولية» وتأكيد المساواة الجنسية في الاسلام؟

وإذا كانت الصورة النمطية التي تكونت عن المرأة في وسائل الإعلام تتلخص بإظهار الجسد العاري، والفتنة الصارخة، والجمال غير الحقيقي لكنه المبهر مما حوّل جسد المرأة سلعة «تباع» و«تشترى»، وجعل النظرة إليها تتخلص بالإغواء الجنسي وتحقيق در المال. ولكن وللموضوعية، وعلى الرغم من «تَسَيُّدِ» هذه النظرة،

 إلا أنه في مقابلها توجد حقائق على الأرض يحاول الكثيرون تجاوزها ـ لمصالحهم الشخصية ـ وإغفال أهميتها؛ ففي مقابل المرأة اللاهثة خلف الشهرة بأي ثمن، توجد المرأة الحاملة لهموم شعبها وقضايا أمتها في فلسطين والعراق وعدد من البلدان العربية والإسلامية. ففي فلسطين ولبنان تشارك المرأة إلى جانب الرجل في عملية التحرر الوطني من الاحتلال الغاشم وتلاقي من الصعوبات والعنت ما يقاسيه الرجل، بل وربما أكثر منه.

 أوضاع المرأة العربية منذ المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة الذي عقد في بيجينغ عام 1995، دأبت الاسكوا على اعداد تقارير دورية عن التطورات التي طرأت على اوضاع المرأة العربية، وعلى نشر البيانات والاحصاءات وتطوير المؤشرات لقياس التقدم المحرز في مجال النهوض بالمرأة. وتركز الاسكوا في كل تقرير تصدره على موضوع من الموضوعات المحورية الملحة المعنية بالمرأة العربية.

ولهذا فإن توسع الحركات النسائية مرتبط بالتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، التي تختلف ما بين دولة عربية واخرى وفق نسبة انخراطها في الحداثة. وضرورة ردم الهوة ما بين القاعدة النسائية الفقيرة والنخب النسائية المثقفة، وحض النساء على المشاركة في الحياة السياسية. واختلاف المناهج الفكرية التي عالجت موضوع المرأة من حيث المرجعيات والآفاق؛ وتنوع اهداف المنظمات التي عملت في مجال المرأة ما بين خيرية سعت الى مساعدة المرأة ومطلبية اهتمت بقضايا المرأة الجوهرية الخاصة والعامة والمرتبطة بالحقوق الاجتماعية والانسانية؛ وارتباط تحرر المرأة العربية بالتحرر الاجتماعي العام وبالمناخ الفكري السائد، وضرورة تصويب الانظمة الداخلية للحركات النسائية في العالم العربي وتوطيد علاقاتها المحلية والاقليمية والدولية؛

واهمية التحولات الداخلية التي شهدها العالم العربي خلال القرنين الماضيين في تهيئة المناخ المؤاتي لنمو الحركات النسائية الاولى ودور المناخ الدولي، بما شهده من مؤتمرات ومواثيق عالمية، في تطور هذه الحركات.

والتأكيد ان الاسلام هو الدين الذي اقر بالمساواة الكاملة ما بين الجنسين على كل الاصعدة؛ رفع مستوى التعامل مع قضايا المرأة بحيث يوازي تحديات العصر في تمكين المرأة وصقل قدراتها على المشاركة في الحياة السياسية وصنع القرار؛

وضرورة تفاعل الحركات النسائية مع المكونات الاساسية للمجتمع؛ واهمية توحيد الخطاب النسائي لدى مختلف الحركات النسائية بما تشمله من جمعيات ومنظمات نسائية، لكن يكون هدفها الاول ردم الهوة التي تفصل ما بين القاعدة النسائية الفقيرة والنخب النسائية المثقفة؛

 ضرورة الافادة من المناسبات الدولية المعنية بالمرأة للكشف عن اوجه الانسجام والتكامل بين المقررات الدولية والمطالب المحلية والتطورات التاريخية التي شهدتها الحركات النسائية.

أن الاشكالية الأكثر صعوبة تكمن في عدم وجود آليات تدافع عن المرأة في حالة وقوع الظلم الاجتماعي عليها، فتجعلها تتنازل عن حقوقها.

