براقش وأصدقاؤها بقلم:عبدالواحد الكتاني
تاريخ النشر : 2019-10-17
***** #قصة ...
( بيدبا وبراقش واللصوص والباطية والذئب) .
قال الراعي :
كعادتي حينما تحمر شمس الغروب ، أحول وجهة قطيعي صوب مضجعه كي أدخله زريبته و أتفرغ لخدمة نفسي ووجداني لكن الليلة أحس اني مرح زيادة ،
بعد أن تأكدت من إقفال باب الزريبة بإتقان وتثبيت هيكل وهمي بجانبه تحسبا لمجيئ الذئب أو أحد الرهبان، هيأت طعام عشائي وتناولت منه قدر الإمكان دون أن أنسى نصيب كلبتي حارستي من بقايا عظام و فتات مائدتي .
ولما وضعت لها وجبتها في مأكلها الواقع بين خيمتي وزريبة نعاجي ، كان الليل قد سكن (وفي سكونه تختبئ الأحلام ..) من بعد هبوب ريح عشي قوية سموها في معجم الفلاح
ب "برد السبالات" وضاء معه قمر ليلتي ( وسعى البدر وللبدر عيون ..) وهدء صرير الماشي والغاشي وطقطقة الدواب ....
فضلت الجلوس فوق خرسانة (خاتم) البئر الإسمنتية بعد أن ملئت باطيتي من ماء عذب، أخذت "وتاري" وبدأت اعزف محفوظتي التي أتقنها ("ناديتك بالليل ؤ ضي القمر من قديم زمان سماوك بالوتار " ) والغريب، رغم أني أجيد فن العزف على الوتر الحساس وكثرة سمرياتي لكني لم أصبح عازفا ماهرا ، اقتربت ليلتي من منتصفها وعجبيتها أني لم أسمع فيها لا نباح كلاب ولا نهيق حمير ولا صوت خفافيش وصراصير ،،،، ماذا جرى يا ترى !!
لم أعر هذا أي اهتمام ، حتى وقفت علي شاحنة ، نزل منها ثلاثة أجسام ، كلموني بصوت خافت لم اتمكن من تفسير نبراته ! ظننت أنهم حراس أمن أهل البوادي والمواشي !! أخذني خوف رهيب لم أسمع معه بعد صفعة قوية من أطولهم ،،إلا قول ( تكلم شكون نت وشنو كدير هنا ؟) حينها لمحت أقنعتهم وفهمت أن وهيج شمس النهار وعتو ريح العشي هم من ذهبوا بسمعي ولحسن حظي قد استرجعته مع هذه اللطمة !!!. أجبت أنا صاحب العزيب ولست بغريب وتلك خيمتي وأوتادها مدقوقة في حجر أساس أرض أجدادي وعشيرتي !! بل أنتم هم من أنتم ؟؟ رد كبيرهم ! ولما تلك العصا ؟ قلت له أهش بها على غنمي وأستند عليها عندما تتعب مفاصلي !! ضحكوا مستهزئين بي وكرر قائدهم عبارة يهش بها هههه !!! أأنت من بني موسى أم بني عيسى او وارث ادريس ؟؟ قلت له نعم انا من بني اولو العزم وقساوة بيئتي هي من صيرتني في العيب لا أفهم !! ما أنا الا عبد مأمور في طاعة نظم المعمور ولا أهوى فضح المستور ، قال اربطوه الى رتاج البئر وقربوا الشاحنة الى باب الزريبة واحملوا كل الغنيمة !! حينها فهمت أنهم لصوص ، حاولت كلبتي إنقاذي بنباح بعيد ،ومن كرم جودهم أسكتوها بلحمة مسمومة أكلتها وودعتني بأنين الخائن الحزين ، وبعد تكبيلي وشحن سرقتهم ، ناديتهم متوسلا ...""خذوا النعاج خذوا الفحول لكن خلوا لي الوتر "" خيبوا أملي وباعوه أمامي لأصغرهم !! ثم رحلوا !!....
بعد عناء طويل فككت رباطتي وبكيت في داخلي عن توهمي لكثرة حيلتي أمام عدم تضامن أهل العزبان،ثم دخلت خيمتي واضطجعت يميني، لكن موسوستي لم تنسيني اني فقدت كل شيئ فزادت من سهادي ، تقلبت على يساري كي أغير من مهلوستي !! إذا بي أسمع سمفونية "فرارج العزبان " نفضت أجنحتها وصاحت معلنة قدوم فجر يوم جديد ،، فتحت عيناي !!!......
ماذا ... "وتاري وعصاي" بجانبي ، خرجت من خيمتي لاتفقد أجوائي ، ها هي غنمي أمامي!!....
حينها عرفت أنه كابوس قد عكر علي نومتي ، ناديت كلبتي لم أجدها بين رجلي تلعب كصباحياتها ، نظرت إلى بيتها وجدتها لا زالت مستلقية ، قلت ربما مرهقة من الحرص أو عض الذئاب ! ضربتها برجلي لم تحرك ساكنا !! وضعت يدي فوق قلبها لا نبضة !! فتحت فمها إذا بعظمة من حتالة عشائي المشؤوم قد سدت أنفاسها وماتت براقش دون أن تجني على أحد ، بكيت عليها كثيرا دون دمع وتحصرت لفقدان منبهتي وحارسة ضأني من فجاءة الذؤبان !! وبما أن الحياة استمرار ونظرة للأمام وتبديل للأقوام ،
اغتنمتها فرصة وفديت عن حلمي بذبح كبش كنت رشحته يوما ليصير فحلا ،، خلاصا من مأمأته خارج قانون القطعان، فأقمت حفلا دعوت له رعاة أمثالي ، سألني أحدهم لماذا هذه الدمية جنب باب الزريبة ، قلت له كي أوهم الذئب أنه حارس ولا يقرب نعاجي ، ضحك مبتسما وقال لي حقا " لا يأكل الذئب من الغنم إلا القاصية " وهل هناك ذؤبان غيرنا أكلت كل الخرفان،،.%%.
امتثالا منا لأعراف التقليد، لازلنا نحترم فتاوى" بيدبا" من معقل بيت حكمته في تساوي حقوق القطعان ،بعد تدبر في التحسس وحنكة في ترويض "دوبرمان الحيف " على الخوف ، ها أنا لا زلت أبحث عن كلب بدل كلبة كي يوقظني من غفوتي، وسيبقى عزيبي بدون نباح ، وانا من دون نوم لاعبا دور حارس كنز ضريح توت آمون حتى الصباح .
#وحي_من_خيال.
.عبدالواحد الكتاني .ab.kat