مواقع التواصل الاجتماعي وتفشي خطاب الكراهية، خطر يهدد المجتمع الفلسطيني
تاريخ النشر : 2019-09-17
مواقع التواصل الاجتماعي وتفشي خطاب الكراهية، خطر يهدد المجتمع الفلسطيني


مواقع التواصل الاجتماعي وتفشي خطاب الكراهية، خطر يهدد المجتمع الفلسطيني

بقلم : يوسف أحمد المدهون     

ينتشر خطاب الكراهية عبر مواقع التواصل الاجتماعي مما يؤدي لحدوث مشاكل بين أفراد المجتمع الفلسطيني ، حيث أصبح رواد  التواصل الاجتماعي يمارسونه بشكل علني عن طريق التعليقات، المنشورات و عبر فرض آرائنا ووجهات نظرنا بالقضايا و التي لا تقتصر على عرض الرأي، و إنما لخلق محتوى آخر يهدد المجتمع “الافتراضي” الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي .

لا يوجد مفهوم دقيق لمصطلح خطاب الكراهية ، فهناك ثمة تعريفات عديدة في هذا الجانب توافق على انه الخطاب الذي يتضمن تحريضاً مباشراً وغير مباشر على الآخر، سواء أكان هذا من خلال الخطاب التمييزي العنصري (بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التمييز العنصري)، أو من خلال الخطاب الذي يتضمن تحريضاً طائفياً ودينياً ولا إنسانياً، وصولاً إلى التحريض على العنف. كما وقد يذهب خطاب الكراهية في مفاهيمه المتعددة إلى اعتبار كل كلمة أو صورة أو حركة تستهدف الانتقاص من الاخر بناءا على الطائفية، الاثنية، العرقية أو النوع الاجتماعي هو دعوة للكراهية   .

 أصبح خطاب الكراهية والتعصب، تحدٍ مثير ومُرعب في زمن تعرف فيه وسائل التواصل الاجتماعي  تنافسًا شرسًا في إيصال المعلومات إلى الجمهور، فالتريث والتحقق من الصور والمعلومات أصبح يُشكل هاجسًا حقيقيًا للصحفيين المحترفين، بينما أصبح الفيسبوك عالماً  افتراضيًا يلتقي فيه الناس يتبادلون الأخبار صحيحها وإشاعاتها دون تمحيص ولا استدلال، وأن سهولة وصول الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها دون ضوابط أدى بالنتيجة إلى استخدامها  كوسائل لإشاعة روح الكراهية، العدائية الاجتماعية والسياسية والطائفية والعرقية، وقد انتشر هذا الخطاب عالمياً لدرجة أنه لم يعد من السهل مجابهته وحصاره.

حيث  لم تعُد  هذه الوسائل مجرّد وسيلة لتبادل الأخبار، والصور. ولكنّها تحوّلت  إلى وسيلة يستعملها البعض في إشاعة الكراهية بين الناس، ما يؤدي إلى احتمال إحداث أذى . فسرعة التواصل وسهولته، وسهولة الرد والتحاور والانتشار، كلها عوامل أدت إلى تشجيع انتشار خِطاب الكراهية الّذي كان قبل ذلك حبيس اللقاءات المباشرة أو وسائل الاتصال التقليدية والتي كانت محدودة في السرعة وفي التأثير.

هذا المدى الخطير الّذي وصل إليه خِطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أدى بالأمم المتحدة إلى تحذير شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بكونها تُخاطر بتقديمها إلى مُحاكمات جرائم حرب دولية لدورها في انتهاكات حقوق الإنسان المُقبلة، ودعتها لمعالجة خِطاب الكراهية بسرعة أكبر.

إن مواقع التواصل الاجتماعي في حد ذاتها مُطالبة أكثر من أي وقتٍ مَضى بالمساهمة بشكلٍ فعّال في التصدي لهذه الظاهرة والتعامل بشكلٍ إيجابي مع الحكومات في سبيل ذلك، ونجد أنّها قامت فعلاً بخطوة مُهمة في هذا الطريق خاصة شركات فايسبوك وتويتر وجوجل التي قامت بتأسيس قاعدة بيانات مُشتركة تتعرف تلقائيًا على المحتوى العنيف وتقوم بعد ذلك بحذفه.
لكن ذلك غير كافٍ ما لم يُصاحب ذلك عملٌ كبيرٌ من طرف الحكومات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام للمساهمة في رفع الوعي المجتمعي والتشجيع على الحوار الهادف والبناء لمواجهة الأفكار الهدامة التي قد تقود إلى التطرف ، ويجب تحفيز مرتادي هذه المواقع على عدم التسرع في نشر كلّ ما يصل إليهم وضرورة تقييم مصادر الأخبار والمعلومات المُختلفة للتحقق من مدى صدقها واكتشاف المعلومات الخاطئة وعدم المساهمة في نشرها .

إننا لا نحتاج لقوانين جديدة وأن القوانين الموجودة في الدستور الفلسطيني  تكفي لمحاسبة أي شخص يمارس خطاب الكراهية، وأن المؤسسات الرسمية والأهلية والتنظيمات الوطنية والإسلامية مطالبة بالقيام بدورها في توعية وتدريب أفراد المجتمع الفلسطيني من أجل تعزّز الوعي الاجتماعي ونشر التسامح وتفهّم المزاج العام. ويكون ذلك من خلال نشر  ثقافة السلام والتسامح والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع ، بالإضافة إلى رفع مستويات الوعي الأخلاقي والمسؤولية الاجتماعية في أوساط المؤسسات الإعلامية والقيادات الدينية والاجتماعية .