الــصَّــارمــانُ: الــســيــفُ والـــقـــرآنُ= وعــلــيــهـمـا لايــــقــــدرُ الـــبُــطــلانُ
حَــدَّاهــمـا مــتـبـرئـان مــــن الــونــى = والـــعــزُّ بـيـنـهـمـا : يـــــدٌ و لـــســانُ
فـــإذا هــمـا هُــجِـرَا تــمـوتُ مــروءةٌ = ويـعـيـشُ فـــي أهـلـيهما الـخِـذلانُ
فـعـلـيـهـما شُــــدَّتْ ســواعــدُ أُمَّــــةٍ = مــانـالـهـا رغـــــم الـــعــدا خـــســرانُ
أَوَيــرفَــعُ الــصــوتَ الـزنـيـمُ مـعـربـدًا = أتــهــيــنُ ديـــــنَ نــبـيِّـنـا الــغــربـانُ
أيـــضــجُّ بـالـتـهـديـدِ ســكِّـيْـرٌ لــهــم = وســـــلاحُــــه الأوزارُ والأضـــــغــــانُ
وتـعـودُ فــي الـدنـيا الـجهالةُ عـنوةً = وعــلــى مــداهــا تُــعـبَـدُ الأوثــــانُ
فـالـجـاهـلـية فـــرَّخــتْ فــــي عــالَــمٍ= فَــبَــنُـوهُ هـــــذا الــذئــبُ والـثُّـعـبـانُ
مــن جُـحـرِ إفـرنـجٍ ومــن غـابٍ طـغى= فــيــه الـسَّـفـيهُ الــفَـدمُ و الـخَـزيـانُ
ومـــن الــرعـاعِ اسـتـأسدوا لـمَّـا رأوا= وَهَـــــنَ الـــكــرامِ كــأنَّــهـم عُــبــدانُ
وهُــــمُ الأذلــــةُ لافــخـارَ ولا هـــدى= أبـــدا ولــيـس لــهـم هــنـاك مـكـانُ
هــــانَ الأبـــاةُ فــأدبـرَتْ قــيـمٌ لــهـا= بِـسُـمُـوِّهـم فـــي الـعـالـمين زمـــانُ
كـــان الــعـدو يـهـابُهم بــل يـنـحني= لــمــهــابـةٍ فــلِــعـزِّهـم ســلــطــانُ
هـــي أُمَّـــةٌ هـجـعتْ زمـانًـا فـانـثنى= عـــــزمٌ ، وغـــــابَ لــثُـكـلـه الإمــكــانُ
فـالـمـجدُ ولَّـــى، والـمـآثـرُ صــوَّحـتْ= وكــــأنَّـــمـــا تـــاريـــخُــهــا عُـــــريــــانُ
فـكـريـمُـهـا أخـــــوى بــغـيـرِ رِفــــادةٍ= وقـــريــبُ مــــاءِ فــراتِـهـا عــطـشـانُ
واللهوُ أطــبــقَ ، فـالـمـلاعـبُ حُـــرَّةٌ= ولـــبــؤسِ وجـــــهِ زمــانِــهـا إعــــلانُ
كـــــانَ الــحــرامُ : كــبـيـرُه وصــغـيـرُه= يُــخْــفَـى حـــيــاءً دسَّـــــه الــكـتـمـانُ
والــيـوم أضــحـى مـسـتساغًا حُـلـوُه= أو مُــــــــــرُّه، ولـــشـــأنِـــه خُـــــــــزَّانُ
مـــا يُـغـضبُ الـدَّيَّـانَ أمـسـى وافــرًا= مُـــتَـــدَاولا يــلــهــو بـــــه الـــولــدانُ
والـيـومَ تـنـتظمُ الـحـشودُ لأجــلِ أنْ= تُــســتَــحــسَـنَ الأدوارُ والـــــــــدورانُ
وَلِـيَـلْـعَـبَ الـشـيـطانُ أجــمـلَ لـعـبـةٍ= ويـــــــراوغَ الـــسَّــرحــانُ والـــفــئــرانُ
والـمـالُ يُـبـذلُ لـلـسفاهةِ والـهوى= مـهـما غَـلَـتْ فــي سـوقِـه الأثـمـانُ
آهٍ عــلــى وطــنــي الــــذي يـجـتـاحُه= غـضبُ الإلـهِ، وقد طغى العدوانُ
هـــل أقــفـرتْ قــيـمٌ ومـاتـتْ نـخـوةٌ= وَتَــصَــحَّـرَتْ بــرؤوسِـنـا الأذهــــانُ ؟
ربَّـــــــاهُ هـــــــذا مــاجَــنَــتْـهُ أكُــفُّــنــا…واسْـتُـسْـهـلتْ إذْ نــحـلـفُ الأَيْــمــانُ
فــفــؤادُنـا مَــيْــتٌ بــرمــسِ هــوانِـنـا= وعـــدوُّنــا فـــــي بــطـشِـه يــقـظـانٌ
رُحــمــاكَ ذقــنــا مـــن مـــرارةِ كـربِـنـا= وهـــــوتْ عـــلــى أكــبــادِنـا الــمُــرَّانُ
فـــارحــمْ تَــضَـرُّعَـنـا ، وفـــــرِّجْ غُــمَّــةً= فـــســواكَ يـــــاربَّ الــــورى بُــطــلانُ
فــأغــثْ إلــهــي أُمَّــــةً نـــادتْ ولـــم= تَــســمـعْ لـــصــوتِ جــراحِــهـا الآذانُ
هـــي أُمَّــةُ الإســلامِ ، ديــنِ مُـحَـمَّدٍ= أبـــنـــاؤُهــا الأبـــــــرارُ والــشُّــجــعـانُ
لــم يـجـفلوا يـوما إذا اشـتدَّ الـوغى= أو هــــاجَ فُــــرْسُ الــنــارِ والــرومــانُ
تـيـجـانُـهم أكـفـانُـهـم لــــم يُــدبـروا= إذ لاحَ بــالــبـشـرى لـــهــم رضـــــوانُ
فـأُولـئِـكُـمْ لــمَّـا اتَّــقَـوا ربَّ الـــورى= ذلَّ الـــعــدوُّ الــخــصـمُ والــشـيـطـانُ
