جهاد الأدب الإسلامي بقلم:أ.شريف قاسم
تاريخ النشر : 2019-10-06
جهاد الأدب الإسلامي

             تحيَّةُ الأدبِ المعطاءِ للنُّجبِ  =

الراكلينَ غثاءَ الزيفِ والرِّيبِ

            الحاملين لواءَ الكلْمِ ذا حللٍ =

من الوفاءِ لدينِ اللهِ في الحقبِ

           المؤمنين بما توحي عقيدتُهم =

من غيرِ ما عبثٍ بخسٍ ولا صخبِ

             نديَّة بالهدى أقلامُهم فيدٌ =

تملي عليها الحِجى من رائعِ الأدبِ

 وذي خطاهم على نورِ البيانِ هفتْ =

فأذهلتْ شللَ التغريبِ والكذبِ

      وأبهجتْ أُفُقًا عذبًا بما حفلتْ =

به العقيدةُ في ميدانِه الخصبِ

 وهمَّةُ ( النَّدويِّ ) البَـرِّ كم شحنتْ =

عزيمةً أثفلتْها وطأةُ الوصبِ ( 1 )

               أقامَ رابطةً تدعو مبادئُها =


لأكرمِ النهجِ بين العُجمِ والعربِ

            العالميَّةُ في أهدافها اتسعتْ =

أنعمْ بدعوتها الحسنى وباللقبِ

        شريعةُ اللهِ قد جاءت إلى أُممٍ =

وقد أبان الهدى عن سِفرِها الشَّنبِ

     والشعرُ والنَّثرُ جنديان إن حملا =

دينَ المهيمنِ فازا منه بالحسبِ

        ويسقطُ الأدبُ المنبوذُ إن عملتْ =

حروفُه في ملاهي السوءِ والطربِ

          سوقُ المفاسدِ لم تبرحْ بضاعتُه =

بعصرِنا المكتوي من غثِّه الأشبِ

             جهادُ أحرفِنا يدعو الأُباةَ إلى =

إنقاذِ أُمتِنا من سيلِه اللجبِ

          حتى يقومَ لها سوقُ الفخارِ ولا =

تضيعَ آمالُها في الزائفِ السَّرِبِ

            حيثُ التآمرُ أضناها وأنهكها =

أعداءُ شرعتِنا بالكيدِ والقُضُبِ

          يستوردون نفاياتِ الشعوبِ ولا =

يستثمرون كريمَ القولِ في الكتبِ

             تراثُ أُمتِنا فيه الكنوزُ ، فهل =

رأيتَ في يدِهم رأيًا سوى العطبِ !1

       هاهم يعيبون فينا حُسنَ رجعتِنا =

أو طيبَ صحوتِنا في الدينِ والأدبِ

           حتى تبيَّنَ أنَّ الشرقَ  منخدعٌ =

وأنَّه ضـلَّ معْ لينين في الطلبِ

   فأسقطوا الصَّنمَ الملعونَ ، وانتكستْ =

حريَّةُ الإثمِ ، وانهارتْ على الرُّتبِ

والغربُ مدرسةٌ للعهرِ مجرمةٌ =

فنونُها تمتطي أُرجوحةَ اللعبِ

         وهاهو الغربُ تخزيه مطامعُه =

في المسلمين بحالٍ جد مضطربِ

           ولا نلومُ أعادينا إذا ابتكروا =

خبثَ الأساليبِ عن بُعدٍ وعن كثبِ

           وإنَّما اللومُ في أبناءِ جلدتِنا =

أهلِ السَّفاهةِ إذ هاموا بلا سببِ

     كأنهم مارأوا ثوراتِ مَنْ صفعوا =

حضارةَ العصرِ عصرِ الضَّنكِ والكُربِ

           وهذه أمَرِيكا في تنطُّعِها =

ليومِ خُسرٍ عبوسِ الوجهِ مقتربِ

    فلا يغرَّنَّكَ التَّزييفُ في مُثُلٍ =

وهل ترى للقيطِ الليلِ من نسبِ !!

