صناعة المفكر بقلم:شدري معمر علي
تاريخ النشر : 2019-10-10
صناعة المفكر   بقلم:شدري معمر علي


*صناعة المفكر*

كتب المفكر الإسلامي الدكتور عبد الكريم بكار كتابه القيم "تكوين المفكر "و أشار فيه موضحا أن المفكر لا يمكن أن نصنعه ببضعة كتب يقرأها الشخص في مجال معين فيصبح مفكرا .

فالمفكر نسيج وحده يولد بملكات خاصة ومواهب وقدرات يطورها مع الزمن بالقراءة الجادة فالمفكر على الأقل يقرأ ثمان كتب في الشهر ولا يكتفي بالقراءة فقط بل يستحضر الماضي والحاضر لاستشراف المستقبل فالقراءة عنده ليست ترفا ولا تمضية وقت بل قراءة كونية جلالية متبصرة عابرة للقارات والأكوان ،قراءة من أجل إيجاد حلول لمشاكل عويصة يعانيها المجتمع ،فالمفكر الحق يتجاوز قيود البيئة والظروف والمحيط الذي يعيش فيه وعصبية القبيلة بل يتجاوز قيد الذاكرة المثقلة بمعلومات من الطفولة ومرحلة الشباب وقد تكون هذه المعلومات سلبية معيقة لعملية التفكير الجاد الباحث عن الحقيقة لا غير .

والسؤال المطروح هل يمكن للمجتمع أن يصنع مفكريه ؟المجتمع الواعي يساهم في اكتشاف مفكريه والدفع بهم في الصفوف الأولى فيستعين بأفكارهم النهضوية والتنموية في تحريك عجلة التنمية الثقافية والاقتصادية والحضارية وقد يقتل هذا المجتمع مشاريع مفكرين في الأفق بالتجاهل واللامبالاة وفرض قيود على حرية التفكير .

فما أكثر قصص مفكرين ماتوا مغمورين في أوطانهم مشهورين في أوطان أخرى !ومثال على ذلك المفكر الجزائري مالك بن نبي الذي أخذت أفكاره دول أسيوية مثل ماليزيا و أندونيسيا وقطعت شوطا كبيرا نحو النهضة والتغيير الإيجابي وصناعة الفارق .

فنستطيع عن طريق تعليم جيد نوعي أن نساهم في توفير الظروف الحسنة  أو تهيئة الجو المناسب لمفكري المستقبل  بتعليم الأطفال مهارات التفكير الإبداعي والناقد والتعبير عن الرأي دون خوف من النقد السلبي ولا ننسى أيضا توفير حياة كريمة لأهل الفكر حتى يتفرغوا للإبداع والكتابة و إنتاج المفاهيم والمصطلحات والبحث عن الحلول للمشاكل الإنسانية المعقدة  من أجل حياة سعيدة لا حرب فيها ولا صراع و عصبية مقيتة و لا إلغاء للآخر ،مهما اختلفنا مع هذا الآخر إيديولوجيا وعقائديا فتبقى روح المواطنة تسكننا والإنسانية تجمعنا .

* الكاتب والباحث في التنمية البشرية:شدري معمر علي *