أو لاذَ مــخــتــبــئًــا وراءَ مــــكـــيـــدةٍ= ولــــــه بــمــحـفـلِ أهــلِــهـا أعـــــوانُ
والـكـالئُ الـمـولى الـمـحيطُ بـخـلقِه= فـالـكـفـرُ يُــهـزمُ، والــضَّـلالُ يُـــدَانُ
والــعـابـدون لــغـيـرِه تــاهــوا فــلـم= تــنـفَـعْـهُـمُ الأهــــــواءُ والــنُّــدْمــانُ
وقــيــادةُ الأحــــزابِ فـــي أفـكـارِهـا= وَهَــنَـتْ فــلـم يـنـبِـضْ لـهـا شِـريـانُ
والـقـومُ يـجـترئون فــي مـكـرٍ لـهـم= لــكــنْ يــبــورُ ويـنـتـهـي الـهـيـجانُ
ولـــعـــزَّةِ الإســــــلامِ تــعــلـو رايـــــةٌ= خــفَّــاقــةٌ بـــاهـــى بـــهــا كـــيــوانُ
تــروي لـنـا الـمـجدَ الـذي لـم يـنصرمْ= فــشــذاهُ فــيــه الــــرَّوْحُ والــرَّيْـحـانُ
وبــــــه تُـــجـــدَّدُ لـــلــورى صــفـحـاتُـه= فــيـهـا الــبــواحُ الــعــذبُ والـتَّـحـنانُ
وهـي الـشَّريعةُ نـورُها لـم يـنطفئْ= فـلـها الـشَّـبابُ الـشَّـهمُ والـفرسانُ
أغـنتْ رحـابَ الـكونِ إذهـي والسَّنى= والــلــيــلــةُ الـــقـــمــراءُ والأفــــنـــانُ
والـمـزنُ تـسـقي فـالـمرابعُ تـزدهي= والـــواحـــةُ الــخــضــراءُ والــبــسـتـانُ
والأمــــنُ ظــــلٌّ لـلـشـعـوبِ ومــوئـلٌ= فـلـقد صـفـا فـي الأنـفُسِ الـوجدانُ
هــــذا هــــو الــقــرآنُ يـصـنـعُ أُمَّـــةً= أَمِـــنَــتْ بـــــدارِ إخــائِــهـا الأجــفــانُ
إذ بــــاتَ لــلإنـسـانِ قـيـمـتـه الــتــي= أودى بِــنُـبْـلِ وســامِـهـا الـطـغـيـانُ
لا هــــذه الأرجــــاس مــــن زورٍ لـــه= يُــعـنَـى بـخـبـثِ فـسـادِهـا الـبـهـتانُ
وحــضــارةٌ مـلـعـونـةٌ أشــقـتْ بــنـي= الـدنـيـا ، فــهـانَ الــحـقُّ والإنــسـانُ
هـــي لــوَّنـت وجـــهَ الـحـياةِ بـزُخـرُفٍ= والــتــقـنـيـاتُ نــشــيــدُهـا الــفــتَّــانُ
لــكـنـهـا فــشــلـتْ بــحـفـظِ كــرامــةٍ= لـلـنـاسِ واسـتـشـرى بــهـا الـحِـرمانُ
فـالبؤسُ والـقلقُ الـممضُّ ومـا نرى= مـــن مـشـهدٍ فـاضـتْ لــه الأشـجـانُ
فـانـظرْ تَــرَ الآلافَ مــن أهـلِ الـورى= قـــيــدَ الــشَّــقـاءِ تــلـفُّـهـم أحـــــزانُ
والـموتُ يـحصدُهم ولـيس لـهم يدٌ= تـحـمي، ولـيـس لـهـم هـنـا أعـوانُ
وهــنـاك مــوتٌ، والـحـضارةُ صـنَّـعتْ= أدواتِـــــــه ولــــهـــا بـــــــه أخـــــــدانُ
غــازاتُــهـا، ورصــاصُــهـا، وقــنـابـلٌ= ســــــارتْ بــأنــبــاءٍ لـــهـــا الــركــبــانُ
أرأيـــتَ طــفـلا تــحـت وطــأة صـخـرةٍ= بـيـن الـركـامِ وقــد هــوى الـبـنيانُ
أرأيـــتَ آخـــرَ قـــد رمــاه الـبـحرُ فــي= أشـداقِ مَـن ظلموا ومن قد خانوا
أرأيـــتَ آخـــرَ كـيـف يُـصـعقُ قـسـوةً= بـالـكـهـربـا، وَلْـيُـكْـتَـب الــعـنـوانُ !؟
مــــاذا أُعَــــدِّدُ والــنــوازلُ لــــم تـــزلْ= تــعـوي ضــحـىً، وبــلادُنـا الـمـيـدانُ
مَــن أسـتـثيرُ؟ ومَــن أُنـادي؟ إنَّـها= إذْ أفــلــتــوهــا مـــالـــهــا أرســـــــانُ
عـمـيـاءَ بـــل بـكـمـاءَ بــل صـمَّـاءَ بــل= أغــنــى صــنــوفَ عُــتُـوَِّهـا الإدمـــانُ
هــذا زمــانُ الـفـصلِ فـاشـتدِّي فـما= يُــغْــنِـي نــــؤومَ الـغـفـلـةِ الإذعــــانُ
يـا أُمَّـتي أغَـضَبْتِ ربَّـك بـالتقاعسِ= والـــونـــى إذْ غــــــرَّك الــشـيـطـانُ
فـركـنـتِ لـلـصـبيان قـــد لـعـبـوا بـمـا= لـــــكِ مــــن فــخــارٍ مــالــه نــسـيـانُ
وعـــقـــيـــدةٍ لـــلــخــيــرِ إنـــســانــيَّــةٍ= ولــهــا اجــتـبـاكِ الــواهـبُ الـرحـمـنُ
ولــهـا اصـطـفاكِ فـكـبَِّري لاتـنـحني= فـلـك الـهـدى والـسـيفُ والـفـرقانُ
والـرحـمـةُ الـمُـهداةُ والـقـيم الـتـي= مــاشــابَـهـا خـــطـــلٌ ولا أضـــغـــانُ
نــزلُ الـكـتابُ بـهـا ، فَـعَـذْبُ بـيـانِها= لــلـنـفـسِ يـــأسِــرُ بـــوحُــه الــهـتَّـانُ
يسمو بها الإنسانُ في هذا المدى= إن عـــاشَ طــيـبَ نـمـيـرها الإنـسـانُ
