ايجار زائف .. وزير زائف بقلم : حمدي فراج
تاريخ النشر : 2019-08-25
ايجار زائف .. وزير زائف بقلم : حمدي فراج


ايجار زائف .. وزير زائف 23-8-2019
بقلم : حمدي فراج
كيف يستطيع شخص برتبة وزير أن يقبل على نفسه استئجار منزل بدون ان يكون فعليا مستأجرا لذاك المنزل ؟
حينما أخبرني احدهم بذلك قبل بضع سنوات ، ربئت به ، واعتبرته مغاليا ومحرضا ومتحاملا ، قلت له : ليس الى هذه الدرجة وهذا الحد ، ليس لأن الوزير انسان نقي ومناضل ، بل لان المسألة مكشوفة ، ستكشفها زوجته واولاده وامه وابوه وحماه وحماته ان كانوا طيبين ، واصهاره ان كان اولاده وبناته متزوجين ، ولأن معظم وزرائنا قد تجاوزوا سن الشباب والكهولة ، فإنهم بالضرورة لهم احفاد ، سيتنامى لهم ان جدهم الوزير يكذب على حكومته ويعكف على خداعها ومخاتلتها ، لكن الاخطر من كل هؤلاء هو المؤجر الذي سيطلب اليه تحرير عقد ايجار وهمي ، لأنه بذلك سيتحمل جزءا من المسؤولية الاخلاقية والادبية وربما القانونية ، كيف يمكن ان ينزل وزير الى مستوى المؤجر التاجر ليطلب منه طلبا قذرا من هذا القبيل ، كيف يقبل ان يسهم الوزير في إفساد الآخرين .
استرسل محدثي في محاولته اثبات دعواه ضد هكذا وزراء ، واسترسلت في دحضها ، سألته : كم المبلغ الذ سيستطيع الوزير تحصيله في هذه العملية ، ألفي شيكل شهريا ، ما يعني نحو ثلاثين الف شيكل سنويا ؟ ما يعادل مرتبه في شهر واحد ، فقال لي : انه يجمع ثروته على هذا النحو بالقطعة ، من السائق والمرافق الشخصي الى حارس المنزل الى السيارة الى وقودها الى السفريات الى النثريات المختلفة . ومع ذلك لم اقتنع كثيرا حتى قرأت تعليمات رسمية صادرة عن الرئيس أن يقوم هؤلاء بإرجاع الاموال التي حصلوا عليها بدل ايجار زائف .
يولد السؤال أسئلة : كيف سكت عنهم رئيس الوزراء كل هذه الحقبة ، كيف سكت بقية الوزراء عن جريمة فضيحة بمثل هذا المستوى ، كيف قبل وزير المالية ان يصرف لهم ، اين اجهزة الامن والبحث الجنائي ، اين هيئة ملاحقة الفساد ومكافحته ؟ والسؤال الاخير : هل يكفي الطلب منهم اعادة الاموال التي تربحوها بالكذب والتزوير وسوء الائتمان ؟ لقد رأينا كيف تتم ملاحقة بنيامين نتنياهو وهو رئيس وزراء اسرائيل "الاطول عمرا في حكم اسرائيل" على بعض الهدايا ، تحقيقات في جلسات طويلة وعديدة استمرت سنتين دون ان يرف للمحققين جفن ، بل انها طالت زوجته وبعضا من اصدقائه ايضا وكادت ان تطول ابنه .
تقول الحكاية ان شرطيا اردنيا لاحظ ان سيارة فارهة اجتازت الاشارة الحمراء بعد منتصف الليل ، وحين طلب من سائقها التوقف ، تجاهل ذلك ، فلاحقه بواسطة دراجته الشرطية ، حتى وصل البيت الذي كان عبارة عن فيللا ، فعرف انه ربما يكون من علية القوم ، فقال له بمنتهى الادب ، انت يا سيدي تجاوزت الاشارة الحمراء واريد منك اوراقك الثبوتية ، فناولها له وبداخلها 20 ديتارا ، فما كان من الشرطي الا ان قدم تقريرا بالتفاصيل ، ورفعت القضية الى اعلى المستويات كون السائق ممثلا ديبلوماسيا ، لم تعد المسألة قطع الاشارة الحمراء ، بل محاولة افساد شرطي برتبة متدنية يسهر على راحة الناس من قبل مسؤول ديلوماسي كبير .