وَمَشَاهِيدُ مِنَ الجَحِيمِ الفُرَاتِيِّ (1) بقلم: غياث المرزوق
تاريخ النشر : 2019-10-07
وَمَشَاهِيدُ مِنَ الجَحِيمِ الفُرَاتِيِّ (1)

غياث المرزوق

وَفي المَاسِ، حَتَّاهُ، ثَمَّ أَدَمُّ الدَّمِيمِ،
وَلِلنَّاسِ، كُلِّ النَّاسِ كُلِّهِمْ، يَتَّسِعُ الجَحِيمُ!
دوستويفسكي


(1)

قَالَتْ لَهُ:
«إِنْ تَرَاءَتْ لَكَ الدُّنْيَا أَشَدَّ حُلْكَةً،
هُنَا الآنَ،
فَأَشْعِلْ مَا بِجَعْبَةِ أَمْسِكَ مِنْ شُمُوعٍ،
إِذَنْ،
لِكَيْمَا تُضِيئَهَا!!».

قَالَ لَهَا:
«وَلٰكِنْ، حَذَارَيْكِ أَنْ تَنْسَيْ،
وَلَوْ طَرْفَةَ عَيْنٍ،
أَنَّ الشُّمُوعَ لا تُجْدِيكِ إِلاَّ تَوَجُّسًا،
مِنْ مَكَانٍ لِآخَرَ، في الظَّلَام.
وَلَئِنْ نَسِيتِ أَنَّى أَنْتِ ذَاهِبَةٌ،
وَلَئِن يَمَّمْتِ نَاظِرَيْكِ شَطْرَ هٰذِهِ الشُّمُوعِ،
لَيْسَ إِلاَّ،
فَمَا جَدْوَى هٰذَا الضِّيَاءِ،
مَا جَدْوَاهُ،
في الآلِ وَالمَآلْ؟!».

***

وَثَبَتْ نَرْجِسَةٌ مُتَهَجِّسَةٌ
مِنْ قَوْقَعَةِ المَاضِي
وَتَراخَتْ أَعْطَافُ الحَاضِرِ
/... دَانِيَةً
وَانْكَفَأَتْ في لُغَةِ الصَّمْتْ
وَانْبَجَسَ المُسْتَقْبَلُ مَسْجُورًا
كَالسَّيْفِ المَاضِي
يَتَوَعَّدُ، أَوْ يَتَوَدَّدُ، مَسْعُورًا
عُنُقَ «السَّمْتِ»
وَأَعْنَاقَ الفَالْ

***

كَانَتِ الشَّمْسُ قَدْ بَدَأَتْ
تَسْتَحَمُّ
عَلى شَاطِئِ البَحْرِ
عُرْيَانَةً، مِثْلَمَا خَلَقَ اللهُ،
وَالمَوْجُ مُشْتَعِلٌ
كَانَ، كَالمُهْرِ، يَلْوِي أَعِنَّتَهُ
ذَاهِلاً، خَلْفَ سُورِ الحَدِيقَةِ،
/... مُنْجَذِبًا
وَالمَمَرُّ إِلَيْنَا
سَحَابٌ نَضِيدٌ يَجُرُّ بِأَذْيَالِهِ
وَبِأَغْلالِهِ
مِنْ بَصِيصِ التِّلالْ
وَاحِدًا
وَاحِدًا
يَتَدَاعَى كَسِرْبِ نَوَارِسَ
مَفْغُورَةِ القَلْبِ
مَأْسُورَةِ اللُّبِّ
في مَهْمَهِ الاِبْتِهَالْ
وَمَدًى يَتَغَطَّى
/... هُنَاكَ
بِدَوَّارَةٍ مِنْ مِدًى شَاحِبَهْ
وَالرِّمَالُ الغَوِيَّةُ،
مُلْتَاعَةً، تَتَمَطَّى
وَتَكْشِفُ عَوْرَتَهَا الكَاذِبهْ
فَتَغُورُ، تَغُورُ
رُوَيْدًا،
رُوَيْدًا،
بِجَوْفِ الرِّمَالْ

***

دبلن