فـكـتـابُ ربِّـــكِ مـعـجزٌ فـيـه الـهـدى= وبـــــه الــسُّــمُـوُّ وظـــلُّــه الــفـيـنـانُ
وهــو الـهُـوِيَّةُ لـلـكرامِ بـنـي الـورى= مَـــن آمــنـوا، وســواهُـمٌُ الـحـيرانُ
صــبـرًا، فـــلا يَــغْـرُرْكِ نـبـحُ كـلابِـهم= فـي الـعالمين، فـما هُـمُ العقبانُ
فـالمسلمون الـصِّيدُ مـا وهنوا، ولم= يـفـقـدْهُـمُ فــــي عـصـرِنـا الـمـيـدانُ
فـعلى الـشواهقِ إن تـوهَّجَ طـارفٌ= فــهـو الـولـيـدُ … سـراجُـنـا الــمـزدانُ
لايــــرهــــبُ الأعــــــــداءُ إلا فـــتــيــةً= قــــد بــايـعـوا ربَّ الــــورى وتــفـانـوا
فــحَــبـاهُـمُ اللهُ الــقــديــرُ بــنــصــرِه= فــاسـألْ يُـجـبْـكَ الـمُـنْـبِئُ الـنـشـوانُ
لـــكــنْ تــرنَّــحـت الــنـفـوسُ لـغـفـلـةٍ= وتـــبـــلَّـــدتْ لـــلــفَــجْــأةِ الأعــــيــــانُ
فَــنَـضَـتْ لـيـالـيـهم ثــيــابَ جـلالِـهـا= واســـتُــبــدِلــتْ يــابــؤسَــهــا الأردانُ
لـو أنَّ أهـلَ الـخطبِ مـا أغضوا على= عـــارِ الــهـوانِ لَـمَـا طـغـى الـخِـذلانُ
فـاسـتـسلموا لـلـمـجرمين، فـمـرَّغوا= شُـــــمَّ الــجـبـاهِ، فَــغُـلَّـت الأذقــــانُ
أكــلـتْ نـدامـتَـهم بـمـلعبِ قـهـرِهم= أشـــــداقُ حـــقــدٍ نــابُــهـا الــشـنـآنُ
إنَّ الــزنــادقـةَ الـــذيــن اســتـنـسـروا= مـــــاردَّهــــم ديـــــــــنٌ ولا إيــــمــــانُ
هــم كـافـرون بِـهَـدْيِ شــرعِ مُـحَـمَّدٍ= لا الـــديـــنُ يــردعُــهـم ولا الإيـــمــانُ
فـانهضْ أخـا الإسـلامِ أنتَ المجتَبَى= مـــن بــيـن خـلـقِ اللهِ لـسـتَ تُـهـانُ
مــازلـتَ عـنـوانَ الـمـآثرِ فــي الــورى= ولأنـــــتَ ذاك الـــفــارسُ الــمــعـوانُ
تـرقى بـكَ الـقيمُ الحِسانُ فقم لها= فــبــصــدرِك الــتــوحـيـدُ والــعــرفــانُ
مــاضـرَّ وجـهـتَـكَ الـقـويمةَ بـأسُـهم= أو غـــدرُهــم والــظــلـمُ والـطـغـيـانُ
وهـي الـحوادثُ فـي مـداها مـاترى= مُــتَــقَــلِــبــاتٍ مــــالـــهـــا مـــــيــــزانُ
بــشــراكَ إنَّ الــفـتـحَ لــيــس بِــمُـدبـرٍ= فــلــيــومِـه الــحُــلــوِ الــقــريــبِ أوانُ
مـادمتَ تـشهرُ سيفَك المسلولَ لم= يُــغــمَـدْ، فــحــالُ إبــائِــك الــرُّجـحـانُ
إنَّ الــغــثــاءَ حــشــودُهــم ومـــآلُــه= مهما بغى، مهما عوى، الخسرانُ
أبــــشـــرْ فــــــإنَّ اللهَ يُـــؤثِـــرُ أُمًَّــــــةً= بـــيــن الــــورى دســتـورُهـا الــقــرآنُ
يــبــقـى هُـــداهــا عــالــيًـا مــتـألـقًـا= والــمـجـدُ طـــولَ الــدهـرِ والـفـرقـانُ
كـم قـد أُبـيدتْ فـي الـعصورِ ممالكٌ= وهــــوتْ عــلـى هـامـاتِـها الأركـــانُ
فـاشمخْ أخـي فـي اللهِ بالإسلامِ لا= تـــركــنْ لــحــكـمٍ ديـــنُــه الأضـــغــانُ
مـــادمــتُ لــلـقـرآن تــحـيـا فـاعـلـمَـنْ = أنَّ الـــضَّــلالَ ولـــــن يـــضــرَّ دخـــــانُ
شــذو الـمـثاني لـيـس يـفنى بـوحُه= والـــسُّـــنَّــةُ الــــغــــرَّاءُ والــــرضـــوانُ
أهـلوه فـازوا لـيس يُبخسُ سعيُهم= حـــيــثُ اطــمـأنـتْ عــنــده الأجــفــانُ
فـاهنأ قـريرَ الـعينِ لـن يبقى الشقا= والـــــرزءُ يــطــوي وخــــزُه الإيــقــانُ
هـــذا هــو الإســلامُ فـطـرتُنا الـتـي = مــالاكــهـا الــطــاغـوتُ والــعـصـيـانُ
هـــلَّـــتْ مــنــاقـبُـه بــأبــهــى حـــلَّــةٍ = وبـــذي الـمـناقبِ يـزدهـي الـعـمرانُ
هــيـهـاتَ تُــحـصـى لـلـحـنـيفِ مــآثـرٌ= إذ لا يــفـي فـــي حـصـرِهـا الـتـبيانُ
وهـــي الـمـعـالي عـانـقـتْها عـصـبةٌ= ولــفــضـلِـهـا يــتــواثــبُ الــفــرســانُ
دَأَبَـتْ تُـعيدُ لـنا الـفخارَ ومـا انـطوى= فـــهــو الــبـيـانُ الـمـقـمـرُ الـفـيـنـانُ
فـي كـلِّ قـلبِ مؤمنٍ عشقَ الهدى= مـــا نــالــه الإهــــمـــالُ والـــهــجــرانُ