***                                                     *       ** ***
       تألَّقَ الأدبُ الفوَّاحُ تحضنُه =

أصالةُ الرأيِ لم تغربْ ولم تخبِ

حيثُ المآثرُ في الإسلامِ تكرمُه =

هَديًا ، وغيرُ شذاه الحُلوِ لم يطبِ

ويردعُ الحقُّ قولا زائفا ، ويدًا =

تقودُ معوجَّه في الناسِ كالسَّلبِ

جنى البغاةُ ثمارَ البغيِ فافترقوا =

ولستَ تبصرُ بغيًا غيرَ منشعبِ

وغامَ ما أفرزتْهُ بِدعةٌ عبثتْ =

في رأيِ كلِّ أثيمٍ النفسِ لم يؤبِ

وأقحموا جيلَهم في كلِّ مهزلةٍ =

ولوَّثوا سعيَه بالزورِ والريبِ

تلقى سفاهتَهم في كيسِ خيبتِهم =

وشأنُهم غامضُ يدعو إلى العجبِ

يلوِّنون أذى أقلامِهم سفها =

بما استعاروا لها من كالحِ الأُهبِ

لكنَّها احترقتْ أوراقُ لعبتِهم =

فأفرزتْه عمىً في سوءِ منقلبِ

أرغى المدادُ ، فأخوى في حداثتِهم =

غثاؤُه فوقَ دعوى كلِّ محتقبِ

*** ***
أتتْكَ بالصحوةِ الغيداءِ أحرفُنا =

على يَدَيْ مورقاتٍ غضَّةٍ قُشُبِ

يزينُها الطُّهرُ بالتوحيدِ ألويةً=

فليس أجمل أو أحلى من العذَبِ

نقيَّةٌ من مثاني الوحيِ طرَّزها =

أجلى بيانٍ غنيِّ البوحِ منتخَبِ

على مناهجِها قامت حضارتُنا =

للعالمين على الأقوى من الطُّنُبِ

فليس فيها الرخيصُ البخسُ مبتذلا =

يكبو ، ولا استقرأتْ قيثارَ مكتئبِ

لها النشيدُ على فتحٍ تقرُّ به =

عيونُ أهلِ الهدى في النصرِ والغلبِ

وإنها الجنَّةُ الفيحاءُ فارعة =

وما سواها سرابٌ ضاقَ بالسَّغبِ

مَنْ صاغَ أحرفَه في لوحِ دعوتِنا =

فقد ترفَّعَ عن لهوٍ وعن صخبِ

وعن مِراءٍ وعن فسقٍ وعن دجلٍ =

وعن تمسُّكهم كالبهم بالذَّنبِ

فدينُنا قيمٌ تُرجَى لِمَنْ فطِنوا =

وسيَّروا النَّفسَ في صدقٍ وفي دأبِ

يحيا به الأدبُ السَّبَّاقُ دانيةً =

قطوفُه بربيعٍ غيرِ محتجبِ

( فالهاشميُّ) جلا أصفى فرائدِه =

بيضاءَ منسوجةً في أجملِ الكتبِ (2)
فيها ظلالُ الهدى تزهو خمائلُها =

ويُجتنى حلوُها من أطيبِ التُّربِ

مؤلفاتٌ سقتْ عطشى مجامعِنا =

بكلِّ سِفرٍ لخيرِ القولِ منتخبِ

مدادُها يزدري مَنْ لطَّخوا صُحُفًا =

بخسَّةِ الرأيِ لايجدي لذي الطَّلبِ

فيا ( أبا النَّضْرِ ) ذي مرساتُنا ابتعدتْ = عن شاطئِ الغيِّ والتَّغريبِ والرِّيبِ

توهَّمَ الناسُ في زورٍ وفي عبثٍ =

جاءا يسوقُهما التدليسُ كالرٌّقُبِ

حذَّرْتَ من سفهٍ يغشى حداثَتَهم =

في ملَّةٍ  كفرتْ أو حاقدٍ غضِبِ

تلألأت بسنا الإخلاصِ رابطةٌ =

على الوفاءِ لدينِ اللهِ في الحقبِ

وهاهو ( البدرُ عبدُالباسطِ ) ازدهرتْ =

بعَذبِ منطقِه الأفهامُ عن كثبِ (3)

( ومصطفى ) مصرَ هدَّارٌ بموكبِها =

يردُّ من شاردٍ غاوٍ ومغتربِ (4)

هم إخوةٌ ثبتوا في وجهِ مَنْ وقفوا =

وقابلوا أدب الأخلاقِ بالغضبِ

وجحفلٌ من كرامِ الحيِّ مابرحوا =

ينافحون أذى الأشرارِ  بالدَّأبِ

يستعرضون لهم ماكان من قيمٍ =

تسقي مرابعَهم باليُمنِ والأربِ

فمَنْ أتى منهمٌُ بالرُشدِ يقبلُه =

ربُّ السماءِ فلا يُقصيه ذو غلبِ

ومِن على عقبيْهِ انحازَ منتكسًا =

فإنَّه لهدانا غيرُ منتسبِ

وفاسدُ الرأيِ لم نأبهْ به أبدًا =

وقولُه بهُراءِ الزيفِ لم يَطبِ

*** ***
رسالةُ الأدبِ : الإسلامُ أكرمها =

إذا استقامت فلا تُخزَى ولم تخبِ

تحيا إذا ما استقتْ من طيبِ فطرتها =

ولا تعيشُ على هذرٍ ومضطرَبِ

فليس كلُّ كلامٍ قيلَ نقبلُه =

ولا الضلالُ الذي يودي إلى العطبِ

فربَّ قولٍ به كفرٌ ومفسدةٌ =

وربَّ رأيٍ أتى بالدُّونِ والنَّصبِ

وكم قرأنا لدجَّالين ما كتبوا =

من القبيحِ ، وقالوا : من حِجى النُّخَبِ !!

