الانتخابات الإسرائيلية.. هل يخدم فوز نتنياهو العمل المقاوم!!بقلم:معتصم سهيل عدوان
تاريخ النشر : 2019-09-18
الانتخابات الإسرائيلية... هل يخدم فوز نتنياهو العمل المقاوم !!!

بدأ السباق الانتخابي المحموم بين الأحزاب السياسيّة في دولة الاحتلال مع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية المزمع عقدها في 17 سبتمبر 2019، وكما هي العادة كانت القضية الفلسطينية في صلب هذا الصراع، وفي مقدمة البرامج الانتخابية لطرفي المنافسة المتمثلين في: تكتّل اليمين والذي يقوده حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، وعلى الطرف الآخر يقف بيني غانتس زعيم حزب أبيض أزرق والذي يمثل تكتل الوسط – يسار، وعند المقارنة بين البرامج السياسيّة والتوجّهات العامة لكلا المعسكرين سنجد أن فوز معسكر اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو يصب في مصلحة قطاع غزة والفصائل المقاومة التي تتبني النهج النضالي، على حساب الرئيس محمود عباس صاحب النهج المفاوض، قد يبدو هذا الحديث غريبًاً ومجافيًا للمنطق للوهلة الأولى؛ ولكن سنسعى من خلال هذا التقرير إلى تسليط الضوء على التوجّهات العامة لكلّ من نتنياهو و غانتس والآثار المترتبة على فوز كل منهما وتداعياته على القضية الفلسطينية والاوضاع السياسية في قطاع غزة؛ وهو ما سيفسّر رؤيتنا المتعلقة في المفاضلة بين المعسكرين :

الاثار المترتبة على صعود معسكر اليمين بقيادة نتنياهو :

أولاً: إن فوز رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو بفترةٍ رئاسيةٍ جديدة يعني استمرار الإجراءات الأحادية التي يتخذها نتنياهو ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية، وفي مقدمتها اقتطاع أموال المقاصة، ومن المتوقّع أن تؤثّر هذه الخطوات سلبًا وبشكلٍ فاعل وخلال فترة وجيزة على حكم الرئيس محمود عباس، وربما تؤدّي في حال استمرارها إلى انهيار السلطة بعد فترةٍ من الزمن وهو ما يعني سقوط التنسيق الأمني واطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية.

ثانياً: إن فوز نتنياهو ذي الأطماع التوسّعية في الضفة الغربية يعني بالحد الأدنى استمرارية الاستيطان، وقد يذهب الأمر إلى أبعد من ذلك من خلال فرض الوصاية على الضفة، وهو الأمر الذي تعهد به نتنياهو في حال فوزه في الانتخابات، وقد تلقى خطوة نتنياهو بضم الضفة دعماً أمريكيًا وهو ما بدا واضحًا من خلال تصريح وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو: عندما أكد أن ضم الضفة الغربية لا يتعارض مع خطة السلام الأمريكية. وفي حال أقبل نتنياهو على تطبيق وعوده بضم الضفة الغربية؛ فإن ذلك يعني انهيار السلطة وانتهاء حكمها في الضفة وهو ما سيؤدي حتما لسقوط منهج المفاوضات وبقاء خيار المقاومة والعمل النضالي كخيار وحيد أمام الشعب الفلسطيني وهو ما يعني مزيد من الالتفاف الشعبي حول هذا  الخيار.

ثالثاً: إن السياسة العامة لنتنياهو واضحة وثابتة؛ وترتكز بشكلٍ أساسي على إعطاء الأولوية القصوى لملاحقة النفوذ الإيراني في المنطقة، ومنع إيران من إنشاء جبهات جديدة مقاتلة ضد إسرائيل سواء في سوريا او العراق، وبناء عليه سعى نتنياهو على مدار العام المنصرم لتبريد جبهة غزة بهدف التفرغ لجبهة الشمال وهو ما عبّر عنه نتنياهو بالقول :  إن الحرب على غزة في هذا التوقيت ستضر بشكلٍ كبيرٍ بتركيزنا على جبهة الشمال، واهتمامات الجيش الإسرائيلي. 

وبناءً على ما سبق يمكن القول: إن فوز نتنياهو يعني تجنيب غزة ويلات الحرب، واستمرار سياسة نتنياهو القائمة على ضرورة تبريد جبهة القطاع، حتى وإن أدى ذلك إلى إرساء تفاهماتٍ مباشرةٍ مع حركة حماس بعيدًا عن السلطة، وهو ما سيؤدي إلى تدعيم الموقف السياسي لحركة حماس الندّ التقليدي للرئيس عباس، وسيؤدي بموازاة ذلك إلى إضعاف المكانة السياسيّة للرئيس عباس وربما زعزعة أركان حكمه في الضفة الغربيّة.

