قم للمعلم وفه التنكيلا بقلم:د.عمر عطية
تاريخ النشر : 2019-09-10
قم للمعلم وفه التنكيلا بقلم:د.عمر عطية


قم للمعلم وفه التنكيلا ... ! .

د.عمر عطية

كان والدي رحمه الله يصف نفسه ب " المعلم المخضرم " ، لا من باب التفاخر بتاريخه كمعلم والذي امتد لأربعين عام تقريبا ، بل من قبل التحسر عند المقارنة بين فترة الستينات من القرن الماضي التي شهدها معلما ، والتي طالما وصفها بأيام " العز" وبين الفترات التي تلتها ، و وصفها ب " عصر الانحطاط .

المقارنة لم تكن مادية فقط وإنما في كل شيء ...مكانة المعلم و احترام الناس للأستاذ ، احترام الطلبة لمعلمهم و الأهم كما كان يقول لي ... نظرة المعلم لنفسه  ، وكان أكثر ما يزعجه هو ما وصفه بتقليل المسافات بين الطلبة والمعلمين مما قلل من هيبة المعلم أمام الطلبة من وجهة نظره.

كان يردد بيت الشعر : قُم للمعلم وفه التبجيلا : كاد المعلم أن يكون رسولا ، ومن ثم أصبح يحرفه ويقول ساخرا : " كاد المعلم أن يبيع بليلة " في إشارة إلى تردي أوضاع المعلمين المادية .

نسمع الكثير من تصريحات لمسئولين عن أهمية المعلم ولكنك دائما تشعر أن هناك نوعا من سوء الفهم لدور المعلم في المجتمع  . أقول هذا برغم كل ما قيل ويقال عن دور المعلم ومحاولة المسئولين التظاهر باحترام هذا الدور، إذ ألاحظ دائما أن الحديث عن تصحيح أوضاع المعلمين يتم في إطار " تحميل الجمايل " و " عمل المعروف لا أكثر .

وهل نحتاج أن نذكر بأن المعلم هو الأساس في العملية التعليمية ، إن صلح صلحت وإن فسد فسدت ،وكيف يصلح المعلم إن كان راتبه بالكاد يكفي حاجاته الأساسية ؟!.

في ألمانيا يطالب القضاة والأطباء بمساواة رواتبهم بالمعلمين ، فيأتي الرد من الحكومة " كيف نساويكم بمن علمكم " ؟ ! .نعم ليس هناك خطأ في الطباعة ، راتب المعلم الألماني أكثر من راتب القاضي والطبيب ! .

هكذا يتوجه المتفوقون لمهنة التعليم وهكذا أصبحت ألمانيا ما أصبحت .