والشريعة الإسلامية منحت المرأة الكثير من الحقوق التي استلبتها منها الأعراف والتقاليد الخارجة من رحم ثقافة ذكورية حتى النخاع، ولقد حكت لنا كتب التراث عن عدد من النساء اللاتي عرضن أنفسهن على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك يعني أن الاسلام منحهن حق اختيار الزوج بل وخطبته لأنفسهن.

 «من دون سن وتشريع آليات تكفل للمرأة حقوقها ودون وضع قانون للأحوال الشخصية للأسرة، سيبقى نصف المجتمع يرزح تحت وطأة الظلم والاستبداد وسنظل ندور في دائرة علاقات غير سوية ستؤثر على سلامة البنية الاجتماعية إلى أجل غير مسمى».

 أما الأب جورج مسوح (استاذ في جامعة البلمند) فهو يعترض على رفض رجال الدين لقانون احوال شخصية مدني واختياري لكل اللبنانيين ان الله لم يغصب آدم بالجنة، بل ترك له خيار المغادرة، مطالباً بضرورة تحرير المواطن من الانتماء الطائفي. وتوقف الأب جورج مسوح عند سوء فهم النص الديني وتفسيره الخاطئ والانتقائية.

 < «بان الله خلق الإنسان على صورته ومثاله وميزه عن المخلوقات الأخرى بعقله وحريته>»، رافضاً أن يسلب أحد الإنسان حريته و< «إلا فهو ضد الله وضد الدين>» وفهمه الذي يجب ان يكون متغيراً ونسبياً وانساني وليس سرياً ومطلقاً ومقدساً، وضرورة تغير مقاصد الشريعة وفقاً لحاجات الناس، وعدم الابتعاد عن الأصول الأساسية المنفتحة للدين

 أن <<التعسف ضد المسنين ظاهرة في العديد من الدول، ويمكن ان نجد التعسف ضد المسنين. يتعرض المسنون إلى تعسف جسدي على انواعه وجنسي وعاطفي وتهميش وإهمال نفسي وعاطفي واستغلال مادي واقتصادي وصحي.

 ونجد عدد من الناصب تشغلها المرأة، ومع هذا يعدّ الرجوع إلى هامش العنف ضد المرأة أمرا حتميا لأنّه حقيقة لا يمكن تجاوزها، وظاهرة لا نخفى. مثل هذه الأسماء، وغيرها باتت حجّة لبعض المجدّدين المطالبين بتغيير القوانين مشددين على "ظلم" بعض المواد وإذعان المرأة الكامل لزوجها، ومواداً بخصوص تزويج المرأة لنفسها، والاستغناء عن شرط الوليّ بحجة أنّ المرأة القاضية/ الطبيبة/ رئيسة الجمهورية/ الدكتورة.

 لا تحتاج إلى وليّ ولا إلى رجل يعلن موافقته على اختيار هي المعنية به بالدرجة الاولى. فاستشرت ظاهرة العنف اللفظي والجسدي ضد المرأة مع التكتّم عليها.

 فهي طبعا لا تفكر في فضح "الجاني" ولا في تضخيم "قصة بسيطة" كالاعتداء. يمكن لأيّ عاقل راشد أن يتخيّل الأثر السلبي الذي يتركه العنف في النفس البشرية، وستتضاعف تلقائيا كارثية الوضع إذا ما تصورنا المدار الذي تحوم فيه العائلة وما سيحفظه الأطفال من صور ومشاهد "جارحة"؛ وأي نزعات عنيفة ستطبع لا إراديا في أنفسهم الناشئة، خاصة وأن منافذ هذا العنف صارت كثيرة جدا

 وأصعب من أن تعدّ أو تعدد في قائمة؛ فسمها ينفذ عبر: الاغتصاب، جرائم الشرف، الضرب، الشتم، العنف العائلي، الاعتداء، التحرش الجنسي، الزواج الإجباري» ... يعتبر التحرش الجنسي من الظواهر الاجتماعية التي ترفضها المجتمعات المتقدمة والنامية على السواء لما فيه من عمل عدواني ينال من حرية الفرد وكرامته وإنسانيته، علاوة على الآثار النفسية التي يخلّفها لدى الضحية.

وتشير الإحصاءات الصادرة عن المنظمات الدولية إلى أن 98 في المئة من الاعتداءات الجنسية يرتكبها رجال من بينهم 19 في المئة تقل أعمارهم عن 18 سنة فيما يتجاوز معدل الضحايا من النساء 80 في المئة وتصل نسبة القاصرات منهن إلى 62 في المئة.

