إني بريء من أخوالي بقلم:المحامية نسرين عوكل
تاريخ النشر : 2019-09-18
إني بريء من أخوالي

 المحامية نسرين عوكل

في احدى الليالي الهادئة، أعددت فنجان قهوتي، وجلست ممسكة قلمي وبعض أوراقي استعداداً للشروع في الكتابة لكنني توقفت قليلاً متسائلة، ترى ماذا ستكتب أيها القلم ? حار مني العقل، وتاهت الأفكار وتبعثرت الكلمات، وبينما أنا كذلك إذ تسللت إلى ذاكرتي، عبارة (إني برئ من اخوالي) لتحدث بي ضجيجاً أدمى فؤادي وهز الروح والوجدان.

" إني برئٌ من أخوالي " كتبها أحد الأصدقاء يصف حدث جلل حينما جاء أخواله لمنزل عائلته الآمن قاطعين لا واصلين، معتدين بالضرب على أمه وأخواته ، ويكسروا النوافذ والأبواب واقتلعوا أشجار حديقته، كل هذا ورجال البيت خارجين إلى أعمالهم.

من وسط هذا الضجيج أجد نفسي واياك عزيزي القارئ أمام مشهد قديم حديث، ألا وهو مشهد حرمان المرأة من الميراث ، وهي تلك الدرة التى كرمها الله وفرض لها حقها وبينه في كتابه العزيز ليجعل لها نصيباً مما ترك الوالدان والأقربون بعد أن كانت توأد وتحرم من أبسط حقوقها فقال ( "لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا") ورغم ذلك نحرم المرأة من حقها، فتصبح ضحية ضاع حقها ما بين مطرقة وسندان ... لتجوب المحاكم ،اما مطلقة أو مدعية أو مدعى عليها ، مطرقة الزوج الجشع اجبارها على مطالبتها بميراثها، وسندان والد لم يخش الله فيها فحرمها الزواج برفض كل من تقدم لها خوفا أن يأتي، وأخٍ إما أن يعضلها ويمنعها الزواج كي لا تذهب تركة مورثه للأغراب ، أو يحرمها حقها إن كانت متزوجة ضارباً بكل الروابط الأسرية والأوامر الربانية عرض الحائط ، وآخر إن أعطاها يعطيها ما يذر به الرماد في عينيها .

والعجيب أن أكثر من يأكلون حقوق الإناث هم من أكثر الناس التزاماً دينياً امام الناس، وأما الفاجعة عندما نسمع بجريمة قتل ضحيتها أنثى، ويكون التبرير " خلفية الشرف "، وللأسف لا يكون ذنب تلك العفيفة إلا أنها طالبت بحقها الشرعي.

ومن أمام اختلال الموازين الدنيوية دعنا عزيزي القارئ ننتقل لتلك الموازين الربانية، فلا يظلم أمامها أحد، فتجعل نصيب المرأة نصيباً مفروضاً لا يجوز المساس به، فترث نصف الرجل حين تكون مع أخيها الذكر، بل وقد ترث مثله تماماً كما لو كانت مع امٍ وأب ٍوابن، فللأم هنا السدس والأب السدس والباقي للأبناء، بل وقد تأخذ أكثر مما يأخذ كحالة وجود الرجل وابنتيه، وقد ترث المرأة أحياناً ولا يرث الرجل كما كانت امرأة وتركت أماً وأباً وزوجاً وبنتاً وبنت ابن.

بل دعنا نستشعر مدى الحكمة الإلهية حين اعطى اللهُ الرجل ضعف الأنثى فكان للذكر حظ الأنثيين، لما يثقل كاهله من أعباء مالية كوجوب المهر والسكن والانفاق على المرأة وغيرها رحمة به وليس تمييزا له.

واخيرا يبقى السؤال إلى متى ستبقى المرأة ضحية ما بين مطرقة الزوج وسندان الأهل ...الى متى ستبقى الرحى تدور بالمرأة وحقها الارثي الشرعي وهل من خلاص؟