عرفتهم*:الاستاذ الدكتور "برهان العابد" بقلم: د.غسان شحرور
تاريخ النشر : 2019-09-11
عرفتهم*:الاستاذ الدكتور "برهان العابد" بقلم: د.غسان شحرور


عرفتهم*:
الدكتور "برهان العابد".
يسعدني أن أسلط الضوء على مسيرة أستاذي الدكتور "برهان العابد"، أستاذ التخدير في كلية الطب جامعة دمشق، وهو من الأطباء الرواد العرب في ميادين التخدير، وتاريخ الطب، وتعريب العلوم الطبية، وغيرها.
لقد ولد في حي "الميدان" الدمشقي سنة 1922، وتخرج من كلية الطب جامعة دمشق عام 1950، وفي عام 1951 عين مساعدا سريرياً لأستاذ التخدير البريطاني الزائر إلى جامعة دمشق، وبعدها أوفدته كلية الطب إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام ١٩٥٥ للتدريب في قسم التخدير، وعندما عاد في عام 1958 عين في قسم الجراحة مشرفا على التخدير، وفي عام ١٩٦٤ أسس مع عدد من زملائه "جمعية أطباء التخدير السورية". وهكذا في عام 1965 أدخل أول برنامج تدريبي للأطباء في قسمه، ثم في عام 1971 أنشأت كلية الطب كرسيا للتخدير، وفي عام 1980 عين الدكتور "برهان" أستاذا لمادة "تاريخ الطب" أيضا.

في عام 1988 رأس أول مؤتمر للجمعية السورية لأطباء التخدير، وفي عام 1993 رأس المؤتمر العربي الرابع للتخدير والعناية المشددة.
من إسهاماته:
- كتاب "الجراحة الصغرى والإسعافات الأولية" 1967.
- ألف كتاب "تاريخ الطب" للأعوام 1983، 1987، 1990.
- ترجم كتاب "التخدير" لطلاب كلية الطب جامعة دمشق.
- ترجم كتاب "دليل الإسعافات الأولية" لمنظمة الصحة العالمية عام ١٩٩٥.
- ترجم كتاب "التخدير في مشافي المنطقة".

- كتاب "مختارات من تاريخ الطب".

- "موجز التخدير والانعاش".

- له عشرات المقالات الطبية، والثقافية، والتاريخية، وحول تعريب وتعليم العلوم الطبية، وغيرها..
- أسهم في إدخال الطريقة الصينية في معالجة الألم بعد الدورة التدريبية التي التحق بها في "الصين".

- اهتم بتاريخ الطب وبشكل خاص "ما نقله الصليبيون من الطب العربي" وهو البحث الذي برع وتعمق فيه.

- له مشاركات فاعلة في الحياة الاجتماعية والنقابية. ونظرا لاهتمامه الكبير باللغة العربية وضرورة استخدامها في التعليم الطبي شارك في العديد من فعاليات "مجمع اللغة العربية" في دمشق وكتب في مجلته وانتخب عضوا مراسلا له.

عرفته أستاذا لمادة التخدير والانعاش خلال دراستي في كلية الطب بجامعة دمشق، ثم بعد نحو عشر سنوات عملت معه في مستشفى خاص بدمشق حيث أشرف على تخدير مئات العمليات الجراحية التي أجريتها في المستشفى، لذلك كنا نلتقي كثيرا ونتحدث في مواضيع عديدة، قبل البدء بالعمليات الجراحية وبعدها، وعند زياراتي للمرضى في المستشفى، ومع مرور الوقت تحدثنا في أمور أخرى تاريخية واجتماعية وثقافية وشخصية وعن مواقف وتجارب تعرض لها، وكنا نلتقي أيضا في الندوات والمحاضرات الطبية والثقافية التي يحرص على حضورها، وقد عرفني الى زوجته الفاضلة التي كانت ناشطة ورائدة في "جمعية الإسعاف العام" بدمشق، كما دعاني الى منزله وأهداني عددا من مؤلفاته، وكان يحرص على كتابة الإهداء بخط جميل جدا مسجلا عبارات لطيفة فيها الكثير من الاحترام والتواضع رغم الفارق الكبير في السن والمكانة، وقد شجعني ذلك إلى اللجوء إليه في مراجعة عدد من مؤلفاتي الطبية والثقافية، فكان يسارع رغم انشغاله إلى مراجعتها، وتدوين ملاحظاته بين السطور.

في أحد المواقع الطبية، كتبت موجزا عن مسيرته المهنية، وقد أثنى عليه العديد من الأطباء بينما انتقده اثنان منهم، فقام بشكرنا جميعا وبصدر واسع رحب بأي نقض وملاحظة وتمنى التواصل معهم للاستفادة من آراء الجميع في تطوير مهنة التخدير.

في عام ٢٠٠٥ وفي اطار فعاليات "الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية" التي رأستها، كنت انظم ندوات حول استخدام الطبيب لشبكة الإنترنت، وقد فاجأني الأستاذ "برهان" وقد تجاوز الثمانين في حينها أنه يستخدم الانترنت وله بريد الكتروني خاص، وهذا قبل غالبية الأطباء الذين كانوا في عمر أحفاده.

نعم، لقد حفلت مسيرة الأستاذ الدكتور "برهان العابد" بالعمل الجاد في خدمة مهنته ومجتمعه، وأرسى علاقات اجتماعية قوية مع زملائه وطلابه.
حقاً... لقد أسهم في النهوض بعلم التخدير في سورية، ورفع المكانة العلمية والمهنية التي يستحقها أطباء التخدير، ولا أنسى مقالته الأخيرة في "المجلة الطبية العربية"، التي عنونها بعبارته الشهيرة "إرفعوا الحيف عن أطباء التخدير".

وأخيرا وليس اخرا، حسنا فعلت وزارة التعليم العالي عندما أقامت بالتعاون مع جمعية أطباء التخدير السورية حفلا تأبينيا مهيبا للفقيد الكبير الدكتور "برهان العابد" في ٢٠ تشرين ثان/ نوفمبر من عام ٢٠١٤ .

"إن غاب فضلٌ يوماً لصاحبه ففضله في العقول لم يغبِ"