تحيَّةُ الأدبِ المعطاءِ للنُّجبِ = | الراكلينَ غثاءَ الزيفِ والرِّيبِ |
الحاملين لواءَ الكلْمِ ذا حللٍ = | من الوفاءِ لدينِ اللهِ في الحقبِ |
المؤمنين بما توحي عقيدتُهم = | من غيرِ ما عبثٍ بخسٍ ولا صخبِ |
نديَّة بالهدى أقلامُهم فيدٌ = | تملي عليها الحِجى من رائعِ الأدبِ |
وذي خطاهم على نورِ البيانِ هفتْ = | فأذهلتْ شللَ التغريبِ والكذبِ |
وأبهجتْ أُفُقًا عذبًا بما حفلتْ = | به العقيدةُ في ميدانِه الخصبِ |
وهمَّةُ ( النَّدويِّ ) البَـرِّ كم شحنتْ = | عزيمةً أثفلتْها وطأةُ الوصبِ ( 1 ) |
أقامَ رابطةً تدعو مبادئُها = | لأكرمِ النهجِ بين العُجمِ والعربِ |
العالميَّةُ في أهدافها اتسعتْ = | أنعمْ بدعوتها الحسنى وباللقبِ |
شريعةُ اللهِ قد جاءت إلى أُممٍ = | وقد أبان الهدى عن سِفرِها الشَّنبِ |
والشعرُ والنَّثرُ جنديان إن حملا = | دينَ المهيمنِ فازا منه بالحسبِ |
ويسقطُ الأدبُ المنبوذُ إن عملتْ = | حروفُه في ملاهي السوءِ والطربِ |
سوقُ المفاسدِ لم تبرحْ بضاعتُه = | بعصرِنا المكتوي من غثِّه الأشبِ |
جهادُ أحرفِنا يدعو الأُباةَ إلى = | إنقاذِ أُمتِنا من سيلِه اللجبِ |
حتى يقومَ لها سوقُ الفخارِ ولا = | تضيعَ آمالُها في الزائفِ السَّرِبِ |
حيثُ التآمرُ أضناها وأنهكها = | أعداءُ شرعتِنا بالكيدِ والقُضُبِ |
يستوردون نفاياتِ الشعوبِ ولا = | يستثمرون كريمَ القولِ في الكتبِ |
تراثُ أُمتِنا فيه الكنوزُ ، فهل = | رأيتَ في يدِهم رأيًا سوى العطبِ !1 |
هاهم يعيبون فينا حُسنَ رجعتِنا = | أو طيبَ صحوتِنا في الدينِ والأدبِ |
حتى تبيَّنَ أنَّ الشرقَ منخدعٌ = | وأنَّه ضـلَّ معْ لينين في الطلبِ |
فأسقطوا الصَّنمَ الملعونَ ، وانتكستْ = | حريَّةُ الإثمِ ، وانهارتْ على الرُّتبِ |
والغربُ مدرسةٌ للعهرِ مجرمةٌ = | فنونُها تمتطي أُرجوحةَ اللعبِ |
وهاهو الغربُ تخزيه مطامعُه = | في المسلمين بحالٍ جد مضطربِ |
ولا نلومُ أعادينا إذا ابتكروا = | خبثَ الأساليبِ عن بُعدٍ وعن كثبِ |
وإنَّما اللومُ في أبناءِ جلدتِنا = | أهلِ السَّفاهةِ إذ هاموا بلا سببِ |
كأنهم مارأوا ثوراتِ مَنْ صفعوا = | حضارةَ العصرِ عصرِ الضَّنكِ والكُربِ |
وهذه أمَرِيكا في تنطُّعِها = | ليومِ خُسرٍ عبوسِ الوجهِ مقتربِ |
فلا يغرَّنَّكَ التَّزييفُ في مُثُلٍ = | وهل ترى للقيطِ الليلِ من نسبِ !! |
*** * ** | *** |
تألَّقَ الأدبُ الفوَّاحُ تحضنُه = | أصالةُ الرأيِ لم تغربْ ولم تخبِ |
حيثُ المآثرُ في الإسلامِ تكرمُه = | هَديًا ، وغيرُ شذاه الحُلوِ لم يطبِ |
ويردعُ الحقُّ قولا زائفا ، ويدًا = | تقودُ معوجَّه في الناسِ كالسَّلبِ |
جنى البغاةُ ثمارَ البغيِ فافترقوا = | ولستَ تبصرُ بغيًا غيرَ منشعبِ |
وغامَ ما أفرزتْهُ بِدعةٌ عبثتْ = | في رأيِ كلِّ أثيمٍ النفسِ لم يؤبِ |
وأقحموا جيلَهم في كلِّ مهزلةٍ = | ولوَّثوا سعيَه بالزورِ والريبِ |
تلقى سفاهتَهم في كيسِ خيبتِهم = | وشأنُهم غامضُ يدعو إلى العجبِ |
