طير مهاجر بقلم: نورمان ابراهيم خروس
تاريخ النشر : 2019-09-17
كل ما يحدث ضد رغبتي..

هل لي بالرجوع للماضي وإيقاف الزمن هناك!

يصعب علي تقبل العيش في هذا المنفى المؤبد الذي كان رغبتي وهاهو الآن أبشعها. 

كم تمنيت أن أبقى طيلة حياتي في ذلك المنزل العتيق الذي طالما تذمرت من ضيقه، وكانت مهمة أمي الأولى والأخيرة إقناعيَ أن المحبة والحنان تجعلانه واسعاً كالفضاء. اشتقت للاستماع 

إلى محاضرات والدي التي تكاد لا تنتهي وهو يحثني على التفوق، ويرشدني إلى الصواب.. أما شقيقتي الصغيرة، أميرتي الحلوة، أحن لمسامرتها ليلا على شرفة المنزل، وحملها على كتفَيّ لنذهب معاً ونشتري ما تشتهيه.

باتت روحي تحن للجلوس أمام منزلنا ذاك، تحت سمائك يا بلدي.

هل لي بذلك؟! أم إنك سترفض توبتي وتغرقني في الخيبة من جديد؟! 

أحتاج جرعة من هوائك كي أهدئ ضربات قلبي المتمرد التي تكاد تكسر أضلعي مشتاقة ملوعة!

مللت كوني مهاجرا وحيدا في غربة لا تنفك تذيقني مر كأسها..

قد أتعبني أني أحمل جنازة شيء في داخلي، أتعبتني أكثر محاولاتي المهدورة لاسترجاع شغفي الذي تملك طفولتي، شغف عماده السفر والتجول والترحال!..

كبرت وشعرت بأن كل البلاد ضيقة رغم اتساع اليابسة التي تحتويها، أشعر أنها صغيرة فلا هواء هنا كهوائك، لا الناس ولا الماء حتى! 

لن أخفي عليك يا وطني، أنا مرهقة كأني أحمل آلام العالم بأكمله على عاتقي..

أرجوك فانتظرني، افتح أبوابك الموصدة وذراعيك لاحتضاني، قد أصبحت إنساناً مشوها أضناه العيش بعيدا عنك، فهلا غفرت خطيئتي!

سمعت ذات مرة أحدهم يعزي نفسه ويردد "سيمر بك ولن تعود بعدها أبدا كما كنت" 

أجل، كنتَ أنت من مر بداخلي.

أريد أن استمتع بربيع العمر وليحمل الخريف أمتعته الثقيلة ويرحل! ضمني لحضنك يا أمني ومأمني، ضمني فحتى الثرى منك يؤنسني.