 على رغم ذلك، لا تبلّغ السلطات الأمنية والقضائية إلا بنسبة لا تتجاوز 10 في المئة. أما في البلاد العربية التي تفتقر إلى إحصاءات مماثلة لأكثر من سبب، فإن التحرش حالة قائمة لا يمكن نكرانها وإن أحيطت غالباً بالسر والكتمان والخوف.

 فالمرأة العربية ما زالت أسيرة النزعة الذكورية القائمة على التمييز بين الجنسين وسليلة الموروثات المحافظة المبنية على الطاعة والخنوع والاستسلام والسكوت وقبول الإهانة.

 من الملاحظ أن التحرش لا يخضع لأي معايير ولا لحرمة الإنسان والمكان والزمان. بمعنى أن يرتكب الجاني فعلته أنّى تيسر له ذلك: في المدرسة والجامعة والشارع والمنزل والعمل وفي وسائل النقل.

 التحرش قد يبدأ بالاحتكاك المباشر (بخاصة في حالات الازدحام في وسائل النقل) مروراً بالهاتف أو الـ «تشات» أو الرسائل الإلكترونية، وصولاً إلى الاغتصاب الذي هو أقصى درجات التحرش وأشدها خطورة لما يترتب عليه من مسؤوليات قضائية وجرمية. واللافت أنّ هناك من يحمِّل المرأة وزر كل ذلك. فبعضهم ينظر إلى المرأة على أنها بحكم أنوثتها، مصدر إغراء وإغواء، فيما يرى بعضهم أن إفراط المرأة وتماديها في صداقة الجنس الآخر يمهد لإثارة ما يدخره من هواجس وغرائز تدفعه إلى الإقدام على تصرفات غير بريئة».

أن تحصين المرأة العربية بنظام مناعة ثقافي تربوي اجتماعي قضائي من شأنه أن يحافظ على حريتها وكرامتها ويجنبها الوقوع فريسة سهلة لأي نوع من أنواع الابتزاز الجنسي. كما يدعون إلى إعادة النظر في الموروثات التقليدية التي تفرض على المرأة سلسلة من المسلَّمات القائمة على الطاعة والخنوع والاستسلام واستبدالها بثقافة الوعي والجرأة والمقاومة والمواجهة واحترامها لجسدها وأنوثتها. فالمرأة التي تلتزم السكوت وتستسلم لإرهاب الآخرين، ستبقى أسيرة المعتقدات الذكورية وفي دائرة الاتهام».

والى الامس القريب، كان الحديث عن اعطاء المرأة حق منح جنسيتها لعائلتها يثير الحفيظة لأسباب سياسية مختلفة. فمعالجة حق المرأة في اعطاء جنسيتها لأولادها، قانونيا تحتاج الى مقاربة تأخذ في الاعتبار حساسية الاوضاع السياسية في لبنان.

 فمن مبررات تحفظ لبنان عن اعطاء الجنسية انه يندرج ضمن خطة سياسية لمنع توطين الفلسطينيين على ارضه تماشيا مع احكام دستوره وسائر الاتفاقات المناهضة التوطين.

 ومن ان أبرز اسباب التحفظ ايضا التخوف من التغييرات الديموغرافية وتغليب طائفة على اخرى. وظلت المرأة تعيش تبعات الخوف من التوطين وتبعات التمييز على اساس جنسي وتبعات العادات والتقاليد التي تقر برابطة الدم للرجل فقط.

 ولم يكن أحد يتوقف امام تبعات ان يعيش اولاد الامهات اللبنانيات في وطن تعاني فيه والدتهم التهميش وانعدام التكافؤ في الفرص... ويؤدي انكار حق الام بنقل جنسيتها الى عائلتها الى حرمان الاولاد حقوق المواطنية التي تشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، منها حق التعليم والرعاية الصحية وحق حماية الدولة والضمانات الاجتماعية...

 فرغم ان الدستور اللبناني كرس مبدأ عدم التمييز بين المواطنين اللبنانيين كلهم، كما ان لبنان انضم الى اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، لكنه تحفظ عن البند 2 من المادة 9 المتعلقة بمنح المرأة حقا متساويا لحق الرجل في مسألة منح الجنسية لأولادها.

