قصةُ ميت بقلم:براء نادر النداف
تاريخ النشر : 2019-09-18
قصةُ ميت بقلم:براء نادر النداف


بقلم:براء نادر النداف

قصةُ ميت

في داخلِ التابوتِ وضعتُ, وقد ابتلَ وجهيَ عرقاً حينما فارقت الروحَ جسدي ٫كنتُ في حالةٍ يرثى لها قَبلَ خروجها مني في وهلةٍ من الوقتِ شعرتُ بشيءٍ تَفجرَ داخلي شيءٍ سافقدهُ من ذاتي يخرجُ مني مسرعاً لا يريدُ أن ينالَ المزيد من الأسى ٫ خرجتُ وبدأ جسدي بالأِرتجافِ ودمعي قد سال دون أيِّ سؤال، عيوني قد فُتِحت٫ قد زادَ تعرقي وهَرِمت جفوني تعباً أستنطِقُ لساني قولاً ولا يخرجُ الكلامُ منه٫ ويعايرني ظلي بالتعب ٫لم أكن أعلم بأن هذه هي النهاية كُنتُ أستذكرُ كلَ ما مر في حياتي مستبشراً بأني قد غدوتُ في هذهِ الدُنيا صالحاً وبعد وقتٍ بالصراعِ مع الروحِ لتخرجَ من داخلي وتذهبَ الی مَلكوتِ الله وتعودَ لخالِقها ارتخت جفوني وأُغلقت عيني عن الحياةِ ومن فيها وبدأتُ بعد دقائقَ بسماعِ العويلِ والصراخِ وأُحاولُ أن أُخبر من حوليَ بأني بخير وأنَّ اللهَ طلبَ ما أعطى وبعدَ وقتٍ أشبه بالطويلِ لي حُملتُ مُيقناً بأن تراب الأَرضَ بعدَ ساعاتٍ سوفَ يلفني ودّعتُ منزلي ودمعةُ أمي المنسكبةُ على جبيني٫ آهاتها التي كَسرت قلبيَ الذي لا يَحملُ في داخلهِ الروحَ وأبي الذي خِلتهُ قوياً ليسَ للضَّعفُ في قَلبهِ مكانٌ قد ارتجفت أنامله وأنسكبت دموعَه، وأخوتي التي كُنتُ في صراعٍ دائمٍ معهم في شتى أمورِ الحياة، قد سَمعتُ اسميَ بينهم يتكررُ ودمع ٌ عيونهم يسكنُ٫ حُملتُ وذهبوا بي الي ثلاجةِ الموتى رَفضتُ الدخول ولكن لا قُدرَةً لي بالحراكِ ولا المقاومة٫ أدخلوني وبدأ البردُ يتخللُ أجزاءَ جسدي ٫تنملت أطرافي وأصابعَ يدييَ وقدمايَ لم يعد لي شعورٌ بهم ٫وبعد عدةِ ساعاتٍ عادوا مسرعين حامليين في أيديهم نعشيَ وكفني٫ سكبوا علي الماء ذاكريينَ اسم الله والمسكَ وضعوهُ علی جسدي وبتلك القطعةِ البيضاءَ ستروا جسديَ البارد المبللَ المغطى بالمسكِ٫ وضعوني في نعشي
وعلى أكتافهم حملوني عائدين بي الى منزليَ الذي ودعتهُ قبل ذلك وضعوني بين أحضانِ أمي قَبلتْ جبيني ومن دمعِ عينيها ملأت وجهي ٫ثم الى المسجد ذهبوا بي لكي يصلوا علي صلاةً لن اقفَ بجانبهم وأُصلي بل أنا من يُصلى عليه، صلوا وصوتُ
تَكبيرهم في مسامعي يدعونَ لي من قلوبهم ومنهم من أجهش بالبكاء عند الدعاء لي٫ وبعد الأنتهاء حان وقت أن يلفني الترابُ ويغطي جسدي حانَ وقتُ أن يضعوني تحتَ الأرضِ ويرحلوا مبتعدين عني، وفي اللحد يصبح مسكنيَ ومأواي وضعوني وبدأوا
برميِ الترابِ على نعشي كِدتُ أفقدُ سمعَ البكاءِ والنحيبِ على فراقي ٫وبعد دقائقَ معدودةٍ غطى الترابَ جسدي عزلني عن العالمِ بأسره٫ وسكن الرُعبَ في قلبٍ ليسَ به حياة اداروا ظُهورَهم لقبري وذهبوا٫ وأنا بينَ الصراخِ في قبري وبين محاولاتي البائسةَ بالنهوضِ منه ٫فارقوني وابتعدوا عني وتركوني بينَ الترابِ أصارع نفسي .