أي بيت لا يخلو من يوسف؟ بقلم:نهاد الحناوي
تاريخ النشر : 2019-10-15
أي بيت لا يخلو من يوسف؟ بقلم:نهاد الحناوي


أي بيت لا يخلو من يوسف ..
يقع العديد من الأبناء في صراعات قد تستقر بهم على أبواب المحاكم ، أو خلف قضبان من الحديد ، فتلك الصراعات لم تكن الزوجات فقط هن من تسببن فيها كما هو الحال ، فما صنعه الوالدان في الماضي يجنيه حتماً الأبناء في حاضرهم .

فالعديد ، بل الكثير من الآباء يميل إلى أحد أبناءه دون إكتراث بحكم العاطفة ، فالشوق يفضح دائماً و إن أخفاه الوالدان ، و هذا التمييز الحاصل قد يكون ظاهراً أو من خلف الكثير من الأبناء ، ليتكون ذلك الطفل المدلل ، و بدوره تتكون من ذلك الطفل المدلل شخصية ضعيفة تعتمد على الوالدين ، و يصبح عدواً لباقي أخوته .
و بعد زمن من الميل ، و الكيل ، ينتج التمييز و الظلم  بين الأبناء ، و الفرقة تغلب ، و تكثر نزاعاتهم و يستقر جميع الأبناء في قبضة بيت الزوجية بعد سنوات من الفرقة و التي تفرضها الأيام ، و تمسي بذلك الزوجات يشعرن بذلك ، فلا مجال لكبت المشاعر ، فهي غالبة على السلوك البشري .

و بمجرد موت الوالد أو الوالدة ، أو كلاهما تبدأ الصراعات على الميراث و البيت ، و هنا يهدم ذاك البناء الذي قام على عدم العدل ، فالإبن المدلل يورث الكثير من  السلطة في القرار و التي قد تتعدى بيته ، في حين يفتقرها في بيته و مع زوجته ، و قد يُفسر صمت الأخوة أو عدم ردهم على سفاهاته المتسلطة  بالضعف منهم ، برغم حرصهم الشديد على بقاء تلك اللحمة و ان بقيت ، و كل ذلك نتاجاً طبيعياً لما قام به من بالسابق والديه .

هنا نعلم جيداً أن الدلال لا يصنع رجالاً ، و لا ينفع الطفل المدلل والديه ، بقدر ما ينفعهم ذاك الطفل المضطهد و الذي قست عليه جدران البيت بقسوة والديه ، و لنا الكثير من الأمثلة في ذلك .

وحتى الدلال يورثه الوالدين لأبناء الولد المدلل بلا قصد ، فالحكم للقلب ، لينتقل التمييز و الحقد بين الأبناء و يستمر و ينقل إلى الأجيال ، فلا يعي الوالدان بذلك ، حتى بعد فوات الأوان ، فلا يعترفوا بذلك الصنيع من السلوك ، فالكل و الآخرين يتحملوا أعباء و  إزر ما صنعه الآباء و الأمهات .

و في سياق هذا الحديث أيضاً نجد ذاك الطفل الجميل يحظى بكثير من الإهتمام من الجميع ممن حوله تبعاً لدلال والديه ، و تحت عبارات المدح يحصل الطفل الجميل على الكثير من الدلال الذي حرم منه الآخرين ، و لنا في يوسف بن يعقوب عبرة ً في هذا ، فقد حصل يوسف على نصف جمال الكون ، و على بالغ الدلال و الإهتمام  ، مما حذى بأخوته بأن ألقوه في غيابات الجب ، و إستمر والده بالحزن و البكاء عليه حتى فقد بصره ، و هنا حكمة من عظيم الكون .

بر الوالدين مطلوب ، بل مفروض على الأبناء ، و مطلوب أيضاً من الوالدين العدل بين الأبناء لكي يبروهم ، حتى القبلة و إن صغرت ، يجب أن توزع بالتساوي بين الأبناء ، فأي بيت اليوم لا يخلو من يوسف ؟

بقلم نهاد الحناوي .