فـمـن الـنُّـبُوَّةِ ذلــك الـقلبُ اسـتقى= عَـــــذْبَ الــقَــرَاحِ فــطـابـت الأبــــدانُ
وهـي الـسكينةُ مـا نـأتْ عـن مسلمٍ= فــــــي عـــمـــرِه فَــوَلِــيُّــهُ الــرَّحــمـنُ
سَـلِـمَ الـشَّـبابُ الأتـقـياءُ مــن الأذى= وطــــوى مــآســي قــومِـنـا الــدَّيَّـانُ
اللهُ مُــنْـتَـقِـمٌ فـــــلا الــبــاغـي نــجــا= أبـــــــــدا ولا الـــمــتــآمــرُ الــــخــــوَّانُ
وحـــبــا إلـــــهُ الـــكــونِ أُمَّــتَـنـا بــمــا = فــــي فــيــضِ رحــمـتِـه ودارَ زمــــانُ
كـم ظـالمٍ بـاعَ الـشعوبَ لأجـلِ مَن = فــأُذيــقَ إذْ حــــمَّ الــقـضـاءُ هــــوانُ
ورأى جــهــنَّــمَ فــاســألــوه فـــإنَّـــه = واللهِ عـــايـــنَــهــا ، وذاك عِـــــيَـــــانُ
غـــــابَ الـتـسـلـطُ والـتـنـطـعُ والأذى = والـــكــبــريــاءُ فـــــأُمَّــــه الـــنـــيـــرانُ
وتــنـاثـرتْ إذْ ذاك أوســمــة زهــــتْ = فـــــــي صـــــــدرِه أوَّاهُ والــنــيـشـانُ
فــهـو الـزعـيـمُ لــه الـرعـاعُ تـجـمَّعوا = كـي يـهتفوا فـي الـساحِ والصبيانُ
عـاشَ الـزعيمُ ، ولـيتهم لم يهتفوا = إنَّ الـــزعـــيـــمَ لـــمـــجــرمٌ ســــجَّــــانُ
اللهُ يـــعـــلــمُ بـــغـــيَــه وفــــســـادَه = وبــــنــــابـــه تـــتـــمــيــزُ الـــــذؤبـــــانُ
واللهُ يــحـيـي أُمَّــــة قــــد ســامـهـا = حــكـمُ الـطـغـاةِ ويـنـطوي الـلـمعانُ
مــــازالَ نــــورُ اللهِ فــــي أحــداقِـهـا = وبِـــمِـــرْوَدَيْــهِ تُـــكَـــحَّــلُ الأجــــفـــانُ
والــديــنُ بــــاقٍ رغــــمَ كـــلِّ مـضـلـلٍِ = لايـعـتـريـه عــلــى الــمــدى نـقـصـانُ
وعــقـائـدُ الـكـفـرِ الـبـغـيضِ تـنـوَّعـتْ = ومـــآلُــهــا الإفــــنـــاءُ والـــخــســرانُ
فـــي كـــلِّ عـصـرٍ يـحـتفون بـمـذهبٍ = أخــنــى عــلـيـه الـفـحـشُ والــخِـذلانُ
صـاغـوه مــن نـتـن الـمـفاسدِ جـمـلةً = فــفــصــولُـه الآثــــــامُ والــهــذيــانُ
واللهوُ والـسَّهرُ الـمقيتُ ومـا جـرى = إذ عــــربـــدَ الــسِّــكِّــيـرُ والــدهــقــانُ
والـفـسقُ إنْ ركــبَ الـعقولَ تـرهلتْ = واخـتـلَّ فــي وضـعِ الـحِجَى الـميزانُ
أَوَيَـسْـعـدُ الإنـسـانُ إنْ قـادَتْـهُ فــي = سُــبـلِ الــعـلاءِ الـغـيـدُ والـنـسـوانُ !
والـخـمرُ والـعُـريُ الـذي يـمحو الـحيا = فــتــرى الــشَّـقـيَّ كــأنَّــه حــيــوانُ !
ولـعلها أدهـى الـمصائبِ إنْ مـضى = بــالــحـكـمِ فـــــي أزمــانِــنـا صــبــيـانُ
يـجـنـون مـــن حَـيَـوِيَّـةِ الـعـمرِ الــذي = أخـــــــوى تـــبــابًــا مــــالَـــه عـــنـــوانُ
فـلـقد بــرى أجـسـادَهم وجــعُ الـخنا = فــالــجـسـمُ بــــــاتَ كـــأنَّــه جــثــمـانُ
وهُــمُ الـذيـن عـلـى الـقـبائحِ أبـرموا = عــهـدًا فـضـاعتْ بـالـهوى الأوطــانُ
الـعـاكـفون عــلـى الــرذائـل ويـلـهم = مـا أسـعفتْهُم فـي الـورى الـنُّدمانُ
خـانـتْـهُمُ الـدنـيا الـتـي عـبـدوا بـهـا = أهــواءَهــم ، واسـتُـبـعِـدَ الإحــسـانُ
مـابـالهم كـرهـوا الـحـقيقةَ وانـثنوا = فـاقـتادهم فــي الـمـهمهِ الـكهَّانُ
خــانــوا الـعـقـيدةَ : فــطـرةً فــوَّاحـةً = وبــربــعِــهــا يُــســتَـنْـبَـتُ الـــريــحــانُ
واسـتـأنـسوا بـالـمغرياتِ ، وقـيـحُها = قــــــد عـــافــه الــشُّــرفـاءُ والـــرُّبَّــانُ
وهــفـوا إلـيـهـا تـشـمـخرُ أُنـوفُـهُـم = كِــبــرًا ، و وجــــهُ زعـيـمِـهـم خــزيـانُ
أَتَـــقَــرُّ عـــيــنٌ والــنـفـوسُ سـجـيـنـةٌ = مـــاضــمَّــهــا أمــــــــنٌ ولا إيــــمــــانُ
كـذبـوا وربِّــك مــارأوا طـعـمَ الـمنى = وقــلـوبُـهـم فــيـهـا الــتَّـبـارُ يُــصــانُ
أبـــدا فـلـم يـجْـلُ الـصـباحُ ظـلامَـهم = فـصـبـاحُـهـم وظــلامُــهـم قـــنــوانُ
ولـسـانُـهم لـــم يـجـرِ فــي ألـفـاظِه = إلا الـــهُـــراءُ الــمــحـضُ والــكــفـرانُ
