نادي الفضيلة بقلم:جهاد الدين رمضان
تاريخ النشر : 2019-09-16
نادي الفضيلة بقلم:جهاد الدين رمضان


نادي الفضيلة

قال الخنزير :

·       يا أحبتي يا سكان الحظيرة، جمعتكم اليوم لنتناقش في قضية خطيرة، تعلمون أن الفضيلة من الخصال الحميدة المشكورة، و تعلمون أن زميلتنا الغنمة خير من توصف بالعفة و الستر بسبب إليتها الكبيرة، و قد اشتكت لي من ارتفاع المعلف عن الأرض، مما يجبرها على القفز فتبين عورتها في بعض الأحيان، و في آخر مرة شاهدتها زميلتها العنزة أم الذيل المعقوف، و عيّرتها قائلة :

بيّنت طيزك يا غنمة!

(العفو منكم هكذا قالت لي بالحرف الواحد) .

قالت الغنمة ماع بحياء، تأكيداً على صدق الواقعة.

أكمل الخنزير الحكيم يقول :

·       يا قوم يا معشر الأذناب و الحوافر ، ما رأيكم أن نعيّن معزتنا الفاضلة زعيمة نادي الفضيلة كونها انتبهت و نبّهت الغنمة على انكشاف عورتها حين قفزها نحو المعلف العالي؟

نبح الكلب موافقاً، بينما نهق الحمار معترضاً، و صاح الديك الفصيح فرحاً مسرورا :

·       نعم ، أصبت يا خنزير، فقد شاهدت المعزة ذات الذنب المعقوف تنطح "المرياع" الكبير لأنه لم يغَر على غنمته المفضوحة.

أكد التيس ذلك بكل عناد، و قال :

·       يا معزاتي عفواً يا أعزائي الحيوانات، ما رأيت مثل عنزتي حرصاً على مكارم الأخلاق، تراقب كل إناث الحظيرة على الصغيرة و الكبيرة، في ذات يوم بدلت الأفعى جلدها خارج وكرها، فأنبتها عنزتي و قالت لها استحِ يا حية، و بدّلي جلدك تحت التبن، و من يومها صارت مثلاً في الآفاق : (مثل الحية من تحت التبن).

قام الثور السمين عن معالف البقرات، و توجه نحو منصة الخطاب، نطح البغل الحردان ليوسع له في المكان، خار بصوت عال و قال :

·       لا يخفى عليكم يا أحباب، يا ذوات الريش و الأذناب ، أن المعزة خلقها الله بذيل معقوف للأعلى لحكمة ما، و ذلك يدل على أن لا شيء لديها لتخفيه و تتستر عليه ، و هذا قمة الوضوح و الصراحة، و هي من خير صفات الفضيلة، سيروا و عيني ترعاكم.

قاقت الدجاجة البلدية الشقراء، و قالت قاق عليّ الطلاق كلامكم صحيح.

عنفص الحمار و قلب طاولة الحوار، شهنق محتجاً و قال :

·       حبيباتي الحيوانات الكرام، زملائي البهائم ذوي القوائم و الأظلاف و الحوافر، تعلمون حقاً ليس من شيمتي أن أخالفكم بأي قرار، فأنا مجرد حمار.

لكن يا قوم المعزة رائحتها كريهة، و لا تشرب إلا من رأس النبع، فتلوث الهواء و الماء، فكيف نجعلها زعيمة نادي الفضيلة حيث ننشد الهدوء و الراحة و الاستجمام في جو ملوث بالروائح الفاسدة؟

ضحك الخنزير الحكيم، و قال للحمار الغشيم :

·       يا صديقي "حمّور" الصبور، ألا تعلم بأن رائحة العنز صارت من أفخر أنواع العطور؟ اسأل "ديور دو فرانس" و عنده تلقى الجواب يا حباب، و أنا لا اشتري عطوراتي إلا على آخر طرز.

أما قصة شرب العنزة للماء من رأس النبع، فهذا لحرصها على التأكد من سلامة الماء و صلاحيته للشرب، قبل أن تشرب منه بقية الحيوانات في أسفل النبع، فلو كان الماء فاسداً و غير صالح للشرب، لعزفت عنه و نبهتكم على خطورته، قبل أن تصيبكم العدوى و يعم البلاء.

هزت العنزة رأسها زهواً و فخراً بخيلاء ، و قالت بوضوح و لا خفاء :

·       أشكر ثقتكم بأخلاقي الفضيلة زميلاتي و زملائي سكان الزريبة، و أجزل الشكر لزميلي الخنزير الذي رشحني لهذا المنصب الخطير، و آمل أن أكون عند حسن الظن، و أرجو أن تستمتعوا بشرب حليبي من ضرعي المبارك المكشوف للكل، و تنشق رائحة عطري الغالي النفيس زي الفلّ، و دام عزكم و علفكم و عليقكم ، و أرحب بتعليقاتكم و تعليق هذه المهمة برقبتي ، على راسي و الذيل، و طالت أذنابكم بكل خير و سلام.

حين ذاك أجمعت حيوانات الحظيرة، بما فيهم الحمار "حمّور" الغشيم، و خاله البغل الحردان السمين، على تعيين السيدة المعزة ذات الذيل المعقوف زعيمة لنادي الفضيلة و الأخلاق الحميدة، ثم صارت مضرب المثل في السترة و الحرص، فيقول قائلهم : (الله يستر عليهم سترة العنز) .
................................ ................................
جهاد الدين رمضان

     فيينا في ٣ آب / أغسطس ٢٠١٩