الطابق الرابع بقلم:عزيز فيالة
تاريخ النشر : 2019-09-01
الكاتب عزيز فيالة

" الطابقُ الرابعُ "

استهلال..
القهرُ سرمدي يشطر الأبدان نصفين 
تنحني له الظهور 
يهرولون في ملابسهم
هياكل عظمية
تلهث وراء لا شيء
في صمت 
ويخرج صوت 
شق السكون مستغيثًا
صفعة على قفاي، لمعت عيناي وانطفأت، وركلات في مؤخرتي، فسختني، قذفتني، داخل الغرفة منكفئًا على وجهي أمام النافذة. صوت اهتزت له الأركان. وقفت متناسيًا ما فعلوه معي طوال الطريق فى كل مكان ومن كل اتجاه، ، لا رحمة، لا مجيب، لصراخي وألمى وتقيئي ونزيفي. هي التى بقيت لي حاولت لكنهم كانوا أقوى مني وأخذوها. وجاءوا بي إلى هذا الطابق (الطابق الملعون) أكرهه، وأكره كل شيء فيه. لا أعرف ما سر هذه العلاقة. أينما وليت يلاحقني، يثقل على أنفاسي، أمامي، وورائي، يميني، ويساري، فوقي، وتحتي. 
الطابقُ الرابعُ:
أحسست بالرطوبة اللزجة تعتريني، من جهاز التكييف. ربما نسوه. قبل أن يغلقوا على الباب. انتشيت بعض الشيء. . 
جذبني النهر من خلف زجاج نافذة، محكمة الإغلاق! وهو يبتسم للشمس التي بدأت تسحب أشعتها من بين أشجار الليمون، والنخيل الكثيف المصطف بشكل بديع، على الضفة الأخرى للنهر، وتتوارى شيئًا فشيئًا تأتي العصافير، من كل صوب، تبحث عن مساكنها، على السعف تتقافز وتزقزق، وتهوى إلى مرقدها ؛ لتنام آمنة مطمئنة.. 
حركة دؤوبة في الطرقة الكبيرة للمبنى تروح وتجيء، ونعال قادم من بعيد، يتلاحق، وبنادق ترطم بالسقف، يهتز معه زجاج النوافذ، تزداد الحركة كثافة والنعال تتلاحق وتتكاثر وتعدو.. تبتعد، وتقترب من الباب. انقبض قلبي، ارتجف، ارتعش، أدور حول نفسي، اقعد وأقوم، أتضاءل، أدخل في بعضي، وأخرج منها.. أشعر بأني قوي، وسرعان ما يتملكني، إحساس بالمرارة والسخرية وقلة الحيلة، واللوم.. 
العصافير زعقت في أعشاشها، وهاجت، ومن نجا منهم هج. 
الدم ينزف من كل اتجاه، وفي كل مكان، دون توقف، وينهمر على الأرض. تشرب، ويطفح، ويفيض، يجري في النهر، امتلأ عن آخره. 
مات القلب فسقط السعاف وانفرط البلح.