رسائل بنيامين نتنياهو للناخب الإسرائيلي بقلم:د. إلهام شمالي
تاريخ النشر : 2019-09-11
رسائل بنيامين نتنياهو للناخب الإسرائيلي

     ثمة علاقة جوهرية بين ما جرى في الأسابيع القليلة الماضية على الساحة العربية والإٍسرائيلية، كانت بمثابة رسائل أبرقها بنيامين نتنياهو للناخب الإسرائيلي قبل أيام من التوجه ثانية لصناديق الاقتراع خلال عام 2019م، يسعى من خلال تلك الرسائل لكسب المزيد من أصوات اليمين، حيث حاول نتنياهو عبر تلك الرسائل تجيش الرأي العام الإٍسرائيلي اليمني لإعادة انتخابه من جديد لولاية خامسة، قد تنجيه من المحاكمة والسجن الذي بات في انتظاره. 

    فقد اشتملت الرسالة الأولى على قصف مواقع الحشد الشيعي في العراق؛ بينما تضمنت الرسالة الثانية تذكير الناخب اليمني واليمين المتطرف، بقدرة زعيمه على الوصول لكافة المواقع الايرانية داخل الأراضي السورية واللبنانية، حين طال القصف قرية عقريا، ولا نبالغ إذا قلنا أن تلك العمليات المحدودة التي بات يتخذها نتنياهو في الأسابيع الماضية، ما هي إلا رسائل تحمل في مضمونها مغازلة ومخاطبة للرأي العام اليميني المتشدد، الذي اتهمه خصومه السياسيين في المعركة الانتخابية، في أكثر من مرة خاصة فيما يتعلق بالوضع بغزة واتهامه بأنه يهادن حركة حماس، وينأ عن أي مواجه معها، بالرغم من سقوط عدة صواريخ على البلدات الفلسطينية المحتلة، وأنه يتمادى في موقفه بدفع المكافئة للحركة والسماح بشكل منتظم بدخول الأموال القطرية للقطاع، وقد اتخذت تلك الهجمات التصعيدية في العراق وسوريا؛ لتسخين جبهة الشمال كوسيلة للكف عن الانتقادات الحزبية، على الرغم من حرص نتنياهو على عدم التصعيد في أي جبهة من الجبهات قد يكون هو ضحيتها الأول؛ لذلك تجنب أي حرب واعتبر نتنياهو أن عدم وقوعها بمثابة انجاز سياسي له عبر استخدامه منظومة الردع التقليدي، واستباحة المجال الجوي لعدة دول عربية؛ ولذلك تم الاكتفاء ببعض الضربات هنا وهناك. 

      رسالة ثالثة وجهها نتنياهو لجمهور الناخبين عبر قصف المواقع التابعة لحزب الله، وبالرغم من الأخير قادم بالرد على ذلك القصف؛ إلا أن الطرفان كتفيا بتلك الضربات المحدودة، والمحافظة على توزان الرعب، بالرغم من توعد نتنياهو لحزب الله  قائلا إن" لبنان سيدفع ثمن الهجوم" عبر حسابه على توتير.

    وحملت الرسالة الرابعة البعد الديني لحملته الانتخابية، التي تمثلت في اقتحامه لمدينة الخليل ومقدساتها، بالرغم من كون لم يكن يهودياً ملتزما، فقد جاءت الزيارة في سياق دعايته الانتخابية، حين أشار أن مدينة الخليل لن تكون خالية من المستوطنين" وسنبقى فيها للأبد"!!، مضيفا " حققنا العدالة التاريخية ورجعنا إلى مدينة الأولياء"، مؤكداً أن حكومته ستعمل على " نيل الحقوق على الممتلكات التاريخية اليهودية " في المدينة، وجاء ذلك بعد قرار حكومته منع تمديد تفويض بعثة حفظ السلام الدولية في مدينة الخليل، إن هذه الرسالة حملت في مضمونها استمرار مخططات تهويد البلدة القديمة في الخليل، بما فيها الحرم الإبراهيمي الشريف، فضلاً عن مصادرة سوق الجملة وتهويده، وتنشيط استيطان المدينة؛ لإرضاء المستوطنين البالغ عددهم نحو 800 مستوطن في المدينة، إلى جانب حصد أكبر عدد من أصواتهم وأصوات اليمين واليمين المتطرف.

       رسالة خامسة رددها نتنياهو مرارا وتكرارا بضرورة فرض السيادة الاسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية عبر ما سمي بقانون الضم ، والتي نفذها نتنياهو وحكومته فيما عرف بالضم الصامت لمستوطنات الضفة الغربية عبر القوانين والتشريعات الإٍسرائيلية التي سنتها الكنيست الاسرائيلي التعليمية والصحية للمستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية.

     وقبل أسبوع من بدء الانتخابات صرح نتنياهو بأنه سيفرض السيادة الإٍسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت بعد الانتخابات مباشرة، والتي تشمل مساحة1,6 مليون دونم؛ أي نسبة 28% من الضفة الغربية، يقيم فيها9,400 مستوطن في 37 مستوطنة، مضيفاً بأنه لن يكون هناك اي انفصال جغرافي بين مستوطنات الضفة الغربية، وأنها أول خطوة ستتخذ حال إعلان فوزه في الانتخابات بعد نشر خطة ترامب للسلام، ونوه كذلك بإلزام الجيش الإسرائيلي بالتواجد في كل مناطق غور الأردن استعدادا لتلك الخطوة.  

     معركة انتخابية باتت في غاية الشراسة، حين استخدم البعد الاستيطاني والديني كبعدين أساسيين في دعايته الانتخابية فهو من جهة يؤكد على قانون الضم، وقدم نفسه للمستوطنين المتدينين القادر على اتخاذا أية خطوات مستقبلية بشأن المقدسات الفلسطينية دون أي ردة فعل ذات حجم مؤثر على المستويين العربي والاسلامي.

     وختاماً :اختار بنيامين نتنياهو كلماته في خطاباته الأخيرة بكل دقة وعناية لمخاطبة جمهور الناخبين، وعمل على استخدم كل أدواته العسكرية والسياسية والإعلامية للوصول إلى ولاية حكومية جديدة، خاصة مع زعزعت مكانته الانتخابية طيلة الفترة الماضية؛ إذن هي رسائل موجه للناخب الإٍسرائيلي قبيل أيام من فتح صناديق الاقتراع والتي قد تشهد ولاية خامسة له أو الإطاحة به بشكل نهائي إلى السجن .

بقلم الدكتورة إلهام شمالي
[email protected]