مع فنجان قهوة إضافي بقلم: محمود حسونة
تاريخ النشر : 2019-09-09
مع فنجان قهوة إضافي بقلم: محمود حسونة


1- مع فنجان قهوة إضافي..
جلسنا هناك بعيدا حول شرشف أبيض وطاولة وكاسات مفرغة، في حديقة معلّقة ومغلقة، مكتوب على بابها بخط عريض أحمر: ممنوع التصويب!!
نستمع لأغنية قديمة، مع فنجان قهوة إضافي..لقد أرهقتنا مدن الحروب، مدن لم تعد تتسع للبطولات، وأخرى جُنّت، تمجّد تجارةِ الرقيق وفتاوى النِخاسة!!
نقترح أفكارا جديدة كأن تحكم العالمَ الطيورُ!! ونتحدث عن طلاء الأظافر، أو نطرِّز وردة على هذا الشرشف الأبيض!!
ثمّ نخرج بجولة نطرح السلام والتحايا على أطفال يلعبون بفقاعات الصابون يطاردون ضحكاتهم في فضاء لا يخيف!! وجولة أخرى تغرينا لوحة إعلانات مع رائحة شواء في مطعم شعبي...
لقد نسيت، فكلُّ هذا الحديث كان مع نفسي!! وأنا أجلس وحدي في مدن لا تتسع لحلم صغير!!!
أين أنتِ؟!
سأتمتع قليلا بالوحدة الآن، وسأبقى أبحث عنك في مدن أرهقتها الفتاوي والحروب!!
2- ضوضاء ظلي المتمرد!!
انتظرتها ساعتين … ثمّ أدرت ظهري للطريق وحملت معي ظلي وانسحبت… كجندي جريح يعود من معركة!! وأنت تفهم معنى أن تنسحب من الميدان جريحا ومهزوما!!
تجاهلت من أين أتيت وإلى أين سأذهب!! كأني نسيت دوري في مشهد مسرحي!!
كان عليَّ أن أكتب لها الآن جملة وحيدة: فِكْرتي عنكِ أنك أنثى جميلة… صورة فقط!!
ظلّ ظلها يمرّ بجانبي ويعانق ظلي.. وظلي بقي يصرخ في رأسي!!
نهرته أكثر من مرة، أخيرا استدرجته لركن مضيء جدا؛ لأراه واضحا، وأطلقت عليه الرصاص ولم يرفُّ جفني، سقطُّ أنا وهرب ظلي منّي!!
3-بياض الورق...
لو عدت عشرين عاما… أرتب المشهد من جديد كذكرى بريئة… أحكيها بصوت يرتجف كرفة جناح...
وأنت تمرّين في شارعنا عن باب نصف مفتوح… وأنا أراقبكِ… فيمتلئ صدري بالضجيج يهبط و يعلو!!
لا يُعقل أن تمرّين بهذه السرعة…
لو التفتِ مرة واحدة…. لو أنكِ لوّحت بنصف بإشارة... ولو همستُ أنا كنت سأقول لك: أنّ أمي تلحُّ بالسؤال...هناك سرٍّ داخل شرودي!!!
أعتذر لك الآن…كنت طيبا وفقيرا لا أملك سوى الكلمات...
كنت انسحب سريعا إلى كراستي؛ أريد أن أفرغ آثار ملامحك عنّي..
أحوم في بياض الورق… أشرِّع نوافذ قلبي… كنت عاجزا عن كتابة كلمة واحدة!!
من يستطيع أن يحتوي قمرا في ورقٍ وألوان وقلم؟!
ما زلت أحمل قنديلي، سأطفئه الآن في نهاية المشهد…
فما حاجتي له والقمر يشتعل بضوء عاصف...
هل عرفت لماذا أغمض عينيّ كي أراكِ؟؟!!
لأنكِ قمرٌ… ولأنّي انتظرتكِ طويلا...
من هنا مرَّ القمر… الكل مندهشٌ أنا وأمي وجيراني…
بقلم: محمود حسونة (أبو فيصل)