دراسة لقصيدة النثر (عاد الربيع) لحنان يوسف بقلم:د. سلطان الخضور
تاريخ النشر : 2019-09-09
دراسة لقصيدة النثر (عاد الربيع) لحنان يوسف بقلم:د. سلطان الخضور


دراسة لقصيدة النثر(وعاد الربيع) لحنان الشيخ يوسف
د. سلطان الخضور
أحسب اللبنانية حنان الشيخ يوسف تخاطب الوطن في نصها (وعاد الربيع)، وتقول أن الشوق والحنين للوطن يعيشان معها بشكل دائم، كالدورة الدموية التي تبقى تنبض ما نبضت الحياة. ولم تكتفي بإعلان حبها المستمر بل شهقت به عالياً وشبهته بالعَلَم الذي يرفرف في سماء الوطن خفاقاً لتتواءم خفقات القلب ونبضه مع خفقة العلم
عاد الربيع
‎وها هو الشوق
‎يرفرف من جديد"

ويبدو أن راحة حنان وهدوءها يستفزهما جمال الماضي يوم كانت أحلامها تكبر كلما تقدمت بها الأيام، فلم تكن لتجد مكاناً أكثر دفئاً وهدوءاً من حضن الوطن لتستلقي به تأخذ قسطاً من الراحة والهدوء وتعيش لحظات الاطمئنان وتشعر بالأمان أينما ذهبت وأينما حلت.
"كيف كنت أصدق أحلامي
‎في حضنك المترامي اﻷمان"

وها هي حنان تعود لتتذكر الاخضرار وجمال الطبيعة وتربط هذا الجمال بثغر الوطن البسام وكأن شفتاه ضفتي نهر مورقة وخضراء، تهمس بالرقة والحنين وكأنها تعزف لحناً عذبا يترسخ في ذاكرتها ويستثير فيها الحنين فنجدها تقول "كانت تخضر الأغنيات
‎"بين ضفتي ثغرك الرقراق
‎يزهر الهمس
‎لحنا من تحنان"

وتؤكد في فقرتها التالية على عجزها في التعبير عن حبها فتتمنى لو أنها تجد في قاموس اللغة مفردات تساعدها على وصف هذا الوطن الجميل، وليتها تستطيع أن تترجم لحن الحب هذا الى كل اللغات تقول حنان
"ليت قاموس المعاني يسعفني
‎في استنباط حروف الهجاء
‎لتكون موسوعة الوصف
‎في كل اللغات"

وتتابع حنان أنها بهذا العشق الأبدي وبهذه التعابير الجميلة والمفردات الراسخة تنهض بشعرها فترتقي وتحول مفرداتها إلى رذاذ عطر تفوح رائحته لتملأ الأرجاء، وتضيف أنها دون هذا العشق لا معنى لما تنسج من حروف ولن يكون هناك معنىً لما تستجمع من أفكار ،أما بجمال الوطن وعشقه ستبقى رائحة أزهاره تفوح ولا حاجة للعطر الذي سيستعاض عنه برائحة الزهور ،تقول حنان
‎حرف في لغتي"
‎أكتبها شذا،
‎فتعبق بالطيب أشعاري
‎دونك مبعثرة أفكاري
‎دون عطر أشم أزهاري"

وتنجح الناثرة باستنهاض تاريخ الوطن وربطه بوجدانها وتصفه بالخير نتيجة لتعلقها به، ليكون حبها الذي تذوب في ارجائه عواطفها لتغطي كل شبر من مساحاته، هذا الحب هو نفسه الذي تربت عليه ونما بصدرها حتى كبر ونمت معه محاسن الأخلاق الرفيعة التي تشكلت حتى كونت لديها منظومة من الرقة والأخلاق التي انعكست على مفردات شعرها
‎يا دستور الخير"
‎يا تاريخا، لا يدون
‎إلا بكتب الوجدان
‎حبا أعطى فيض العاطفة
‎درسني معالم اﻷخلاق
‎يا منظومة الرقة والنقاء"
وتذهب في فقرتها الأخيرة لتقرر أن من لا يحب الوطن ولا يوثق علاقته به لا يعرف الحب، فحب الوطن من أبجديات الحب وأساسياته ومن لا يمارس حب الوطن وعشقه كمن عاش بلا هدف ولا معنى، كمن ذهب إلى السوق ليتسوق فعاد خالي اليدين لأنه نسي أن يحمل معه نقوداً وتختتم حنان نصها بهذه المقطوعة الجميلة جمال حرفها
‎من لا يحبك"
‎لن يحب
‎عاش أبد الدهر
‎مقطوع الوفاض"