وكم تبجَّحَ بالشعرِ السَّقيمِ فمٌ =

وساقه معلنًا عن عصرِه الذَّهبي

حداثةٌ صاغها كُرهٌ بأنفسِهم =

لشرعةِ اللهِ  لامن صحوةِ العربِ

وحاملُ الحقدِ بالتغريبِ نقمتُه =

غربيَّةُ الجمرِ أو شرقيَّةُ اللهبِ

يرومُها منهجًا تحياهُ أُمتُنا =

طعنًا لروَّادِها الأبرارِ والنُّجُبِ

ويصرخون سكارى في مآثمِهم =

بألسُنٍ كنعيبِ البومِ والغُرُبِ

ولم ينالوا بما تسعى فظاظتُهم =

سوى التَّبابِ بدا في كلِّ مرتقبِ

أبناءُ جلدتِنا ــ ياويلهم ــ عزفوا =

عن راحةِ البالِ وانحازوا إلى الوصبِ

ولم يبالوا بأحداثٍ مدمِّرةٍ =

فيها الرزايا ، وسمُّ الحقدِ في الرُّقُبِ

قد هبَّ روَّادُنا يحيون مادفنتْ =

يدُ الأذلاءِ ماللكلْمِ من نسبِ

وهذه عصبةٌ باللهِ قد وثقتْ =

قلوبُها ، ولصوتِ الغيِّ لم تجبِ

لبَّتْ نداءَ فخارٍ ظلَّ مدَّخَرًا =

وكادَ يخنقُه طغيانُ مغتصبِ

وما نأتْ عن مدارٍ فيه رفعتُها =

ورفعةُ الوطنِ المستاءِ من نُدُبِ

هم يدَّعون ودعواهم بلا قيمٍ =

ولا رؤىً عشقتْها لهفةُ الهُدُبِ

لعلهم سفَّهوا الأمجادَ ، وانسلخوا =

عنها ، فدعواهُمُ في سوءِ مصطَحَبِ

قد استحرَّ هواهم في تقمُّصهم =

أرواحَ أعدائِهم في الملعبِ الأشبِ

هلاَّ أنابوا ، وللأيامِ فلسفةٌ =

من الضياعِ لهدْيٍ غيرِ محتجبِ

ياعصبةَ الأدبِ الأسمى لكم شهدتْ =

ِ صناعةُ الفخرِ بالتقوى مدى الحقبِ

فمَنْ وعاها وأدنى من مطارفِها =

قلبًا تذوَّقَ معنى أكرمِ الرَّغبِ

لايقبلُ الزيفَ قانونًا لأمتِه =

أو يرتضي صبوةَ الحوباءِ بالجربِ

قومي انشري لشبابِ الجيلِ مسلكَهم =

كيلا يضلُّوا بديجورٍ من الرِّيبِ

فقد أتاهم من التدليسِ  من عَمَهٍ =

يهوي بصاحبِه في غمره اللجبِ

لكي تعودَمع الإسلامِ أمتُهم =

تحيي رباهم كمثلِ الماءِ في السُّحُبِ

لينقذَ الجيلَ نورُ اللهِ من ظُلَمٍ =

بها تخبَّطَ أهلُ المركبِ الخَرِبِ

رامُ الأعادي لنا إخضاعَ صحوتِنا =

ورميَها في زوايا الضِّيقِ والنَّصبِ

واليومَ ماتركوا بابًا لذلتها ==

إلا أتوه على وهمٍ وفكرِ غبي





يحاصرون دروبًا دونَ غايتِها

ويُخضعون سناها الحُلوَ للحجبِ

ياللرجالِ الذين اشتدَّ ساعدُهم ==

من مؤمنين بدينٍ قيِّمٍ ونبي

لايأبهون إذا اشتدًَّ البلاءُ ، ولا =

يحنون هاماتِهم من شدَّةِ الكُرَبِ

وإنَّهم يقفون اليومَ في شممٍ =

على الدروبِ التي لن تخلُ من نُوَبِ

ليمنحوا صدقَهم بِـرًّا ومرحمةً  =

لأمَّةٍ دوَّختْها كفُّ مغتصبِ

تأبى شريعتُهم أن يركنوا وَجَلاً =
=
للمفترين ، وإن هاجوا على عُبُبِ

شريف قاسم


هوامش :

1الندوي : هو سماحة الشيخ  العلاَّمة أبو الحسن الندوي ( يرحمه الله ) .

2(الهاشمي ) : هو الأديب الدكتور : محمد عادل الهاشمي ( يرحمه الله ).

3هو الأديب الدكتور : عبدالباسط بدر ( يحفظه الله ) .

4 هو الأديب الدكتور : مصطفى هداره ( يحفظه الله )