المحامون.. رسل عدالة وسدنتها بقلم:المحامية : نسرين عوكل
تاريخ النشر : 2019-09-20
المحامون... ... رسل عدالة وسدنتها

المحامية : نسرين عوكل

(هذا روب محامي شريف ستر به عورة رجل فقير)  استوقفتني العبارة السابقة التي خطتها مشاعر عظيمة , ترجمت صدق من قال لكل مقام مقال،كيف لا ؟ ونحن في حضرة رسل العدالة وسدنتها ، أصحاب المهنة الحرة والرسالة السامية.

قصة العبارة العجيبة في التسعينات يرويها أحد كبار شيوخ المحامين الغربين فيقول:  في احدى جلسات الجنح فوجئ كل من في قاعة المحكمة بأحد المواطنين يمثل أمام المحكمة مرتديا جلباباً مهلهلاً وقصير ويرتدى فوقه روب محاماة ، ليقدم للقاضي مخالصة عن القضية المتهم بها ، وفى دهشة من السادة المحامين الحضور استوقفه القاضي معنفاً بقوله:  كيف تجرؤ ايها الرجل على ارتداء روب المحاماة داخل القاعة وانت لست محاميا ؟!

رد الرجل بما لا يتوقعه أحد قائلا ً "هذا الروب ستر عورتي وهو ملك لمحامي شريف خلعه ووضعه على جسدي حينما تمزق جلبابي من الخلف وظهرت عورتي قبل دخولي لحضور الجلسة ، وأسأل الله تعالى أن يستره في الدنيا والأخرة كما سترنى "،  فقدمت المحكمة الشكر للمحامي الذى لم يحضر الجلسة خوفاً من تأنيب زملائه له ، ولم يكن خوفه في محله، فقد خرج زملائه ليشكروه، لكنه  غادر المكان , أما الرجل البسيط فقد كتب على الجزء الأبيض في ذلك الروب ، هذا روب محامى شريف ستر به عورة رجل فقير واحتفظ به.

نعم عزيزي القارىء إنها المهنة الحرة والرسالة السامية  .. مهنة العظماء والشرفاء ...  والتي وصفها روجيسيو  رئيس القضاة الأعلى في فرنسا في عهد لويس الخامس عشر ,إنها مهنة عريقة كالقضاء ، مجيدة كالفضيلة ، ضرورية كالعدالة ، فهي المهنة التي يندمج فيها السعي للثروة مع أداء الواجب ، حيث الجراءة والجاه لا ينفصلان، فالمحامي يُكرس حياته لخدمة الجمهور دون أن يكون عبداً له , فمهنة المحاماة تجعل المرء نبيلاً عن غير طريق الولادة ، رفيعاً دون حاجة إلى لقب ، سيداً بغير ثروة ، ليس هذا فحسب، بل هي المهنة التي  تمناها الملوك، فها هو لويس الرابع عشر يترجم ذلك بقوله:  لو لم اكن ملكاً لفرنسا لوددت أن أكون محامياً.

ودعني عزيزي القارئ أختم مقالتي هذه بأن أوصيك بقراءة " الوصايا الاربعين" التي وضعها  المحامي عمر الخولي،  تلك القامة القانونية التي تحرص على شرف مهنتها وكرامة.