الفنان أبو ياسين: جمهور المسرح في غزة أكبر.. بالضفة انفتاح بالفكر والحرية والديمقراطية
تاريخ النشر : 2019-08-29
الفنان أبو ياسين: جمهور المسرح في غزة أكبر.. بالضفة انفتاح بالفكر والحرية والديمقراطية



الفنان أبو ياسين: جمهور المسرح في غزة أكبر.. بالضفة انفتاح بالفكر والحرية والديمقراطية                                                                       
خلال الإعداد لهذا الحوار، لفت انتباهنا الدموع التي ذرفها ضيف اليوم على إحدى المرئيات، بعد تدمير الاحتلال الإسرائيلي لمبنى مؤسسة المسحال، خنقته العبرات عدة مرات أيضاً خلال حواره معنا، كلما أتينا على ذكر المسحال والمكتبة الوطنية. 

الفنان المبدع علي أبو ياسين الممثل والمخرج الفلسطيني، الذي لا بد من الوقوف عنده لكل من أراد التطرق للمسرح والدراما في غزة تحديداً.

نلتقي اليوم بالفنان المسرحي والمخرج علي أبو ياسين، في حوار صريح حول المسرح، وكيفية تطويره في غزة، وعن الفرق بين المسرح في الضفة الغربية وغزة، وعن دور وزارة الثقافة..  نرحب بضيفنا الكريم

عرفنا على علي أبو ياسين؟

علي أبو ياسين، مخرج وممثل، عضو أمانة عامة للفنانين المسرحيين، عضو الاتحاد العام للفلسطينيين التعبيرين، مدير فرقة (البيادر) المسرحية من 1994 المدير الفني ومدرب لمؤسسة (عشتار) لإنتاج وتدريب المسرح بغزة. حاصل على أفضل جائزة ممثل من مهرجان تونس الدولي؛ شاركت بالعديد من المهرجانات العربية والدولية على مستوى العالم، تعاونت مع العديد من الممثلين العرب والأجانب في العالم. لي العديد من الأعمال الدرامية على الصعيد التلفزيوني منها: مسلسل الكنعاني ومسلسل فلاش ومسلسل عم جبارة وأول مسلسل على تلفزيون فلسطين كان من بطولتي مسلسل سواليف. عملي وتخصصت أكثر في المسرح. 

 كيف ترى واقع المسرح في فلسطين وفي غزة تحديداً؟

واقع المسرح في فلسطين وفي غزة عبارة عن فنانين مبدعين موهوبين أخذوا على عاتقهم حمل لواء المسرح من خلال حبهم لهذا العالم وعشقهم للمسرح؛ فالفنان هنا ينحت بالصخر ولا أعتقد أن هناك فناناً بالعالم مظلوم مثله.. والفنانون حبهم للمسرح حبهم للوطن وانتماؤهم للوطن واحساسهم يدفعهم لتقديم عمل وطني، فأعمالنا وطنية وملتزمة .. ورأسمالنا الكلمة، والرسالة التي تدفعنا للاستمرار الاحساس بالتقصير أمام أمهات الشهداء أمام الجرحى والمعتقلين. 

أعتقد بصراحة أن سبب أزمتنا كلها هو غياب الدولة الفلسطينية، إلى الآن نحن حركة تحرر وطني، الفن والابداع بشكل عام بحاجة إلى استقرار، نحن نعيش في منطقة تغلي طوال الوقت تتعرض لحروب تتعرض لحصار أعتى دول العالم تشن حرب ضدنا الآن .. الرئيس أبو مازن يخوض حرباً ضد أمريكا وهو الوحيد في العالم من يقول لا لترامب.. ولولا عظمة الشعب الفلسطيني، ولولا صموده، ولولا إيمانه بقضيته كنا انكسرنا منذ زمن. نحن لا ننكسر؛ وأعتقد أن الشعب الفلسطيني عصي على الكسر. فما بالك بالمثقف وهو أول من يحارب وآخر من ينهزم.. المثقف هو بوصلة السياسي، هو ضمير الشعب؛ ولذلك نحن نشعر بأنه من العار علينا أن نتراجع، وألا نكون أوفياء مع أبناء شعبنا، وأن نبقى صادقين فيما نقدم بكلمتنا وفي حضورنا الثقافي والفني سواء في فلسطين أو في الخارج.

