هل تراجع الدور المصري في الساحة الفلسطينية؟!بقلم:احمد عبد الرحمن
تاريخ النشر : 2019-09-10
هل تراجع الدور المصري في الساحة الفلسطينية؟!بقلم:احمد عبد الرحمن


هل تراجع الدور المصري في الساحة الفلسطينية؟!

                               ولماذا لم نعد نسمع عن جهود المصالحة !! قراءة مختصرة !!

أحمد عبد الرحمن

مما لا شك فيه أن الدولة المصرية لا سيما جهاز المخابرات العامة لعبت دورا مهما ومحوريا خلال السنوات الماضية في الملف الفلسطيني بشقيه الداخلي أو ذلك المتعلق بالعلاقة مع الاحتلال !!

وكانت لتلك الجهود نتائج مهمة وحاسمة في مرحلة معينة لا سيما على صعيد التوصل لأكثر من اتفاق للمصالحة بين حركتي فتح وحماس ، وكذلك من خلال اتفاقات التهدئة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني والتي كان آخرها بعد العدوان الواسع عام 2014 الذي استمر 51 يوما .

وخلال العامين الاخيرين بالتحديد أصبحت زيارات الوفد الامني المصري لقطاع غزة حديث الغزّاويين ومثار تساؤلاتهم !! فكلما توترت العلاقة بين الحركتين الاكبر على الساحة الفلسطينية ووقعت احداث هامة كمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رام الحمد الله نجد الوفد المصري يسارع لتطويق الاحداث ويقوم بزيارات مكوكية لكلا طرفي الأزمة !! وكلما حدث تصعيد عسكري صغيرا كان او كبيرا بين المقاومة والعدو الصهيوني تكررت نفس الإجراءات من لقاءات وحوارات ومحاولات لتثبيت ما كان متفقا عليه من حالة الهدوء ووقف الاشتباك !!

وبغض النظر عن جدوى تلك الجهود ومدى تأثيرها على مجريات الاحداث إلا انها كانت تحدث بانتظام وبدون انقطاع !! واصبحت من الظواهر المعتادة على الساحة الفلسطينية ، وفي بعض الاحيان أصبحت مثار تهكم وتندُّر لدى الكثير من الفلسطينيين الذين لم يجدوا فيها سوى مضيعة للوقت ليس إلا .

  ولكن يبدو أن تلك الجهود اخذت في التراجع بشكل واضح ولا تخطئه العين ، حيث ان الزيارة الحالية التي يقوم بها الوفد الامني المصري لقطاع غزة تعتبر الاولى منذ اكثر من 70 يوما تقريبا ،رغم أن هناك الكثير من التطورات حدثت خلال تلك الفترة ،وكذلك هناك شبه شلل في الجهود الخاصة بملف المصالحة وعدم الحديث عن أي إجراءات قادمة أو لقاءات محتملة !!

فما الذي حدث !! وهل هذا التراجع مؤقت أم دائم !! وهل توصلت مصر لنتيجة مفادها أن المصالحة مستحيلة ولا جدوى من استمرار بذل الجهود في هذا الإطار !! وهل ادركت كذلك أنها لا تملك ادوات للضغط على العدو وإلزامه بتوافقات التهدئة فآثرت الانسحاب التدريجي من هذا الملف منعا للإحراج !!

أسئلة كثيرة باتت تثار حول هذا الموضوع !! وتسريبات عديدة لا يستطيع احد التكهن بصحتها من عدمه انتشرت عبر بعض المواقع والمنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي !! 

من جانبنا نحن نعتقد ان الدور المصري سيستمر في العمل على كلا المسارين ولكن ليس بتلك الحيوية التي كانت سابقا !! وسنشهد المزيد من التراجع والانكفاء لصالح جهات اخرى تعمل في نفس الملف، لا سيما لصالح الدور القطري الذي يملك مفاتيح مؤثرة يعرفها الجميع !!

الدولة المصرية لن تستطيع مغادرة الملعب الفلسطيني نهائيا لعوامل عديدة ملزمة وضاغطة وتتحكم في صناعة القرار !! ومنها الجغرافيا وما لها من أحكام تفرض على مصر مواصلة التواجد في هذه الساحة المهمة والحساسة لأمنها القومي !! فغزة على صغر مساحتها تشكل محورا ساخنا من المحاور التي تحيط بالدولة المصرية ، وأي توتر أو تصعيد سواء داخلي او مع العدو يؤثر بشكل مباشر على المصالح المصرية خصوصا وان غزة تجاور مباشرة المنطقة الاكثر حساسية لدي الطرف المصري وهي شبه جزيرة سيناء !!

وكذلك دور مصر التاريخي وحجمها وأهميتها الجيوسياسية تفرض عليها الاستمرار في بذل مزيد من الجهد على هذه الجبهة المهمة !! لأن أي انسحاب او انكفاء سيشكل فشلا كبيرا للنظام المصري الذي يحرص على تحقيق انجاز ونجاح في هذا الملف الحساس والشائك .

الامور ستتضح بشكل اكثر بعد الانتخابات المرتقبة لدي دولة الاحتلال !! فمصر كما غيرها تنتظر نتيجة تلك الانتخابات وهوية الفائز فيها لتحدد نوع الإجراءات والسياسات التي ستنتهجها وتتحرك من خلالها !! وكذلك تترقب الإعلان الامريكي عن تفاصيل ما بات يُعرف بصفقة القرن ، فتلك الصفقة سيكون لها تأثير كبير على اكثر من مستوى إن تم تفعيلها أو العمل بمضمونها !!

الأسابيع القادمة ستكون حاسمة لكثير من الملفات !! وربما نشهد مفاجآت على اكثر من صعيد !! ولكن الثابت والاكيد أن الدور المصري بغض النظر عن تراجعه سيبقى هو الاهم في الساحة الفلسطينية !! على الاقل هكذا يقول التاريخ وهكذا تقول الجغرافيا !!