شريف قاسم
حَــدَّاهــمـا مــتـبـرئـان مــــن الــونــى = والـــعــزُّ بـيـنـهـمـا : يـــــدٌ و لـــســانُ
فـــإذا هــمـا هُــجِـرَا تــمـوتُ مــروءةٌ = ويـعـيـشُ فـــي أهـلـيهما الـخِـذلانُ
فـعـلـيـهـما شُــــدَّتْ ســواعــدُ أُمَّــــةٍ = مــانـالـهـا رغـــــم الـــعــدا خـــســرانُ
أَوَيــرفَــعُ الــصــوتَ الـزنـيـمُ مـعـربـدًا = أتــهــيــنُ ديـــــنَ نــبـيِّـنـا الــغــربـانُ
أيـــضــجُّ بـالـتـهـديـدِ ســكِّـيْـرٌ لــهــم = وســـــلاحُــــه الأوزارُ والأضـــــغــــانُ
وتـعـودُ فــي الـدنـيا الـجهالةُ عـنوةً = وعــلــى مــداهــا تُــعـبَـدُ الأوثــــانُ
فـالـجـاهـلـية فـــرَّخــتْ فــــي عــالَــمٍ= فَــبَــنُـوهُ هـــــذا الــذئــبُ والـثُّـعـبـانُ
مــن جُـحـرِ إفـرنـجٍ ومــن غـابٍ طـغى= فــيــه الـسَّـفـيهُ الــفَـدمُ و الـخَـزيـانُ
ومـــن الــرعـاعِ اسـتـأسدوا لـمَّـا رأوا= وَهَـــــنَ الـــكــرامِ كــأنَّــهـم عُــبــدانُ
وهُــــمُ الأذلــــةُ لافــخـارَ ولا هـــدى= أبـــدا ولــيـس لــهـم هــنـاك مـكـانُ
هــــانَ الأبـــاةُ فــأدبـرَتْ قــيـمٌ لــهـا= بِـسُـمُـوِّهـم فـــي الـعـالـمين زمـــانُ
كـــان الــعـدو يـهـابُهم بــل يـنـحني= لــمــهــابـةٍ فــلِــعـزِّهـم ســلــطــانُ
هـــي أُمَّـــةٌ هـجـعتْ زمـانًـا فـانـثنى= عـــــزمٌ ، وغـــــابَ لــثُـكـلـه الإمــكــانُ
فـالـمـجدُ ولَّـــى، والـمـآثـرُ صــوَّحـتْ= وكــــأنَّـــمـــا تـــاريـــخُــهــا عُـــــريــــانُ
فـكـريـمُـهـا أخـــــوى بــغـيـرِ رِفــــادةٍ= وقـــريــبُ مــــاءِ فــراتِـهـا عــطـشـانُ
واللهوُ أطــبــقَ ، فـالـمـلاعـبُ حُـــرَّةٌ= ولـــبــؤسِ وجـــــهِ زمــانِــهـا إعــــلانُ
كـــــانَ الــحــرامُ : كــبـيـرُه وصــغـيـرُه= يُــخْــفَـى حـــيــاءً دسَّـــــه الــكـتـمـانُ
والــيـوم أضــحـى مـسـتساغًا حُـلـوُه= أو مُــــــــــرُّه، ولـــشـــأنِـــه خُـــــــــزَّانُ
مـــا يُـغـضبُ الـدَّيَّـانَ أمـسـى وافــرًا= مُـــتَـــدَاولا يــلــهــو بـــــه الـــولــدانُ
والـيـومَ تـنـتظمُ الـحـشودُ لأجــلِ أنْ= تُــســتَــحــسَـنَ الأدوارُ والـــــــــدورانُ
وَلِـيَـلْـعَـبَ الـشـيـطانُ أجــمـلَ لـعـبـةٍ= ويـــــــراوغَ الـــسَّــرحــانُ والـــفــئــرانُ
والـمـالُ يُـبـذلُ لـلـسفاهةِ والـهوى= مـهـما غَـلَـتْ فــي سـوقِـه الأثـمـانُ
آهٍ عــلــى وطــنــي الــــذي يـجـتـاحُه= غـضبُ الإلـهِ، وقد طغى العدوانُ
هـــل أقــفـرتْ قــيـمٌ ومـاتـتْ نـخـوةٌ= وَتَــصَــحَّـرَتْ بــرؤوسِـنـا الأذهــــانُ ؟
ربَّـــــــاهُ هـــــــذا مــاجَــنَــتْـهُ أكُــفُّــنــا…واسْـتُـسْـهـلتْ إذْ نــحـلـفُ الأَيْــمــانُ
فــفــؤادُنـا مَــيْــتٌ بــرمــسِ هــوانِـنـا= وعـــدوُّنــا فـــــي بــطـشِـه يــقـظـانٌ
رُحــمــاكَ ذقــنــا مـــن مـــرارةِ كـربِـنـا= وهـــــوتْ عـــلــى أكــبــادِنـا الــمُــرَّانُ
فـــارحــمْ تَــضَـرُّعَـنـا ، وفـــــرِّجْ غُــمَّــةً= فـــســواكَ يـــــاربَّ الــــورى بُــطــلانُ
فــأغــثْ إلــهــي أُمَّــــةً نـــادتْ ولـــم= تَــســمـعْ لـــصــوتِ جــراحِــهـا الآذانُ
هـــي أُمَّــةُ الإســلامِ ، ديــنِ مُـحَـمَّدٍ= أبـــنـــاؤُهــا الأبـــــــرارُ والــشُّــجــعـانُ
لــم يـجـفلوا يـوما إذا اشـتدَّ الـوغى= أو هــــاجَ فُــــرْسُ الــنــارِ والــرومــانُ
تـيـجـانُـهم أكـفـانُـهـم لــــم يُــدبـروا= إذ لاحَ بــالــبـشـرى لـــهــم رضـــــوانُ
فـأُولـئِـكُـمْ لــمَّـا اتَّــقَـوا ربَّ الـــورى= ذلَّ الـــعــدوُّ الــخــصـمُ والــشـيـطـانُ
أو لاذَ مــخــتــبــئًــا وراءَ مــــكـــيـــدةٍ= ولــــــه بــمــحـفـلِ أهــلِــهـا أعـــــوانُ
