حتى لا نعلم أبنائنا الخداع بقلم:فاطمة المزروعي
تاريخ النشر : 2019-09-11
حتى لا نعلم أبنائنا الخداع بقلم:فاطمة المزروعي


حتى لا نعلم أبنائنا الخداع 
فاطمة المزروعي

يعتقد البعض من الآباء والأمهات أن التربية تكمن في الأوامر والنواهي، وأنها ممارسة للوعيد والتهديد، وبدون أدنى شك فإن هذا المفهوم خاطئ تماماً، لأن هناك جملة من الممارسات والآداب والفنون التي يجب تعليمها للطفل بعدة طرق ووسائل ولا يوجد بينها أي خيار للعنف سواء أكان لفظياً أو جسدياً، بمعنى أن هناك زخماً كبيراً من التربية يتم ويتحقق بطريقة غير مباشرة، بمعنى أن كثيراً من ممارسات ومهارات الحياة سيكتسبها الطفل من خلال الملاحظة والقدوة وليس من خلال التوجيه القاسي العنيف ولا من خلال الأمر والنهي.

صحيح أن هناك قواعد وثوابت يجب تعليمها للطفل، وفي البعض من الأحيان يحدث تمرد ورفض من هذا الطفل وعدم انصياع لمثل هذه الأنظمة المنزلية، وهذا يظهر عندما يتم تحديد أوقات الاستذكار ومتى ينام ومتى يستقيظ ومتى يتناول طعامه، وأيضاً أوقات مشاهدة التلفاز، والبعض من الأطفال لديهم هواتف ذكية، فكيف يتصفحها ويستخدمها.. مثل هذه الممارسات الحياتية التي تأخذ جزءاً كبيراً من وقت الطفل، يجب وضعها في سياقها وتتم بهدوء وتفاهم واتفاق، فمن الطبيعي أن يحدث تمرد من الطفل على هذه القواعد، ومن الطبيعي ألا ينصاع للتنظيم والترتيب، بل من الطبيعي ألا يتقيد الطفل، ووفق سلوكياته والمرحلة العمرية التي يعيشها وانعدام خبراته الحياتية، بمثل هذه الضوابط.

يعتقد البعض من الآباء والأمهات أن طفلهم غير متربٍ وغير مهذب، بل يحمل سلوكاً شاذاً قد ينمو معه وينحرف عندما يصل لعمر أكبر، هنا تبدأ عملية تأديب قاسية محملة بالضرب والتهديد والصراخ، الذي يحتاج إليه الطفل في العمر المبكر أن يتاح له الوقت للتعود، يحتاج للتشجيع والإشادة، وليس الأمر والنهي والزجر والتهديد، هذه الممارسات قد تكون سهلة ويظهر أنها تؤدي إلى نتائج إيجابية، لكن الحقيقة غير ذلك لأنها تؤدي إلى إلغاء شخصية الطفل، وكأننا نوجهه ونعلمه كيف يتحايل ويظهر الطاعة والقبول، بينما على أرض الواقع لا يقوم بأي إيجابية.. وهذا السلوك ينقذه من العقاب لذا ينمو معه ويستمر في استخدامه بشكل مستمر ودائم. والذي حدث أننا لم نربِ الطفل ولم نعلمه السلوكيات القويمة بل علمناه كيف يتحايل وكيف يصبح مخادعاً.