- كيف يؤثر الوضع الراهن والانقسام تحديداً على حركة المسرح؟

أثر كثيراً.. نحن كفنانين ظلمنا ولا يشعر بنا أحد. الناس تشعر بالمرضى، بالتجار الذين خسروا أموالهم بالأشياء الفاقعة، وعلى سبيل المثال أنا كمسرحي كان لدي عمل مسرحي مع النجم خالد الصاوي والفنان المغربي ادريس الرخ وممثلة لبنانية كنا متفقين على ألية عمل لكن بعد عودتي لغزة حصل الانقسام وبقيت في غزة .. وكان لدي مسلسل في الأردن مع نقيب الفنانين الراحل محمد البرماوي لكن توقف للأسف بسبب الوضع الراهن.. السبب الوحيد هو أنه لا توجد لدينا دولة أو استقرار أو مطار أو ميناء .. أنا لا أستطيع التخطيط لبعد غد، وفي البلاد الأخرى يخططون لسنوات مقبلة.. الفن يحتاج إلى حالة الاستقرار هذا من زاوية. الزاوية الثانية أثر من ناحية المشاركة في المهرجانات كل شهر كنت أشارك في مهرجان عربي أو دولي، كنا نعمل مسرح هنا ونشارك في المهرجانات.

وفي حالة الحصار نعمل ونعرض في غزة لا نستطيع السفر. يفترض أن تكون هناك معاملة خاصة للفنانين. 

أخر دعوة وجهت لي كان لدي فيلم وتمت دعوتي لمهرجان دولي في ولاية يوتا الأمريكية ولم أتمكن من السفر بسبب إغلاق المعابر وقد حدثت ضجة إعلامية حول ذلك.

كيف يمكن تطوير المسرح الفلسطيني في غزة؟

لا توجد لدينا بنية تحتية للمسرح، تطوير المسرح في كل بلدان العالم يحتاج خطط استراتيجية يتم اتباعها بدءاً من البنى التحتية، وبناء مسارح أو كما يوجد في مصر قصور للثقافة، فكل قرية، كل بلدة، في الصعيد يوجد بها قصر ثقافة، يعني يفترض أن يكون في مخيم الشاطئ مسرح وفي رفح وفي خانيونس وفي النصيرات وفي المغازي وفي بيت حانون وفي بيت لاهيا وفي الصفطاوي؛ من هنا نكتشف المواهب، المسرح، الرقص الشعبي، الرسم، الموسيقى، قصور الثقافة هي من تكتشف مواهب هؤلاء، وتقوم بتوجهيهم نحو المعهد العالي للفنون المسرحية، أو نحو  (الكونسرفتوار) معهد الموسيقى، ولا يوجد لدينا معهد عالٍ للفنون المسرحية ويفترض أن يكون لدينا مسرح جامعي، ففي كل جامعات الدنيا هنالك مسرح جامعي، وهناك فرق مسرحية لكل جامعة، وهناك مهرجان مسرح جامعي، وأفضل نجوم مصر خرجوا من المسرح الجامعي، وليس من المعهد العالي للفنون المسرحية .

يجب أن يكون هناك مكتبات تضم كل المسرحيات التي كتبت من سوفوكليس وايسخسلوس وافلاطون وأرسطو إلى الآن إلى أحدث الإصدارات المسرحية في العالم. 

يجب أن يكون هناك مكتبة مرئية لنشاهد ماذا يعمل بردواي وفي العالم، وماذا يعمل كبار المخرجين اليوم وكيف يطورون؟ التمثيل يتغير، التقنيات تتغير، الاضاءة تتغير، حالة العزلة التي نعيشها اليوم كبيرة...

يجب أن تكون هناك ميزانيات ضخمة لدى وزارة الثقافة.

