خطوات متواضعة أدت لقفزات بشرية عظيمة بقلم:فاطمة المزروعي
تاريخ النشر : 2019-10-10
خطوات متواضعة أدت لقفزات بشرية عظيمة بقلم:فاطمة المزروعي


خطوات متواضعة أدت لقفزات بشرية عظيمة
فاطمة المزروعي 
قبل فترة من الزمن وقع بين يدي كتاب يتحدث عن تاريخ العلم، وقد سألت نفسي ما الفائدة المرجوة من قراءة كتاب يتحدث عن الطرق البدائية في صناعة الماكينة البخارية أو تتبع تطور الآلة؟، و ما جدوى القراءة عن صناعة السفن والطائرات قبل مائة وخمسين عاما؟ أو عندما أعود إلى الزمن الذي بدأت المولدات الكهربائية، والحال نفسه عند القراءة عن مسيرة أحد العلماء وجهوده ونجاحه في اكتشاف أمور بتنا في هذا الزمن نعتبرها بديهية ولا تدعوا للدهشة والاستغراب، بل عندما نعرف أن عالم مثل رونالد روس حصل على نوبل في عام 1902 لبحوثه حول كيفية انتشار مرض الملاريا، قد نصاب بالدهشة لتواضع الإنجاز في عصرنا الحاضر، فالملاريا مرض متواضع ويمكن علاجه، فما الفائدة من معرفة كيفية انتشاره؟ لكن في ذلك الوقت كانت الملاريا مرضاً فتاكاً وخطيراً جداً، وبحوث العالم روس كانت سبب في انقاذ حياة الملايين من الناس. 
في العصر الحالي ، ننظر لهذه الاكتشافات كأمور اعتيادية أو بديهية لكنها كانت أساس تم البناء عليها في رحلة التقدم.. وهذا الأمر يقودنا نحو نقطة جديرة بالتوقف عندها ، وهي أن قراءة تاريخ العلم مختلفة تماما عن أي نوع آخر من القراءات التاريخية، فأنت لا تقرأ قصة عابرة حدثت قبل عدة عقود من الزمن، بل تقرأ عن خطوات صغيرة أدت إلى قفزات طويلة للبشرية نحو الأمام، ستظهر لك تلك الكشوف والمخترعات وكأنها أمور عادية لو لم يقم أحدا بالكشف عنها لتم اكتشافها بشكل طبيعي، فهي في نظرنا متواضعة لكن الوضع والحال مختلف تماما عن مثل هذه النظرة، فالكثير من الكشوف لأدوية وأمصال في ذلك الزمن أبكت الكثير من شدة الفرح والسرور، الجدري الذي لا نعرفه والذي يمكن علاجه قبل نحو تسعين عاما حصد ملايين الأرواح من الناس، البنج الذي لا يشدنا الكشف عنه، ساهم في إنقاذ الملايين من الناس خلال إجراء العلميات الجراحية وخفف عن الملايين الكثير من الألم.. 
القراءة عن تاريخ العلم ستصيبك بالذهول لحجم العمل الذي تم من أناس كانت تنقصهم الإمكانيات المادية والمهنية وأيضا الإمكانيات في المعدات والمعلومات اللازمة، فبدأوا من الصفر، ولم يستسلموا ولم يتوقفوا بل بذلوا جهدهم بكل حماس وحيوية.. 
ولو لم تتحقق هذه الاكتشافات  التي نراها اليوم بدائية لما وصلت البشرية لما هي عليه اليوم من تقدم وتطور ونهضة، فالعلم عبارة عن سلسلة من المنجزات والكشوف، وكلما تحققت خطوة جاءت الخطوة الثانية أعلى وأهم وأكبر، ولا يمكن أن تتجاوز أي خطوة وتقفز، لذا في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والفلك والرياضيات والفلك ونحوها، ستجد هذا التسلسل وهذه التبعية والتواصل في التقدم، فكلما وضعت البشرية اليد على منجز أو تحقيقها كشف في مجال ما، جاء العلماء بعد بضع سنوات وقاموا بعملية تطوير وتحديث والمزيد من العمل، ويمكن ملاحظة مثل هذا التسلسل بتتبع مخترعات مثل السيارات والطائرات والسفن وتقنيات الاتصالات والنظر لها قبل عشرة أعوام أو خمسة عشر عاما فقط، وملاحظة التطور الهائل الذي حدث.
وإذا رجعت للوراء لمائة عام أو مائتي عام، فستلاحظ الهوة الكبيرة بين اختراعات ومبتكرات تلك الحقبة والزمن الذي نعيشه.
فائدة قراءة تاريخ التقدم والتطور البشري وتحديداً القراءة في تاريخ تطور العلم، تمنحنا صورة واضحة عن مسيرة الإنسان، وعن الجهود الذي بذلت من العلماء والدارسين الذين أفنوا أعمارهم في البحث والابتكار للإسهام في تطور البشرية، وتعرفنا بأثر العلم في حياتنا .