والـكـالئُ الـمـولى الـمـحيطُ بـخـلقِه= فـالـكـفـرُ يُــهـزمُ، والــضَّـلالُ يُـــدَانُ
والــعـابـدون لــغـيـرِه تــاهــوا فــلـم= تــنـفَـعْـهُـمُ الأهــــــواءُ والــنُّــدْمــانُ
وقــيــادةُ الأحــــزابِ فـــي أفـكـارِهـا= وَهَــنَـتْ فــلـم يـنـبِـضْ لـهـا شِـريـانُ
والـقـومُ يـجـترئون فــي مـكـرٍ لـهـم= لــكــنْ يــبــورُ ويـنـتـهـي الـهـيـجانُ
ولـــعـــزَّةِ الإســــــلامِ تــعــلـو رايـــــةٌ= خــفَّــاقــةٌ بـــاهـــى بـــهــا كـــيــوانُ
تــروي لـنـا الـمـجدَ الـذي لـم يـنصرمْ= فــشــذاهُ فــيــه الــــرَّوْحُ والــرَّيْـحـانُ
وبــــــه تُـــجـــدَّدُ لـــلــورى صــفـحـاتُـه= فــيـهـا الــبــواحُ الــعــذبُ والـتَّـحـنانُ
وهـي الـشَّريعةُ نـورُها لـم يـنطفئْ= فـلـها الـشَّـبابُ الـشَّـهمُ والـفرسانُ
أغـنتْ رحـابَ الـكونِ إذهـي والسَّنى= والــلــيــلــةُ الـــقـــمــراءُ والأفــــنـــانُ
والـمـزنُ تـسـقي فـالـمرابعُ تـزدهي= والـــواحـــةُ الــخــضــراءُ والــبــسـتـانُ
والأمــــنُ ظــــلٌّ لـلـشـعـوبِ ومــوئـلٌ= فـلـقد صـفـا فـي الأنـفُسِ الـوجدانُ
هــــذا هــــو الــقــرآنُ يـصـنـعُ أُمَّـــةً= أَمِـــنَــتْ بـــــدارِ إخــائِــهـا الأجــفــانُ
إذ بــــاتَ لــلإنـسـانِ قـيـمـتـه الــتــي= أودى بِــنُـبْـلِ وســامِـهـا الـطـغـيـانُ
لا هــــذه الأرجــــاس مــــن زورٍ لـــه= يُــعـنَـى بـخـبـثِ فـسـادِهـا الـبـهـتانُ
وحــضــارةٌ مـلـعـونـةٌ أشــقـتْ بــنـي= الـدنـيـا ، فــهـانَ الــحـقُّ والإنــسـانُ
هـــي لــوَّنـت وجـــهَ الـحـياةِ بـزُخـرُفٍ= والــتــقـنـيـاتُ نــشــيــدُهـا الــفــتَّــانُ
لــكـنـهـا فــشــلـتْ بــحـفـظِ كــرامــةٍ= لـلـنـاسِ واسـتـشـرى بــهـا الـحِـرمانُ
فـالبؤسُ والـقلقُ الـممضُّ ومـا نرى= مـــن مـشـهدٍ فـاضـتْ لــه الأشـجـانُ
فـانـظرْ تَــرَ الآلافَ مــن أهـلِ الـورى= قـــيــدَ الــشَّــقـاءِ تــلـفُّـهـم أحـــــزانُ
والـموتُ يـحصدُهم ولـيس لـهم يدٌ= تـحـمي، ولـيـس لـهـم هـنـا أعـوانُ
وهــنـاك مــوتٌ، والـحـضارةُ صـنَّـعتْ= أدواتِـــــــه ولــــهـــا بـــــــه أخـــــــدانُ
غــازاتُــهـا، ورصــاصُــهـا، وقــنـابـلٌ= ســــــارتْ بــأنــبــاءٍ لـــهـــا الــركــبــانُ
أرأيـــتَ طــفـلا تــحـت وطــأة صـخـرةٍ= بـيـن الـركـامِ وقــد هــوى الـبـنيانُ
أرأيـــتَ آخـــرَ قـــد رمــاه الـبـحرُ فــي= أشـداقِ مَـن ظلموا ومن قد خانوا
أرأيـــتَ آخـــرَ كـيـف يُـصـعقُ قـسـوةً= بـالـكـهـربـا، وَلْـيُـكْـتَـب الــعـنـوانُ !؟
مــــاذا أُعَــــدِّدُ والــنــوازلُ لــــم تـــزلْ= تــعـوي ضــحـىً، وبــلادُنـا الـمـيـدانُ
مَــن أسـتـثيرُ؟ ومَــن أُنـادي؟ إنَّـها= إذْ أفــلــتــوهــا مـــالـــهــا أرســـــــانُ
عـمـيـاءَ بـــل بـكـمـاءَ بــل صـمَّـاءَ بــل= أغــنــى صــنــوفَ عُــتُـوَِّهـا الإدمـــانُ
هــذا زمــانُ الـفـصلِ فـاشـتدِّي فـما= يُــغْــنِـي نــــؤومَ الـغـفـلـةِ الإذعــــانُ
يـا أُمَّـتي أغَـضَبْتِ ربَّـك بـالتقاعسِ= والـــونـــى إذْ غــــــرَّك الــشـيـطـانُ
فـركـنـتِ لـلـصـبيان قـــد لـعـبـوا بـمـا= لـــــكِ مــــن فــخــارٍ مــالــه نــسـيـانُ
وعـــقـــيـــدةٍ لـــلــخــيــرِ إنـــســانــيَّــةٍ= ولــهــا اجــتـبـاكِ الــواهـبُ الـرحـمـنُ
ولــهـا اصـطـفاكِ فـكـبَِّري لاتـنـحني= فـلـك الـهـدى والـسـيفُ والـفـرقانُ
والـرحـمـةُ الـمُـهداةُ والـقـيم الـتـي= مــاشــابَـهـا خـــطـــلٌ ولا أضـــغـــانُ
نــزلُ الـكـتابُ بـهـا ، فَـعَـذْبُ بـيـانِها= لــلـنـفـسِ يـــأسِــرُ بـــوحُــه الــهـتَّـانُ
يسمو بها الإنسانُ في هذا المدى= إن عـــاشَ طــيـبَ نـمـيـرها الإنـسـانُ
