أردوغان حجر شطرنج وليس سلطاناً
تاريخ النشر : 2019-10-15
أردوغان حجر شطرنج وليس سلطاناً


جميل السلحوت:

بدون مؤاخذة-أردوغان حجر شطرنج وليس دمية

يبدو أنّ جماعات الإسلام السّياسي لا يتعلّمون من أخطائهم، ولا يستفيدون من تجارب غيرهم، ولذلك أسباب كثيرة منها انغلاقهم الفكريّ والثّقافيّ، وقناعاتهم المغلوطة بأنّهم المالكون الوحيدون للحقيقة، ظنّا منهم بأنّ الله اصطفاهم دون غيرهم لحمل رسالته، ونحن هنا لسنا بصدد الوقوف على أخطائهم التّاريخيّة، وانحيازهم إلى صفوف أعدائهم وأعداء الأمّة دون أن يقفوا لمراجعة حساباتهم حتّى بما يخدم أهدافهم. لكنّنا سنتوقّف أمام دعمهم الأعمى للرّئيس التّركي الطيّب أردوغان في حربه التي يشنّها على سوريّا منذ عام 2012، من خلال احتضانه لجماعات التّكفير والإرهاب من داعش وجبهة النّصرة وغيرها، إضافة إلى قواعد النّاتو التي كانت تنطلق منها الطائرات لقصف سوريّا وتدميرها وقتل وتشريد شعبها. 

ومن المحزن أنّ بعض قوى الإسلام السّياسيّ تؤمن بأنّ أردوغان يعمل على إقامة دولة الخلافة الإسلاميّة، برغم عضويّة بلاده في حلف النّاتو وتحالفاته الإستراتيجيّة مع اسرائيل، ولم يكلّف أحد من قادتهم نفسه للتّساؤل حول "الفتوحات الإسلاميّة الجديدة"، التي يقوم بها في الشّمال الشّرقي لسوريّا، فهل تناسوا أنّ مواطني تلك البلاد بعربهم وكردهم مسلمون؟ أم أنّ ذلك يأتي في إطار قتل المسلمين لبعضهم البعض مثلما هي الحرب القذرة المستمرّة في سوريا منذ ثماني سنوات؟ وهل عداؤهم لسوريّا وشعبها وجيشها أوصلهم لعمى سياسيّ فما عادوا يميّزون بين الأخ والعدوّ؟ وهل تناسوا أنّ أردوغان يشارك في تطبيق المشروع الأمريكيّ "الشّرق الأوسط الجديد" لإعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، وما دوره في المنطقة إلا كحجر شطرنج تحرّكه القوى الإمبريالية لتحقيق أهدافها؟ وهل انتبهوا أنّ أعداء الأمّة جاؤوا بأردوغان لعمل توازن طائفيّ بين السّنّة والشّيعة؛ لإطالة أمد الحرب بعد أن حرفوا بوصلة الأمّة واعتبروا إيران هي العدوّ؟ 

كما يجدر التّحذير من الاصطفاف ضدّ الأكراد من أبناء الشّعبين السّوريّ والعراقي، فبعض القيادات الكرديّة تحالفت مع اسرائيل وأمريكا وغيرهما من القوى الإمبرياليّة منذ أكثر من ستّة عقود، من باب "عدوّ عدوّي صديقي"، وذلك بسبب ما لاقاه الأكراد من اضطهاد وقتل وتشريد وهضم للحقوق على أيدي الحكومات العراقية والسّوريّة. وهذه التّحالفات لم تكن يوما لصالح الأكراد أو صالح بلدانهم الذين هم مواطنون فيها، وهذه أخطاء قاتلة يجب تصحيحها من الطّرفين العربي والكردي، لكنّه لن يكون يوما مبرّر لمساندة الإحتلال التّركي للأراضي العربيّة. فهذا الاحتلال ليس في صالح الكرد ولا العرب. كما أنّه على شعوب المنطقة وفي مقدّمتهم العرب أن يقفوا مع حقّ الشّعب الكرديّ في تقرير مصيره.

14-10-2019