مسرحية الحياة بقلم:محمود الجاف
تاريخ النشر : 2019-09-15
مسرحية الحياة بقلم:محمود الجاف


بسم الله الرحمن الرحيم
مسرحية الحياة
محمود الجاف

على مَسرح الحياة صرختُ أولى صَرخاتي . حين أبصرتُ حياتي .
وصاحت القابلة مُبارك سيدات . رزقتُم أخا للبنات .
فرحتُ بالهواء الذي أتنفسه والنور الذي أتوجسه . كبرت ومعي أحلامي وأهدافي وأوهامي . ألعب أمرح بسعادة . وللأسف . ُمقلٌ في العبادة . أخاف من القانون ومن جارنا المجنون .

كُنا نرى المدرسة ُمهابة ُمقدسة . نعرف الحياء ونمشي بكبرياء . نحترم النساء . وننتبه لما يقال . ومُحال أن نقرب السِّيجارةُ أو نبتعد عن الحارة .

مَرَّ الزمان سريعا وظهر الأمر مُريعا . وبدا شتاء ما كنا نظنهُ ربيعا .
الناس في الشوارع يُمثلون بشكل رائع . وفجأة قالوا دخل الشيطان أرض العرب . احذروا لا تقربوه ُ. الوضع قد اضطرب . فخرجنا في تظاهرة نرفضهُ ونستنكره . على ما جرى وحصل وكيف دخل ووصل . وبعد عناء طويل وصراخ وعويل والقال والقيل ظهر الأمر الجليل . الحارس والحرامي أقارب . ومن فصيلة العقارب . وأرضنا بيعت قديما عطاء وتكريما . ونحن ندور في فلك . كل من تاه وهلك . وكلما غرق غريق التقطهُ نفس الفريق . الصين أو الرومان أو أعدائنا الأمريكان . أو الروس واليهود أو الطليان . أو المجوس أهل الحقد في النفوس .

علمتنا الحياة أصعب الدروس . تكسرت على الصخور أنياب لنا وضروس .

أنا في الحق لا أخشى لومة لائم . لا أسرق أو ارتشي أو أحلل الغنائم . عاصرت عهدين . عهدٌ أشرقت به شمسهُم . وعهدٌ جميل قالوا عنهُ الجو غائم . يحكُمنا لصوص ويسوقونا بالشتائم . والناس على الأرض جياع وهم يُقيمون الولائم .

كثيرون يتمنون أن يقولوا مثل قولي لكنهُ الخوف ُيشبع صمتهم . فمن قال آه أخرستهُ رصاصات الغدر والخيانة أقولها بأمانة .

تملكني الحُزن مُذ دنسوا أرض بلادي . رغم العهود ووعود الأعادي . لكني أدركت أنها النهاية وللخراب بداية . فقد سيطر فاقدي الألباب ممن انتسبوا إلى الأعراب وصاروا كلاب فارس . أسماء وأشكال وأوصاف لا تخطر على بال . ولا تسعد الأحوال .

أنا لفقدك أذرف دموعي في صمت وخشوعِ وأسهر الليالي أبكي على حالي وأهلي وعيالي سكنوا الجبالِ . النفط تحتهم يجري والجوع بهم يسري . بلا دروس ومدرسة ولا نظافة أو مكنسة .

بدلنا كنوز العلوم النفيسة بقدور للهريسة . وخلعنا بياض الثياب ولبسنا السواد . وسبينا البلاد والعباد . الفقراء يتنقلون من واد إلى واد . حفاة عراة يمشون على أقدامهم . والغني على جواد .

المتسولون الآن أبناء أجواد . والأغنياء الحاكمون بلا ُفؤاد .

بابل ضاعت سادتي وآشور . وقُتل الحُراسُ والناطور . أحياءٌ على الأرض عبيد وأسياد في قبور . حُرة تباع بدرهم . والعاهرات عاليات المهور . أغريب ما أقول أم غرائب الدهور . أعجيب أم عجائب الأمور . الحجاب أصبح عار . والشرف صار السفور . ماذا أقول وأروي والذئاب في طُرقاتنا تعوي . والرجال من الخوف تغور في الثغور . ماذا أقول وأروي ودموعي على مقلتي تجري . من خيال أصبح واقع . تحكمُ الأسود القواقع . . .