رابعاً: صعود اليمين مجددًا _وعلى رأسه بنيامين نتنياهو_ الذي لا يؤمن بحل الدولتين ولا مفاوضات السلام؛ سيؤدي بالضرورة إلى إضعاف منهج الرئيس عباس القائم على التفاوض، وربما تعزيز منهج المقاومة بين أوساط الشباب الفلسطيني في الضفة؛ وهو ما سيؤدي إلى تعزيز القاعدة الشعبية لحركة حماس صاحبة النهج المقاوم على حساب القاعدة الشعبية المؤيدة للرئيس عباس.

بناءً على جميع ما سبق: فإن صعود اليمين مجددا في دولة الاحتلال سيؤدي الي مزيد من الاستيطان في الضفة الغربية وسقوط منهج المفاوضات وهو ما يعني اضعاف المكانة السياسية للرئيس عباس ولربما انهيار السلطة الوطنية في الضفة الغربية  وعليه فمن المتوقع  أن يتفهّم الرئيس عباس حالة الضعف التي وصل إليها في حال صعود اليمين في دولة الاحتلال؛ وهو ما سيدفعه الى اتخاذ خطواتٍ تصالحيّةً مع حركة حماس في قطاع غزة، وإلا فان حكمه سيكون أقرب إلى الانحسار أو الانهيار خلال فترةٍ وجيزةٍ إذا تمسّك بخياره الرافض للوحدة الوطنية.

الاثار المترتبة على صعود تكتّل الوسط – يسار بزعامة غانتس : 

من المتوقّع أن تشهد الساحة الفلسطينية عودةً لمنهج المفاوضات في حال سقوط اليمين الإسرائيلي وصعود تكتل الوسط – يسار؛ حيث يؤمن أغلب قادة اليسار والوسط بمنهج المفاوضات وحلّ الدولتين، وهو ما يعني إحياء عملية السلام والعودة إلى المفاوضات في حال فوز اليسار، ومن ثمّ عودة القضية الفلسطينية إلى المربع الأول حيث اتفاقية أوسلو؛ إضافةً إلى ذلك فإن أغلب قادة اليسار والوسط يرفضون التعاطي مع قطاع غزة وحركة حماس، وقد تعهّد رئيس كتلة أبيض وأزرق بيني غانتس التي يتزعم تكتّل الوسط – يسار ضمن برنامجه الانتخابي بعدم نقل الأموال إلى حركة حماس في قطاع غزة، إضافةً إلى اشادته بخطوة الانسحاب من قطاع غزة وتأكيده علي امكانية تطبيقها في مناطق أخرى  في اشارة منه الى الضفة الغربية  دون التطرّق إلى إقامة دولةٍ فلسطينية، ولكن عند سؤال حليفه يائير لبيد عن ذلك قال في يديعوت أحرونوت: "أعتقد أننا بالانفصال عن الفلسطينيين سنصل في نهاية المطاف إلى دولتين"، وقد شكّلت مواقف حزب أبيض وأزرق المعتدلة تجاه عملية السلام بصيص أملٍ لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس؛ حيث ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن مصادر في مكتب رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن صرّحت بأن القيادة الفلسطينية تفضّل فوز غانتس على نتنياهو، ووفقاً للصحيفة فإن هذا الموقف نابعٌ من تصرّفات حكومة نتنياهو تجاه سلطة عباس، ومن رغبة قيادة السلطة في العودة لمفاوضات التسوية مع إسرائيل.

بناءً على ما سبق يمكن القول: إن هناك خشية من عودة مفاوضات السلام في حال فوز تكتّل الوسط – يسار وهو ما يعني العودة الى المماطلة والتسويف التي امتدت لعشرين عاماً دون طائل، بالإضافة الى تدعيم الموقف السياسي للرئيس عباس وصعود منهج المفاوضات العقيم مجددا على حساب المنهج المقاوم في الضفة الغربية، وتجدر الإشارة إلى أنه وفي حال العودة الى مفاوضات السلام فقد يؤدي ذلك إلى إزالة العقبة الرئيسة أمام فتح باب التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وربما إنشاء تحالف سنّي- إسرائيلي لمحاربة النفوذ الشيعي في المنطقة، وهو ما يعني حرف بوصلة العداء الشعبي العربي تجاه إيران بدلاً من إسرائيل، إضافةً إلى ذلك فمن المتوقّع أن يوقف غانتس الإجراءات الأحادية ضد الرئيس عباس، مثل: اقتطاع أموال المقاصّة إضافةً إلى إمكانية تجميد الاستيطان، أو الحد منه وهو ما يعني تدعيم المكانة السياسة للرئيس عباس على حساب الندّ التقليدي حركة حماس.