الشباب في بلادي بقلم:سعيد عيسى
تاريخ النشر : 2019-09-18
الشباب في بلادي

سعيد عيسى

" بلادي وإن جارت علي عزيزة ...وأهلي وإن ضنوا علي كرام" ، هكذا وصف الشاعرُ بلاده التي فيها ولد وفيها تربى وترعرع وفيها  قد يموت ،ووصف أهل بلاده حتى وإن بخلوا عليه فهم الكرام.

إن الذي دفعني لتلك المقدمة هو أن الشباب الفلسطيني يعيش حالة صعبة في كل النواحي، وهذه الصعوبة تطرح اسئلة، هل لا زال الشباب الفلسطيني يقول هذا؟ وهل فعلا ينتمي لوطنه ؟ وما  أثر الانقسام الفلسطيني على نظرة الشباب الفلسطيني نحو الوطن؟ هل كان للاحتلال أثر كبير في تغيير اتجاه بوصلة الشباب عن الأهداف والثوابت الوطنية ؟ هل لا يزال الشاب يحترم قوانين بلاده وأنظمتها؟ نعرف أن الفرق بين الامم المتقدمة والمتأخرة هو أن الامم المتقدمة تربي ابناءها على احترام القوانين والثقافات وتزرع فيهم قيم احترام القانون الذي يُعلي شأن الانسان ويعمل لمصلحته ويربيه على حب الوطن، أما الامم المتأخرة فتزرع ثقافة الخوف من تقاليد انتهت ومات من صنعوها في غياهب جهلهم وتخلفهم وتربي أبنائها على التقاليد التي تنافي العقل والشرع .

أنا من الذين يتفقون مع قاعدة (المعروف عرفاً مشروع شرعاً) ولكن إن كان هذا المتعارف عليه وفق الأعراف والتقاليد يقودنا لارتكاب الجرائم، فهذا مرفوض بالمطلق، وأنا مع تلك القاعدة في ثقافة الاحترام والتعاون الاجتماعي واظهار الجانب الايجابي الذي يخدمنا ويخدم شبابنا ووطننا وأبنائه، أما في الجانب السلبي فهذا مرفوض تماما، وكل يسمع عن جريمة باتت اليوم قضية رأي عام وهي جريمة القتل على خلفية الشرف وأثارت الصحف العربية والأجنبية حادثة اسراء غريب هذه الفتاة التي ارتكب بها أهلها أسوء جريمة ،وفيها اكتملت كل اركان الجريمة، في الوقت الذي نُدين فيه هذه الأفعال التي لا تنم عن الثقافة الفلسطينية ، نرى البعض ممن يبررون فعلة الأهل، هل يحق لأي من كان ازهاق روح خلقها الله وأبدع في خلقها أن يقتلها بأبشع الصور؟

هذا في ظل غياب ثقافة القانون واحترام القانون وسلطته وتقول القاعدة القانونية من "أمن العقاب أساء الأدب"، هذا صورة من ثقافة الشاب الفلسطيني الذي ولد في الظروف السوداوية ، وفي بيئة سيئة جداً،  وفي فقر وجوع وحصار وقلة وضيق وطموحات لا تتحقق وحقوق صارت أمنيات وانسداد الافاق المستقبلية، بالتأكيد كل هذا سيولد عندنا شاب سيرتكب الجرائم والانتهاكات فهذا الذي تبلورت فيه كل هذه الصفات مع وجود الاحتلال كيف سيكون ماذا سيخرج منه؟

 أما آن الأوان لنفكر نحو الخروج من كل هذا الذي وقعنا فيه نتيجة جهل وتخلف نتيجة إعلاء المصلحة الآنية على المصلحة المجتمعية ،مصلحة الحزب على مصلحة الوطن والشعب ،أما يكفي من سنين عجاف ولدت هذه الفئات، المطلوب الآن إعادة تربية الشباب الفلسطيني بالثقافة الفلسطينية الحقيقة بعيداً عن الجرائم والمخدرات والفساد وعدم احترام القانون وسلطته، أليس من الواجب الآن أن نرجع اتجاه البوصلة لمكانها الحقيقي وتصويبها نحو الاحتلال الذي هو أساس كل هذا ؟

يجب أن تكون هناك وقفة جادة والعمل الجاد على انهاء حالة الانقسام الفلسطيني الذي طال عمره والعمل على احلال الوحدة الوطنية التي هي اساس القوة واساس تحقيق الاهداف الوطنية التي تتمثل في الحرية والاستقلال وراح ضحيتها ما راح من شهداء وأسرى وجرحى وسنين نضال.