درب النقاء بقلم:محمد أبو الفضل
تاريخ النشر : 2019-09-12
درب النقاء بقلم:محمد أبو الفضل


درب النقاء ..بقلم الكاتب محمد أبوالفضل 

ليس هناك أجمل من أن تختلي بنفسك لتهذبها على النحو الذى يترقي بها، نعمة من نعم الله  يقذفها في قلب من يشاء من عباده وليكونوا من أصفياؤه فى الحياة الدنيا فيهيأ لهم الأسباب النورانيه لتحقق الخلوة مع ذاتهم وبما يقوي رصيدهم الإيماني فيجعلهم يستشعروا فى كل لحظة أنهم في معية الله جل في علاه..

 من المحال  أن يرتقى الإنسان إلى أعلى مراتب النقاء شعورا بالسكينة والهدوء والطمأنينه ، وكأنه يرفرف بجناحى قلبه في فضاء الفردوس الأعلى، بحيث يكون في الجنة فيأتيه إحساس بأنه ملك الدنيا ومن عليها ومن المحال أن يشعر بذلك وهو يعيش بين ضجيج فج مهول ومستنقع كئيب مقيت من التناحر البغيض والتباغض والتحاسد المذموم  فأول شعور للنقاء وأول قطرة منه تنبع من لحظة سكينة  يهدبها الله في قلب عبده حين يختلي به والناس نيام فيناجيه راجيا داعيا ومبتهلا قائما لليله ولو بركعتين يداوم على تأديتها من باب أن قليل دائم خير من كثير منقطع!

الأصفياء وحدهم الذين تفقدوا قلوبهم وأصلحوا مواطن ضعفها من يكرمهم الله بالتبصر والبصبرة والفراسة والحكمة تلك الحكمة التي تورث صاحبها الخير الوفير أولم يقل سبحانه جل في علاه "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا".. من الناسِ أناس أنقياء جواهر صافيه قلوبهم ذهبوا بأنفسهم إلى أنفسهم مع الله يمضون دربهم فأعادوا إلى ذواتهم إنسانيتهم التي حاول البعض أن يسلبهم أستحقاقاتها ومبادئها الجمه مع طغيان ركض السواد الأعظم من البشر نحو الآنا و أنانية قلوبهم بما تحتمه عليهم من إيلام وإيذاء لبعضهم البعضِ، ضاربين بعرضِ أحقادهم كل المبادئ السامية والأخلاق الحميدة..

فطريق الوصول إلى شخصية نقية وشفافه له شروط ومقومات عده ، ويجب أن يستند إلى ممارسات روحانية متينة، كأن يزيد الإنسان من صلاة النوافل ويلزم الأستغفار والأستغفار بالأسحار والأذكار في كل وقت وحبن كما يقتضي أن يطلب من الله ويكون ملحا فى الطلب فيطلب النجدة والمشورة في كل خطوة يخطوها، كأن يدعو الله بأن يلهمه رشد نفسه ويهديه الصراط المستقيم فتنشأ بينه وبين ربه علاقة تزداد قوة كلما قوى حبل الأتصال بربه فيصبح إنسانا قريبا بقلبه من ربه عارفا ذاكرا له فيلهمه إلى كل قول وفعل سديد ومفيد...!

طريق السالكين فى معية الله ودرب النقاء ممتع جدا ومأنس ويحتاج فقط إلى أناس محبين عاشقين له، مدافعين بأستماتة عن أستحقاقاته.. فهيا معا  لنحجز أمكنة بين الأنقياء والأصفياء نطير فيها بجناحى من النور إلى عوالم الجنة الفسيحة رغم أننا لا زلنا نعيش في الدنيا الفانيه 

إنها البصيرة نفحة ربانية والتي تعني ذلك النور الرباني الذي يبصر الله به عباده الأنقياء الأصفياء فيهديهم من التوفيق ما يميزهم به عن غيرهم، البصيرة التي تتحول مع الأيام والمداومة على القرب  إلى فراسة تمكن الإنسان النقي والقريب من ربه في التمييز بين الحق والسفه بين الغث والسمين والقوي والضعيف والأمين والخائن، فيعطي سره ومكنون حاله لذاك، وينأى بنفسه عن ذاك، ويقوي علاقته بإنسان ويقطعها مع آخرين البصيرة هى نعمه ربانية تنجي صاحبها من أى أذى يحاك ضده، فتقلب المكر على رأس صاحبه المتربص وتخرجه من الظلمات كما تخرج الشعرة من العجين...!

البصيرة هى التي تزيد المؤمن قناعة مطلقة بأن الله يدافع عن الذين آمنوا، وأنه سبحانه جل في علاه يستجيب لأستغاثته فيمده بألف من الملائكة مردفين، وأنه سبحانه تبارك في علاه يعطي عبده الصالح إشارات له فيها بشرى فيطمئن قلبه بعدما داهمه من الخوف والفزع ما داهمه.. يكلم الله عباده الأنقياء بالقرآن العظيم فيلهم ألسنتهم بترديد كلماته وآياته البينات ليخاطبهم بها جل فى علاه وفي مخاطبته لهم سلوى ونجوى وشحذ همم وتسكين ألام وجبر خاطر ووعد صادق بأن القادم أجمل لمن أدرك سر العلاقة بين العبد وربه...

كثيرون التحقوا بمدارس الدنيا وجامعاتها وقرأوا صنوف الكتب لكن قلة قليلة سلكوا مدرسة الإله الواحد الأحد وقرأوا كتابه العزيز فتعرفوا على إسلامهم من قرب وفككوا أسراره الكونيه وكانوا على دراية بأن الإنسان مسير لما خلق له وأن الأذى الذى قد يلحق بقلبه فيه عبرة وحكمة عظيمه تستوجب عليه آلا يحزن أو أن يبكي على ما فات أو الأطلال، بل عليه أن ينطلق إلى المعالي واثقا بأن الله تكفل بأن يذهب عن كل من تقرب إليه صدقا وفعلا كل شر وبأس وهم وحزن فإلى الذين يشتكون ظروفهم ومر أحوالهم متى ستدركون أن الحل الجذري يكون بالرجوع إلى الله تعالى وأستشارته في كل ما يهمكم ويغمكم بثوا شكواكم إلى بطن الأرض وأنتم ساجدين يسمعكم رب العالمين  فهو قريب لا يرد السائلين أبدا ..

وأخيرا فحري بكل من عايشوا مواقف نقية مع ذواتهم وأتقنوا وسيلة الأتصال والتواصل مع ربهم العزيز القادر أن يتحفونا بتلك التجارب لنقتدي بآثارهم فقد يكونوا سببا في هداية الحيارى المهمومين وفي تضميد جراحات التائهين في بحر منغصات الدنيا الفانية فأكبر خدمة من الممكن أن يقدمها هؤلاء أن يضعوا النقاط على الحروف المبعثرة في حياة أناس ضلوا الطريق ولم يعرفوا بعد كيفية إستثمار المواقف لصالحهم بسبب بعدهم عن ربهم وتعاليم دينهم...!