 فالمشترع اللبناني يعتد بحق الدم من جهة الاب كأساس لثبوت الجنسية الاصلية للأبن الشرعي. ومفارقة القانون اللبناني انه ينص على استثناء في منح المرأة جنسيتها في حال كان الولد غير شرعي وتثبت ان والدته لبنانية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:

 ما نسبة اللبنانيات المتزوجات اجانب ومقيمات في لبنان؟ لا تتوافر معطيات كثيرة حولهن لان قانون الاحوال الشخصية لا يلزمهن بتسجيله، والمديرية العامة للأمن العام تسجل الازواج غير اللبنانيين الذين يتقدمون بطلب اقامة فيه،

الا انه يقدر عدد النساء اللبنانيات المتزوجات غير لبنانيين المقيمات فيه بحسب دراسة "مركز الابحاث والتدريب حول تنمية المرأة" بـ 840 امرأة، منهن 57 في المئة متزوجات عراقيين، 14,3 في المئة مصريين، 11 في المئة اردنيين، 5,1 في المئة فرنسيين، 2,1 في المئة بريطانيين، 2,1 في المئة سوريين، 1,8 في المئة ايرانيين، 1,6 في المئة اميركيين، 1,3 في المئة اتراك، 1,2 في المئة كنديين، 1,2 في المئة المان، 1,1 في المئة فلسطينيين لينا ابو حبيب: تنمية المرأة

انه: "منذ ان وعيت على هذه الدنيا كنت اسمع دائما عبارة ان الاوضاع السياسية غير مناسبة لطرح هذا الموضوع او غيره، ولا أدرى متى سيأتي اليوم المناسب. فنحن نعيش ازمة تلو اخرى. نحن لا نقارب موضوع الجنسية الا من باب الحقوق ومن مدخل المواطنية. نحن نؤمن بوطن ديموقراطي وبمواطنية لا يمكن الا ان تكون كاملة للنساء والرجال وذوي الحاجات الخاصة، والضيوف في هذا البلد يتمتعون بحقوق وواجبات يحاسبون على اساسها".

ان المنظومة الحقوقية القائمة حاليا لا تقارب موضوع حق المرأة اللبنانية بإعطاء جنسيتها لعائلتها من باب المواطنية، انما من باب الحذر من ان يتجنس السوريون او الفلسطينيون "وهذه مقاربة خاطئة ومجحفة اذ ان مرسوم التجنيس منح الجنسية لكثيرين لا يستحقونها وثمة علامات استفهام كثيرة حوله.

"نحن نرى ان القوانين مجحفة في حق المرأة ونحن نعمل على تنزيهها من كل نص مجحف تطبيقا لما ينص عليه الدستور والمواثيق الدولية التي التزمها لبنان.

اذ لا يمكن اليوم بناء وطن حديث لا تتمتع فيه المرأة بحقوقها كاملة تحت اي ذريعة ويتكرس فيه الرجل فقط كمواطن، في حين اللبنانيات المتزوجات بأجانب يعاملن كالعمال الاجانب.

 نحن لا يمكن ان نقبل بالعنصرية وما يحصل يتناقض مع مفهوم ممارسة الديموقراطية التي يكثر الكلام عليها في هذه الايام".

وإذا كان القانون يجيز لزوجة الرجل اللبناني أن تصبح مواطنة لبنانية بعد سنة، فنحن نطالب بالحق عينه".  وتضيف: "نحن اليوم نعمل مع نساء متزوجات من اجانب لتشكيل جمعية مدنية من اصحاب الحق تسعى الى ان تكون مجموعة ضغط لتغيير القانون.

يذكر انه اضافة الى الحملة الوطنية يقوم مركز التدريب اليوم بتنسيق حملة اقليمية في المغرب والمشرق العربي المطالبة بحقوق متساوية للنساء بالجنسية والمواطنة الكاملة، ولا سيما ان حق المرأة العربية في منح جنسيتها لأولادها مسألة اساسية لم تنل قسطا عادلا من الاهتمام.

 والهدف اثارة اهتمام الجمهور والرأي العام ووسائل الاعلام لتبعات انعدام المساواة بين الجنسين المكرس رسميا في التشريعات الرئيسية

 ولفتهم الى حاجة تعديل الجنسية في دول المشرق والمغرب العربي، وحشد الدعم الدولي والاقليمي لحق المرأة العربية بالجنسية واقامة الشراكة بين الهيئات النسائية والمدنية والبرلمانيين.