يلوِّنون أذى أقلامِهم سفها = | بما استعاروا لها من كالحِ الأُهبِ |
لكنَّها احترقتْ أوراقُ لعبتِهم = | فأفرزتْه عمىً في سوءِ منقلبِ |
أرغى المدادُ ، فأخوى في حداثتِهم = | غثاؤُه فوقَ دعوى كلِّ محتقبِ |
*** | *** |
أتتْكَ بالصحوةِ الغيداءِ أحرفُنا = | على يَدَيْ مورقاتٍ غضَّةٍ قُشُبِ |
يزينُها الطُّهرُ بالتوحيدِ ألويةً= | فليس أجمل أو أحلى من العذَبِ |
نقيَّةٌ من مثاني الوحيِ طرَّزها = | أجلى بيانٍ غنيِّ البوحِ منتخَبِ |
على مناهجِها قامت حضارتُنا = | للعالمين على الأقوى من الطُّنُبِ |
فليس فيها الرخيصُ البخسُ مبتذلا = | يكبو ، ولا استقرأتْ قيثارَ مكتئبِ |
لها النشيدُ على فتحٍ تقرُّ به = | عيونُ أهلِ الهدى في النصرِ والغلبِ |
وإنها الجنَّةُ الفيحاءُ فارعة = | وما سواها سرابٌ ضاقَ بالسَّغبِ |
مَنْ صاغَ أحرفَه في لوحِ دعوتِنا = | فقد ترفَّعَ عن لهوٍ وعن صخبِ |
وعن مِراءٍ وعن فسقٍ وعن دجلٍ = | وعن تمسُّكهم كالبهم بالذَّنبِ |
فدينُنا قيمٌ تُرجَى لِمَنْ فطِنوا = | وسيَّروا النَّفسَ في صدقٍ وفي دأبِ |
يحيا به الأدبُ السَّبَّاقُ دانيةً = | قطوفُه بربيعٍ غيرِ محتجبِ |
( فالهاشميُّ) جلا أصفى فرائدِه = | بيضاءَ منسوجةً في أجملِ الكتبِ (2) |
فيها ظلالُ الهدى تزهو خمائلُها = | ويُجتنى حلوُها من أطيبِ التُّربِ |
مؤلفاتٌ سقتْ عطشى مجامعِنا = | بكلِّ سِفرٍ لخيرِ القولِ منتخبِ |
مدادُها يزدري مَنْ لطَّخوا صُحُفًا = | بخسَّةِ الرأيِ لايجدي لذي الطَّلبِ |
فيا ( أبا النَّضْرِ ) ذي مرساتُنا ابتعدتْ = | عن شاطئِ الغيِّ والتَّغريبِ والرِّيبِ |
توهَّمَ الناسُ في زورٍ وفي عبثٍ = | جاءا يسوقُهما التدليسُ كالرٌّقُبِ |
حذَّرْتَ من سفهٍ يغشى حداثَتَهم = | في ملَّةٍ كفرتْ أو حاقدٍ غضِبِ |
تلألأت بسنا الإخلاصِ رابطةٌ = | على الوفاءِ لدينِ اللهِ في الحقبِ |
وهاهو ( البدرُ عبدُالباسطِ ) ازدهرتْ = | بعَذبِ منطقِه الأفهامُ عن كثبِ (3) |
( ومصطفى ) مصرَ هدَّارٌ بموكبِها = | يردُّ من شاردٍ غاوٍ ومغتربِ (4) |
هم إخوةٌ ثبتوا في وجهِ مَنْ وقفوا = | وقابلوا أدب الأخلاقِ بالغضبِ |
وجحفلٌ من كرامِ الحيِّ مابرحوا = | ينافحون أذى الأشرارِ بالدَّأبِ |
يستعرضون لهم ماكان من قيمٍ = | تسقي مرابعَهم باليُمنِ والأربِ |
فمَنْ أتى منهمٌُ بالرُشدِ يقبلُه = | ربُّ السماءِ فلا يُقصيه ذو غلبِ |
ومِن على عقبيْهِ انحازَ منتكسًا = | فإنَّه لهدانا غيرُ منتسبِ |
وفاسدُ الرأيِ لم نأبهْ به أبدًا = | وقولُه بهُراءِ الزيفِ لم يَطبِ |
*** | *** |
رسالةُ الأدبِ : الإسلامُ أكرمها = | إذا استقامت فلا تُخزَى ولم تخبِ |
تحيا إذا ما استقتْ من طيبِ فطرتها = | ولا تعيشُ على هذرٍ ومضطرَبِ |
فليس كلُّ كلامٍ قيلَ نقبلُه = | ولا الضلالُ الذي يودي إلى العطبِ |
فربَّ قولٍ به كفرٌ ومفسدةٌ = | وربَّ رأيٍ أتى بالدُّونِ والنَّصبِ |
