الخروج من أوسلو بقلم:خالد صادق
تاريخ النشر : 2019-09-19
الخروج من أوسلو بقلم:خالد صادق


الخروج من أوسلو
خالد صادق
على مدار ستة وعشرين عاما والسلطة الفلسطينية تلعب في مربع أوسلو في محاولة مستميتة لاستجلاب أية حقوق لشعبنا الفلسطيني, ولكنها وصلت في النهاية إلى لحظة الحقيقة التي لا تريد ان تعلنها, بأنها تدور في حلقة مفرغة لن تجني من ورائها إلا المرارة والألم, فأوسلو التي أوسعت اللاهثين وراءها يأسا وإحباطا وهزيمة, لم تعد صالحة للعيش أكثر من ذلك, خاصة ان الاحتلال أعلن ان أوسلو أصبحت خلف ظهره تماما ولم يعد ينظر إليها من قريب أو بعيد, وبدأت الإدارة الأمريكية في طرح البدائل, فخرجت بما أسمته بصفقة القرن للالتفاف على الحقوق الفلسطينية, وإيجاد مخرج للاحتلال كي ينفذ مخططاته العدوانية ويرسم حدود دولته برؤية إسرائيلية خالصة بعيدا عن القرارات الدولية "المجحفة" الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة, فقد مات أوسلو وانتهى بعد ان صفقوا له في البيت الأبيض كما قال الأمين العام لحرة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة في كلمته بالأمس في مؤتمر نظم في غزة وحمل عنوان "الخروج من أوسلو" فهل يمكن للسلطة ان تتخلص من أوسلو وملحقاتها, أم ستبقى تدور داخل هذه الحلقة المفرغة إلى ما لا نهاية.

الأمين العام للجهاد الإسلامي قال في كلمته ان من وقعوا على أوسلو افقدونا 78% من مساحة فلسطين التاريخية بمجرد التوقيع عليها, وأنهم لم يكونوا متأكدين حتى من 22% المتبقية وهل سيساوم عليها الاحتلال أم سيتركونها للسلطة, وان حركة الجهاد الإسلامي ومنذ اللحظة الأولى من توقيع هذه الاتفاقية المشئومة حذرت من خطورتها على شعبنا وقضيتنا, وأنها تفرط في حقوقنا وثوابتنا الفلسطينية, وطرحت حركة الجهاد الإسلامي مبادرات عدة للتخلص من أوسلو منذ 1993م حتى الآن, فقد انتقدها الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي رحمه الله فقال" الاتفاقية في حد ذاتها ضعيفة هشة ولا يمكنها الصمود أمام تعقيدات عديدة مثل غياب الأمن وفشل التنمية وعدم تحسن الوضع الاقتصادي، فالاتفاقية تملك عوامل موتها في داخلها, اتفاق أوسلو ليس اتفاق سلام، بل تكريس للاحتلال على كل فلسطين ويهدف للهيمنة على كل فلسطين", بينما طرح الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور رمضان عبد الله شلح شفاه الله وعافاة مبادرة من عشر نقاط للتخلص من أوسلو, أقرتها الفصائل الفلسطينية مجتمعة لكن السلطة رفضتها بحجة بعدم الواقعية في الطرح, ولا يمكن تطبيقها.

بينما طرح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة مبادرة جسور الثقة بنقاطها الخمسة والتي تقوم على أساس المصالحة الفلسطينية, وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني, والتأكيد على خيار المقاومة كحق أصيل لشعبنا من اجل استرداد حقوقه المسلوبة, فحركة الجهاد أكدت منذ البداية ان أوسلو كارثة تستهدف قضيتنا الفلسطينية وحقوق شعبنا, وان الخلاص منها أصبح واجبا وطنيا وأخلاقيا, وضروريا لمواجهة التحديات التي تعصف بنا, واخطر هذه التحديات ما يسمى بصفقة القرن, وكما قال الأمين العام للجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة في كلمته علينا الاعتراف بالمأزق, والإقرار بأنه ناتج عن مُخرجات أوسلو، ويجب امتلاك الإرادة الوطنية الواضحة للخروج من مشروع التسوية ومرحلة أوسلو, كما يجب العودة إلى الكل الفلسطيني بتوحيد الجبهة الداخلية ورص الصفوف لمواجهة الأخطار, وعلينا إيجاد مرجعية وطنية جامعة للشعب الفلسطيني، ويجب إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كعمود فقري للنظام السياسي الفلسطيني، كما يجب إحداث تغيير جوهري في دور ووظيفة السلطة وبناء إستراتيجية وطنية موحدة تتجاوز قيود أوسلو، وتتخطى واقع الانقسام، ترتكز على عوامل القوة الذاتية للشعب الفلسطيني، ونقاط الضعف للكيان الصهيوني، وتقوم على دعامتي الصمود والمقاومة، ووقف التآكل في ثوابت القضية الفلسطينية.

كل هذه أطواق نجاة تقدمها حركة الجهاد الإسلامي للسلطة الفلسطينية للتخلص من أوسلو التي أوصلتها إلى هذه الحالة الصعبة والمتردية التي تعيشها, فهل تستجيبون للمبادرات المطروحة؟, أم ستتمترسون خلف مواقفكم للأبد؟, وهل حانت لحظة الخروج من أوسلو, أم ما زلتم تعلقون عليها الآمال؟ الإجابة تبقى عندكم..