يجب أن تكون هناك خطط، أن يكون هناك مهرجان مسرح للطفل، مهرجان مسرح للشباب، مهرجان مسرح المحترفين، وهذه المهرجانات ترعاها وزارة الثقافة. مثلاً في عمان كل أسبوعين هناك مهرجان، وفي مصر وفي دول المغرب طوال العام هناك مهرجانات. أكثر الناس احتياجاً لمثل هذه المهرجانات هم أهل فلسطين وغزة في ظل حالة الحزن اليومي الذي نعيشه. في غزة يجب أن يكون هناك مهرجان كل شهر، مهرجان مسرحي مهرجان غنائي مهرجان للطفل مهرجان للموسيقى؛ كي نحاول كسر حالة الألم والحزن والصمت الذي يعيش به الناس، الفن من يخلق البهجة والفرح.. تخيل الحياة بدون موسيقى من غير مسلسلات من غير أفلام من غير رسم من غير أدب. 

أين وزارة الثقافة؟

المشكلة الرئيسية لدى وزارة الثقافة الميزانية. الميزانية ضئيلة فكيف ستدعم الوزارة الداخل والشتات؟ 

الانقسام أثر بشكل كبير جداً على الحالة الثقافية بغزة. ودمج وزارة الثقافة مع وزارة التعليم بغزة مصيبة لأنه لا يمكن للنهر أن يصب في الفرع!! الثقافة أكبر من التعليم. الثقافة من ترفد التعليم بالشعراء والأدباء فكل المنتج في التعليم من مواد تدريسية من يصيغها كبار الكتاب والأدباء حتى الشهادات من يرسمها مصممون ورسامون.

الفرق عن الضفة وغزة؟

في الضفة لديهم انفتاح مع العالم الخارجي، وانفتاح في الفكر وفي الحرية والديمقراطية. ونحن منذ 12 سنة في غزة تحت حكم حماس وهي فصيل أيدلوجي أكثر يحكمه الدين، وهذا الفكر يحد كثيراً من حرية الإبداع .. لأن فكرة الإبداع كلها قائمة على التحرر وإطلاق العنان للخيال. 

الفجوة الموجودة بين غزة والضفة .. لا يوجد فرق في المستوى الإبداعي والفني هناك فجوة في الحرية

الفن يحتاج حرية يحتاج معابر.. هناك قصر ثقافة، كان هناك خطة لقصر ثقافة في غزة لكن لظروف ما لم يكتمل. 

الاحتكاك يزيد من القدرات الفنية والثقافية. وجود قصر ثقافة، ووجود مسرح القصبة، ومسرح عشتار يساعدهم على تنفيذ جميع أنشطتهم. مثلاً عشتار لديهم مهرجا مسرح في العام؛ مهرجان يبوس و مهرجان القدس للموسيقى .

في الضفة هناك حالة احتفالية موجودة طوال السنة، ومع ذلك الجمهور في غزة أكبر. هناك يحضر 100 مشاهد وفي غزة يفوق 1200 مشاهد.. مثلاً المسحال كان يتسع لـ 350 كان عدد الذين في خارج المسرح 1000 وكنت أعيد العرض مرتين وثلاثة . الجمهور في غزة لا يمكن تصوره.

ماهي آخر أعمالك؟

سأبدأ قريباً بمسرحية مينودراما تأليف الأستاذ شفيق التلولي، ويخرجها نعيم نصر عن القدس ضمن فعاليات القدس عاصمة ثقافية 2019 في نهاية أكتوبر سنبدأ بعرضها في كافة مناطق قطاع غزة، ونأمل تقديمها ضمن مهرجان فلسطين للمسرح الذي سيقام في رام الله في 25 أكتوبر .

هناك تدريب مع عشتار طوال الوقت.. تدريب لطلبة المدارس مطلع العام الدراسي المقبل، وقد يكون لدي مسرحية عن الشباب الشهر المقبل حول دور الشباب في العمل المجتمعي ودورهم ورأيهم في الواقع الحياتي.