طير الوروار بقلم:فاتح الخطيب
تاريخ النشر : 2019-09-16
طير الوروار

بعد غياب طويل, عاد أخي من الكويت محملا بالهدايا الجميلة, والذي لا ينسى أحدا منا بهديتة الخاصة. وكان من ضمن  الهدايا مسجل كاسيت مع مذياع كبير جدا, هو أكبر مذياع شاهدته أنا وأخوتي في ذلك الزمان. تجمعنا حول الجهاز الفضي الجميل نتلمس أزراره واحداً واحداً ونتعرف على مداخله ومخارجه. وللصدفة ظهر صوت المذيع الرخيم وهو يعلن عن بث أغنية السيدة فيروز لأول مرة ( طير الوروار ).

غمرتني وأنا ذلك الفتى الصغير, سعادة عارمة بذلك اللحن البسيط الرشيق, طغت على فرحتي بأخي وبجهازه! وبقي عالقا في أذني ويرقص في رأسي حتى جاء وقت النوم.

وفي الأيام التالية بقيت أدندن اللحن, محاولاً بجهد يائس, تذكر كل نغمة فيه. وحين أعادوا بث الأغنية ثانية, انتابني شعور بالفرح لم أعرفه من قبل, وهذه المرة ترسخ اللحن كاملا في ذاكرتي وصرت أدندنه كما هو تماما.

بعد سماعي الأغنية مرات ومرات ثار فضولي لكي أتعرف على طائر الوروار, لكن خجلي وخوفي من السخرية حالا دون سؤالي. قلت في نفسي ربما تقصد فيروز أي طائر سريع, حيث كنا نستخدم في العامية تعبير ( يور ور ) أي أنه يمر مسرعا كالطير.

نام الفضول سنوات طويلة ولم أعد أفكر كثيرا في الاسم, وبقيت الأغنية واحدة من أغنياتي المفضلة. ومع مجيء تكنولجيا المعلومات, وتيسر الوصول إلى المعلومات, عاد الفضول للبحث عن طائري, وهذه المرة دون الشعور بالخجل أنقر على محرك البحث فتملأ روابط الأغنية جميع الاختيارات.  

أنسى بحثي واستمع....وأتمتع....

وحين تصل فيروز

عتلال الشمس المنسية    على ورق الدلب الأصفر

انطرونا هنا شوية شوية   وتصير الدنيا تصغر

يذوب خيالي بجمال الصورة ويحلق عاليا مع طير الوروار....ويصغر العالم .....ويصغر.

تنتهي الأغنية, وتعود الحياة بمشاغلها وأنسى طير الوروار المجهول وبحثي عنه, وكلما تذكرت وبحثت, عادت روابط الأغنية ولم أستطع مقاومة اغرائها, وترك البحث, وتصدح فيروز....

ياما بسكوت الأمرية    بسمع صوتك يندهلي

ليلية وخوفي ليلية      يوعوا شي مرة أهلي

وتتعب أسرار وتحزن أسرار يا حبيبي....

وأغوص مسحوراً  بالصورة مرة أخرى, وأجد نفسي عاشقا لمفردة من لهجة لبنان الرقيقة -" يوعوا"! وتلك الصدفة الرائعة التي جمعت الرحابنة بفيروز, وما منحتنا إياه من سعادة هائلة....وأفشل مرة أخرى في البحث عن طائر الوروار!

أستميحكم العذر....سأحاول ثانية الان....سأذهب مباشرة الى محرك البحث عل وعسى هذه المرة أتعرف على طائر الوروار.

فاتح الخطيب