مَشَاهِدُ مِنَ الجَحِيمِ الدِّمَشْقِيِّ (2) بقلم: غياث المرزوق
تاريخ النشر : 2019-10-02
مَشَاهِدُ مِنَ الجَحِيمِ الدِّمَشْقِيِّ (2)

غياث المرزوق

أَنْ نَخَافَ المَوْتَ أَنْ نَخَافَهُ، يَا أَصْدِقَاءُ،

لَيْسَ إِلاَّ أَنْ نَظُنَّ أَنَّا حُكَمَاءُ دُوْنَ أَنْ نَكُوْنَ حُكَمَاءَ!

سقراط


(2)


/... تَرَكْتَ بِلادًا

تَرَكْتَ بِلادًا تَهِيمُ عَلى وَجْهِهَا
مِثْلَ فُلْكٍ عَتِيقٍ يَنُوءُ بِمِلْحِ الدِّمَاءْ
وَكُنْتَ تُمَزِّقُ فُسْتَانَهَا مُسْتَبِيحًا
فَضَاءَاتِ عَشْتَارَ أَوْ عَاشِقِيهَا
وَتَمْشِي الهُوَيْنا،

كَمَا البَطَلُ المَلْحَمِيُّ،
وَتَمْشِي الهُوَيْنا، كَذَاكَ، جَرِيحًا
وَتَضْحَكُ،

تَضْحَكُ، مِلْءَ السَّمَاءْ

***

/... كَأَنَّكَ تَسْخَرُ

مِنْ عَسَسٍ يَنْقُشُونَ شَوَاهِدَ أَجْدَاثِهِمْ

بِنِصَالِ البَنَادِق
أَوْ مِنْ طُغَاةٍ عُتَاةٍ تَقُضُّ مَضَاجِعَهُمْ

رَعْشَةُ الخَوْفِ
حِينَ يَطُوفُ التَّلامِيذُ الحَثِيثُونَ،

حِينَ يَطُوفُونَ حَوْلَ صَهِيلِ الحَرَائِق
أَوْ مِنْ قُضَاةٍ يَسِيرُونَ في النَّوْمِ

حِينَ يَسِيرُونَ
بَيْنَ طَنِينِ الذُّبَابِ وَبِينَ أَزِيزِ الغَرَانِق

هَا هُمْ يَهيمُونَ هَيْمًا عَلى الوَجْهِ
حَتَّى تَسُنَّ حَنَاجِرَهَا القُبَّرَاتْ

***

/... كَأَنَّكَ تَعْرِفُ،

قَبْلَ رَحِيلِكَ، أَنَّ انْتِظَارَ نَبِيٍّ جَدِيدٍ،

بِعَهْدِ القُرُودِ المُسُوخِ، هَبَاءٌ
وَأَنَّ اشْتِقَاقَ الرُّؤَى مِنْ طُيُورٍ أَبَابِيلَ
تَبْرِيحَةٌ تَتَلَوَّى، كَمَا الأُفْعُوَانُ،
عَلى فَشْخَةٍ مِنْ وَصِيدِ المَمَاتْ
وَأَنَّ الحَيَاةَ،

إِذَا لَمْ تُعَشْ بِالجُنُونِ الجَحِيمِيِّ،
أَوْ بِانْتِحَالِ النَّقِيضِ البَهِيمِيِّ،
لَيْسَتْ حَيَاةْ

***

فَكُنْ حَيْثُ أَنْتَ مَلِيكَ الأَرَائِكِ
كُنْ حَيْثُ أَنْتَ رَبِيبَ النَّيَازِكِ،
صَنَّاجَةً للمَلائِكِ،
مِنْ أَنْ تَكُونَ،

بِغَابِ الطُّغَاةِ وَمَبْغَى الطَّوَاغِيتِ،
صَوْتًا قَتِيلاً،
وَمَعْنىً شَرِيدَاْ

***
دبلن