فـكـتـابُ ربِّـــكِ مـعـجزٌ فـيـه الـهـدى= وبـــــه الــسُّــمُـوُّ وظـــلُّــه الــفـيـنـانُ
وهــو الـهُـوِيَّةُ لـلـكرامِ بـنـي الـورى= مَـــن آمــنـوا، وســواهُـمٌُ الـحـيرانُ
صــبـرًا، فـــلا يَــغْـرُرْكِ نـبـحُ كـلابِـهم= فـي الـعالمين، فـما هُـمُ العقبانُ
فـالمسلمون الـصِّيدُ مـا وهنوا، ولم= يـفـقـدْهُـمُ فــــي عـصـرِنـا الـمـيـدانُ
فـعلى الـشواهقِ إن تـوهَّجَ طـارفٌ= فــهـو الـولـيـدُ … سـراجُـنـا الــمـزدانُ
لايــــرهــــبُ الأعــــــــداءُ إلا فـــتــيــةً= قــــد بــايـعـوا ربَّ الــــورى وتــفـانـوا
فــحَــبـاهُـمُ اللهُ الــقــديــرُ بــنــصــرِه= فــاسـألْ يُـجـبْـكَ الـمُـنْـبِئُ الـنـشـوانُ
لـــكــنْ تــرنَّــحـت الــنـفـوسُ لـغـفـلـةٍ= وتـــبـــلَّـــدتْ لـــلــفَــجْــأةِ الأعــــيــــانُ
فَــنَـضَـتْ لـيـالـيـهم ثــيــابَ جـلالِـهـا= واســـتُــبــدِلــتْ يــابــؤسَــهــا الأردانُ
لـو أنَّ أهـلَ الـخطبِ مـا أغضوا على= عـــارِ الــهـوانِ لَـمَـا طـغـى الـخِـذلانُ
فـاسـتـسلموا لـلـمـجرمين، فـمـرَّغوا= شُـــــمَّ الــجـبـاهِ، فَــغُـلَّـت الأذقــــانُ
أكــلـتْ نـدامـتَـهم بـمـلعبِ قـهـرِهم= أشـــــداقُ حـــقــدٍ نــابُــهـا الــشـنـآنُ
إنَّ الــزنــادقـةَ الـــذيــن اســتـنـسـروا= مـــــاردَّهــــم ديـــــــــنٌ ولا إيــــمــــانُ
هــم كـافـرون بِـهَـدْيِ شــرعِ مُـحَـمَّدٍ= لا الـــديـــنُ يــردعُــهـم ولا الإيـــمــانُ
فـانهضْ أخـا الإسـلامِ أنتَ المجتَبَى= مـــن بــيـن خـلـقِ اللهِ لـسـتَ تُـهـانُ
مــازلـتَ عـنـوانَ الـمـآثرِ فــي الــورى= ولأنـــــتَ ذاك الـــفــارسُ الــمــعـوانُ
تـرقى بـكَ الـقيمُ الحِسانُ فقم لها= فــبــصــدرِك الــتــوحـيـدُ والــعــرفــانُ
مــاضـرَّ وجـهـتَـكَ الـقـويمةَ بـأسُـهم= أو غـــدرُهــم والــظــلـمُ والـطـغـيـانُ
وهـي الـحوادثُ فـي مـداها مـاترى= مُــتَــقَــلِــبــاتٍ مــــالـــهـــا مـــــيــــزانُ
بــشــراكَ إنَّ الــفـتـحَ لــيــس بِــمُـدبـرٍ= فــلــيــومِـه الــحُــلــوِ الــقــريــبِ أوانُ
مـادمتَ تـشهرُ سيفَك المسلولَ لم= يُــغــمَـدْ، فــحــالُ إبــائِــك الــرُّجـحـانُ
إنَّ الــغــثــاءَ حــشــودُهــم ومـــآلُــه= مهما بغى، مهما عوى، الخسرانُ
أبــــشـــرْ فــــــإنَّ اللهَ يُـــؤثِـــرُ أُمًَّــــــةً= بـــيــن الــــورى دســتـورُهـا الــقــرآنُ
يــبــقـى هُـــداهــا عــالــيًـا مــتـألـقًـا= والــمـجـدُ طـــولَ الــدهـرِ والـفـرقـانُ
كـم قـد أُبـيدتْ فـي الـعصورِ ممالكٌ= وهــــوتْ عــلـى هـامـاتِـها الأركـــانُ
فـاشمخْ أخـي فـي اللهِ بالإسلامِ لا= تـــركــنْ لــحــكـمٍ ديـــنُــه الأضـــغــانُ
مـــادمــتُ لــلـقـرآن تــحـيـا فـاعـلـمَـنْ = أنَّ الـــضَّــلالَ ولـــــن يـــضــرَّ دخـــــانُ
شــذو الـمـثاني لـيـس يـفنى بـوحُه= والـــسُّـــنَّــةُ الــــغــــرَّاءُ والــــرضـــوانُ
أهـلوه فـازوا لـيس يُبخسُ سعيُهم= حـــيــثُ اطــمـأنـتْ عــنــده الأجــفــانُ
فـاهنأ قـريرَ الـعينِ لـن يبقى الشقا= والـــــرزءُ يــطــوي وخــــزُه الإيــقــانُ
هـــذا هــو الإســلامُ فـطـرتُنا الـتـي = مــالاكــهـا الــطــاغـوتُ والــعـصـيـانُ
هـــلَّـــتْ مــنــاقـبُـه بــأبــهــى حـــلَّــةٍ = وبـــذي الـمـناقبِ يـزدهـي الـعـمرانُ
هــيـهـاتَ تُــحـصـى لـلـحـنـيفِ مــآثـرٌ= إذ لا يــفـي فـــي حـصـرِهـا الـتـبيانُ
وهـــي الـمـعـالي عـانـقـتْها عـصـبةٌ= ولــفــضـلِـهـا يــتــواثــبُ الــفــرســانُ
دَأَبَـتْ تُـعيدُ لـنا الـفخارَ ومـا انـطوى= فـــهــو الــبـيـانُ الـمـقـمـرُ الـفـيـنـانُ
فـي كـلِّ قـلبِ مؤمنٍ عشقَ الهدى= مـــا نــالــه الإهــــمـــالُ والـــهــجــرانُ
فـمـن الـنُّـبُوَّةِ ذلــك الـقلبُ اسـتقى= عَـــــذْبَ الــقَــرَاحِ فــطـابـت الأبــــدانُ
