في وَطَني أَنَرْتُ غَدي شعر: محمود مرعي
تاريخ النشر : 2019-10-05
في وَطَني أَنَرْتُ غَدي شعر: محمود مرعي


في وَطَني أَنَرْتُ غَدي- شعر: محمود مرعي

أُقاوِمُ سَطْوَةَ الزَّمَنِ.. لِأَنْفي النَّفْيَ عَنْ زَمَني

وَأَعْلو ذِرْوَ سِدْرَتِهِ.. فَلا أَلْقى سِوى الوَثَنِ

يَطوفُ بِهِ مُقايِضُهُ.. زَمانًا غَيْرَ مُؤْتَمَنِ

وَفَجْرًا حارَ ناظِرُهُ.. يُطَوِّفُ أَغْبَرَ الـمُدُنِ

يُعَرْبِدُ غَيْرَ ذي سَنَنٍ.. يَكادُ يَشُلُّ بي سُنَني

أَنا الإِنْسانُ يا زَمَنًا.. يُقاتِلُنا بِشَرِّ بَني...

يُحَرِّقُ  ثَوْبَ هَدْأَتِنا.. مَخالِبُهُ عَلى الوُتُنِ

لِيُخْمِدَ نَبْضَ حِكْمَتِنا.. وَثَوْرَتَنا عَلى العَفَنِ

وَأَنْفُضُ بَعْضَ غَبْرَتِهِ.. لِأَسْكُنَهُ فَيَسْكُنُني

وَيَمْضي بي لِهُوَّتِهِ.. كَطَيْرٍ حازَ ذو ضِغِنِ

يُكَوِّرُهُ وَيَبْسُطُهُ.. وَيَنْفُشُهُ كَما القُطُنِ

أُقاوِمُهُ بِلا كَلَلٍ.. لِأُسْكِنَهُ، يُسَكِّنُني

كَوالٍ في مَمالِكِنا.. يُعانِقُني لِيُخْرِسَني

وَإِنْ زادَتْ مُناكَفَتي.. بِكُلِّ الرِّفْقِ يُعْدِمُني

يُواسيني بِدَمْعَتِهِ.. لَدى شَنْقي وَيَنْدُبُني

وَيُشْفِقُ أَنْ يَسيلَ دَمي.. عَلى الطُّرُقاتِ في الوَطَنِ

يُسَمِّي اللهَ، عادَتُهُ، .. لِفَرْطِ تُقاهُ يُسْلِمُني

لِـمَشْنَقَةٍ بِأُبَّهَةٍ.. عَلى الرَّاحاتِ يَحْمِلُني

وَيُلْقيني بِمَقْبَرَةٍ.. شَواهِدُها بِلا رَقَنِ

وَيَرْجِعُ مُتْخَمًا خُطَبًا..  لِـمَنْعِ تَخَثُّرِ الأَسِنِ

مِنَ الخُطَبِ الَّتي سَبَقَتْ.. وَكانَتْ حُقْنَةَ الدَّفِنِ

إِلى شَعْبٍ غَدا عِبَرًا.. وَتَذْكِرَةً لِـمُحْتَقِنِ

إِذا ما صاحَ مِنْ وَجَعٍ.. غَدا خَبَرًا بِلا ثَمَنِ

غَدا التَّاريخُ مَسْرَحَةً.. يُمَسْرِحُهُ أُولو الدَّخَنِ

أَراني فيهِ مُغْتَرِبًا.. بِلا أَثَرٍ يُعَرِّفُني

وَأَمْسي طَيْفُ أَخْيِلَةٍ.. وَيَوْمي خائِرُ البَدَنِ

وَأَنَّى طافَ بي بَصَري.. أَرى قَوْمي بِلا رُدُنِ

أَعادوا اللَّاتَ قِبْلَتَهُمْ.. فَعادوا أُمَّةَ الغَبَنِ

وَبَعْدَ "اقْرَأْ" وَقِمَّتِها.. غَدَوْا رَهْنًا لِـمُرْتَهِنِ

وَساروا الخَلْفَ لَمْ يَقِفوا.. إِلى ما قَبْلَ ذي يَزَنِ

وَسيموا الخَسْفَ ساقَهُمُ.. مَريدٌ مُغْرِبُ الشَّطَنِ

إِلى الـمَجْهولِ أَسْلَمَهُمْ.. وَقَدْ قُرِنوا إِلى الرَّسَنِ

وَهُمْ في سَيْرِ ضِلَّتِهِمْ.. يَرَوْنَ الصَّحْوَ في الوَسَنِ

وَصَوْتي بَيْنَهُمْ هَذَرًا.. عَديمَ النَّفْعِ وَالفِطَنِ

يَرَوْنَ خُطايَ تَهْلُكَةً.. بِفَضْلِ "نُبوءَةِ النَّتِنِ"

وَكُلُّ مُنايَ رُؤْيَتُهُمْ.. أَشِقَّاءً عَلى الصَّحِنِ

أَناخَتْ شَرُّ مارِقَةٍ .. بِما حَمَلَتْ مِنَ النَّتَنِ

وَأَلْقَتْ حِمْلَها عَفَنًا.. فَنامَ الشَّرْقُ في العَطَنِ

وَلا زَرْقاءُ تُنْذِرُهُ.. وَلا واقٍ مِنَ الـمِحَنِ

أُحاوِلُ هَزَّهُ لِيَرى.. زَوالَ الرَّسْمِ وَالدِّمَنِ

وَقَدْ أَزِفَتْ جَنازَتُهُ.. وَخَطْوُ الـمَوْتِ في العَلَنِ

وَذا الخَزَّانُ أَقْرَعُهُ.. بِلا كَلَلٍ بِكُلِّ ثِني

وَفي وَطَني أَنَرْتُ غَدي.. لِيَهْدي قادِمَ السُّفُنِ

وَعِزُّ الشَّرْقِ بوصَلَتي.. لِشَطِّ العِزِّ تُوصِلُني

وَلَسْتُ أَحيدُ عَنْ هَدَفي.. وَلَيْسَ تَضِلُّ بي سُفُني

وَلَوْ لَمْ أَحْظَ مِنْ وَطَني.. "سِوى الـميلادِ وَالكَفَنِ"

فَلَسْتُ أَرى لَهُ كُفُؤًا.. لِأَسْكُنَهُ وَيَسْكُنَني