وكم قرأنا لدجَّالين ما كتبوا = | من القبيحِ ، وقالوا : من حِجى النُّخَبِ !! |
وكم تبجَّحَ بالشعرِ السَّقيمِ فمٌ = | وساقه معلنًا عن عصرِه الذَّهبي |
حداثةٌ صاغها كُرهٌ بأنفسِهم = | لشرعةِ اللهِ لامن صحوةِ العربِ |
وحاملُ الحقدِ بالتغريبِ نقمتُه = | غربيَّةُ الجمرِ أو شرقيَّةُ اللهبِ |
يرومُها منهجًا تحياهُ أُمتُنا = | طعنًا لروَّادِها الأبرارِ والنُّجُبِ |
ويصرخون سكارى في مآثمِهم = | بألسُنٍ كنعيبِ البومِ والغُرُبِ |
ولم ينالوا بما تسعى فظاظتُهم = | سوى التَّبابِ بدا في كلِّ مرتقبِ |
أبناءُ جلدتِنا ــ ياويلهم ــ عزفوا = | عن راحةِ البالِ وانحازوا إلى الوصبِ |
ولم يبالوا بأحداثٍ مدمِّرةٍ = | فيها الرزايا ، وسمُّ الحقدِ في الرُّقُبِ |
قد هبَّ روَّادُنا يحيون مادفنتْ = | يدُ الأذلاءِ ماللكلْمِ من نسبِ |
وهذه عصبةٌ باللهِ قد وثقتْ = | قلوبُها ، ولصوتِ الغيِّ لم تجبِ |
لبَّتْ نداءَ فخارٍ ظلَّ مدَّخَرًا = | وكادَ يخنقُه طغيانُ مغتصبِ |
وما نأتْ عن مدارٍ فيه رفعتُها = | ورفعةُ الوطنِ المستاءِ من نُدُبِ |
هم يدَّعون ودعواهم بلا قيمٍ = | ولا رؤىً عشقتْها لهفةُ الهُدُبِ |
لعلهم سفَّهوا الأمجادَ ، وانسلخوا = | عنها ، فدعواهُمُ في سوءِ مصطَحَبِ |
قد استحرَّ هواهم في تقمُّصهم = | أرواحَ أعدائِهم في الملعبِ الأشبِ |
هلاَّ أنابوا ، وللأيامِ فلسفةٌ = | من الضياعِ لهدْيٍ غيرِ محتجبِ |
ياعصبةَ الأدبِ الأسمى لكم شهدتْ = | ِ صناعةُ الفخرِ بالتقوى مدى الحقبِ |
فمَنْ وعاها وأدنى من مطارفِها = | قلبًا تذوَّقَ معنى أكرمِ الرَّغبِ |
لايقبلُ الزيفَ قانونًا لأمتِه = | أو يرتضي صبوةَ الحوباءِ بالجربِ |
قومي انشري لشبابِ الجيلِ مسلكَهم = | كيلا يضلُّوا بديجورٍ من الرِّيبِ |
فقد أتاهم من التدليسِ من عَمَهٍ = | يهوي بصاحبِه في غمره اللجبِ |
لكي تعودَمع الإسلامِ أمتُهم = | تحيي رباهم كمثلِ الماءِ في السُّحُبِ |
لينقذَ الجيلَ نورُ اللهِ من ظُلَمٍ = | بها تخبَّطَ أهلُ المركبِ الخَرِبِ |
رامُ الأعادي لنا إخضاعَ صحوتِنا = | ورميَها في زوايا الضِّيقِ والنَّصبِ |
واليومَ ماتركوا بابًا لذلتها == | إلا أتوه على وهمٍ وفكرِ غبي |
يحاصرون دروبًا دونَ غايتِها | ويُخضعون سناها الحُلوَ للحجبِ |
ياللرجالِ الذين اشتدَّ ساعدُهم == | من مؤمنين بدينٍ قيِّمٍ ونبي |
لايأبهون إذا اشتدًَّ البلاءُ ، ولا = | يحنون هاماتِهم من شدَّةِ الكُرَبِ |
وإنَّهم يقفون اليومَ في شممٍ = | على الدروبِ التي لن تخلُ من نُوَبِ |
ليمنحوا صدقَهم بِـرًّا ومرحمةً = | لأمَّةٍ دوَّختْها كفُّ مغتصبِ |
تأبى شريعتُهم أن يركنوا وَجَلاً = = | للمفترين ، وإن هاجوا على عُبُبِ |
هوامش :
1الندوي : هو سماحة الشيخ العلاَّمة أبو الحسن الندوي ( يرحمه الله ) .
2(الهاشمي ) : هو الأديب الدكتور : محمد عادل الهاشمي ( يرحمه الله ).
3هو الأديب الدكتور : عبدالباسط بدر ( يحفظه الله ) .
4 هو الأديب الدكتور : مصطفى هداره ( يحفظه الله )