وهـي الـسكينةُ مـا نـأتْ عـن مسلمٍ= فــــــي عـــمـــرِه فَــوَلِــيُّــهُ الــرَّحــمـنُ
سَـلِـمَ الـشَّـبابُ الأتـقـياءُ مــن الأذى= وطــــوى مــآســي قــومِـنـا الــدَّيَّـانُ
اللهُ مُــنْـتَـقِـمٌ فـــــلا الــبــاغـي نــجــا= أبـــــــــدا ولا الـــمــتــآمــرُ الــــخــــوَّانُ
وحـــبــا إلـــــهُ الـــكــونِ أُمَّــتَـنـا بــمــا = فــــي فــيــضِ رحــمـتِـه ودارَ زمــــانُ
كـم ظـالمٍ بـاعَ الـشعوبَ لأجـلِ مَن = فــأُذيــقَ إذْ حــــمَّ الــقـضـاءُ هــــوانُ
ورأى جــهــنَّــمَ فــاســألــوه فـــإنَّـــه = واللهِ عـــايـــنَــهــا ، وذاك عِـــــيَـــــانُ
غـــــابَ الـتـسـلـطُ والـتـنـطـعُ والأذى = والـــكــبــريــاءُ فـــــأُمَّــــه الـــنـــيـــرانُ
وتــنـاثـرتْ إذْ ذاك أوســمــة زهــــتْ = فـــــــي صـــــــدرِه أوَّاهُ والــنــيـشـانُ
فــهـو الـزعـيـمُ لــه الـرعـاعُ تـجـمَّعوا = كـي يـهتفوا فـي الـساحِ والصبيانُ
عـاشَ الـزعيمُ ، ولـيتهم لم يهتفوا = إنَّ الـــزعـــيـــمَ لـــمـــجــرمٌ ســــجَّــــانُ
اللهُ يـــعـــلــمُ بـــغـــيَــه وفــــســـادَه = وبــــنــــابـــه تـــتـــمــيــزُ الـــــذؤبـــــانُ
واللهُ يــحـيـي أُمَّــــة قــــد ســامـهـا = حــكـمُ الـطـغـاةِ ويـنـطوي الـلـمعانُ
مــــازالَ نــــورُ اللهِ فــــي أحــداقِـهـا = وبِـــمِـــرْوَدَيْــهِ تُـــكَـــحَّــلُ الأجــــفـــانُ
والــديــنُ بــــاقٍ رغــــمَ كـــلِّ مـضـلـلٍِ = لايـعـتـريـه عــلــى الــمــدى نـقـصـانُ
وعــقـائـدُ الـكـفـرِ الـبـغـيضِ تـنـوَّعـتْ = ومـــآلُــهــا الإفــــنـــاءُ والـــخــســرانُ
فـــي كـــلِّ عـصـرٍ يـحـتفون بـمـذهبٍ = أخــنــى عــلـيـه الـفـحـشُ والــخِـذلانُ
صـاغـوه مــن نـتـن الـمـفاسدِ جـمـلةً = فــفــصــولُـه الآثــــــامُ والــهــذيــانُ
واللهوُ والـسَّهرُ الـمقيتُ ومـا جـرى = إذ عــــربـــدَ الــسِّــكِّــيـرُ والــدهــقــانُ
والـفـسقُ إنْ ركــبَ الـعقولَ تـرهلتْ = واخـتـلَّ فــي وضـعِ الـحِجَى الـميزانُ
أَوَيَـسْـعـدُ الإنـسـانُ إنْ قـادَتْـهُ فــي = سُــبـلِ الــعـلاءِ الـغـيـدُ والـنـسـوانُ !
والـخـمرُ والـعُـريُ الـذي يـمحو الـحيا = فــتــرى الــشَّـقـيَّ كــأنَّــه حــيــوانُ !
ولـعلها أدهـى الـمصائبِ إنْ مـضى = بــالــحـكـمِ فـــــي أزمــانِــنـا صــبــيـانُ
يـجـنـون مـــن حَـيَـوِيَّـةِ الـعـمرِ الــذي = أخـــــــوى تـــبــابًــا مــــالَـــه عـــنـــوانُ
فـلـقد بــرى أجـسـادَهم وجــعُ الـخنا = فــالــجـسـمُ بــــــاتَ كـــأنَّــه جــثــمـانُ
وهُــمُ الـذيـن عـلـى الـقـبائحِ أبـرموا = عــهـدًا فـضـاعتْ بـالـهوى الأوطــانُ
الـعـاكـفون عــلـى الــرذائـل ويـلـهم = مـا أسـعفتْهُم فـي الـورى الـنُّدمانُ
خـانـتْـهُمُ الـدنـيا الـتـي عـبـدوا بـهـا = أهــواءَهــم ، واسـتُـبـعِـدَ الإحــسـانُ
مـابـالهم كـرهـوا الـحـقيقةَ وانـثنوا = فـاقـتادهم فــي الـمـهمهِ الـكهَّانُ
خــانــوا الـعـقـيدةَ : فــطـرةً فــوَّاحـةً = وبــربــعِــهــا يُــســتَـنْـبَـتُ الـــريــحــانُ
واسـتـأنـسوا بـالـمغرياتِ ، وقـيـحُها = قــــــد عـــافــه الــشُّــرفـاءُ والـــرُّبَّــانُ
وهــفـوا إلـيـهـا تـشـمـخرُ أُنـوفُـهُـم = كِــبــرًا ، و وجــــهُ زعـيـمِـهـم خــزيـانُ
أَتَـــقَــرُّ عـــيــنٌ والــنـفـوسُ سـجـيـنـةٌ = مـــاضــمَّــهــا أمــــــــنٌ ولا إيــــمــــانُ
كـذبـوا وربِّــك مــارأوا طـعـمَ الـمنى = وقــلـوبُـهـم فــيـهـا الــتَّـبـارُ يُــصــانُ
أبـــدا فـلـم يـجْـلُ الـصـباحُ ظـلامَـهم = فـصـبـاحُـهـم وظــلامُــهـم قـــنــوانُ
ولـسـانُـهم لـــم يـجـرِ فــي ألـفـاظِه = إلا الـــهُـــراءُ الــمــحـضُ والــكــفـرانُ
شريف قاسم