المكسي والعريّ
تاريخ النشر : 2019-08-25
المكسي والعريّ


بقلم رامز طلب المدهون

المكسي والعريّ

من التراث البدوي ، يحكى ان "سويلم" نشا يتيماً في كنف أمه الواعية  المتفانية الحكيمة ، وكبر "سويلم" وكان ضعيف الشخصية وبه مسحات من الحمق والبلاهة ، وكان لا يلبس الا البالي من الثياب الذي يظهره عريانا أكثر منه "مكسياً".

كبر "سويلم" وقررت أمه الحكيمة أنه قد بلغ مبلغ الرجال ويجب أن يصبح منهم ويجلس في " مقعد" أو "شق" أو "ديوان" شيخ القبيلة و يكون له رأي وقول في أحوال القبيلة.

أشترت الأم الحكيمة ثياباً  جديدة و "عقال"  وألبستها لـ "سويلم" وأوصته أن يجلس باحترام امام شيخ القبيلة  وبقية رجال وكبار القبيلة وأن يشارك باحاديثهم ونقاشهم .  واوصت الأم أحد اخوال "سويلم" أن يراعيه في "الشق"- أي مقعد أو ديوان القبيلة.

جلس الرجال يتداولون بشأن ترحال القبيلة بحثاً عن الماء والمرعى  أم يصبرون على شظف العيش والعطش والجوع...... 

أمتد النقاش و"سويلم" جالس لا يتكلم  ، وام سويلم واقفة خلف ال"الشق" تسمع....

ويش تقول يا سويلم؟  ،،، سأل الخال الحريص 

ونظر الجمع الى سويلم  بهيأته ولباسه الفخم و"عقاله" الجديد ، ينتظرون راي جديد أو حكمة بالغة!!

سويلم : إن شالت العرب شلنا  وان حطت العرب حطينا !!!!!!!!!!!!

فما كان من ام سويلم أن قالت من خلف "الشق" : (الخريّ خريّ إن كان مكسي ولا عريّ )-  وذهب ما قالت ام سويلم مثلاً تتداوله الأجيال.

المغزى:

1. أن "العقال"  اي الشهادة  الجامعية أو العليا  والبدلة و الكرافتة  التي يحصل عليها بعض الدهماء  و غلمان الحزبية والمنتفعين من  مصائب الناس والمجتمع  ، لا تلبس ان تسقط  عند  أول اختبار  لجدوى تلك المظهريات البراقة  ، ولا يلبث "الخريّ" إلا ان يظهر على حقيقته  سواء كان مكسياً  بقشور الشهادات العلمية و الأسماء البراقة والملابس الفخمة أم عرياً منها وهو الأصل الحقيقي لشخصية "الخريّ".

2. أن الوطن أي "الأم الحكيمة والحريصة" ليس لها ذنب ان كان ابنها " خريّ" ، فلا يجوز ان نستسهل القول ان المتعصبين من الحزبيين و دعاة الفتنة والفساد  و المخربين في اقتصاد و اخلاق الناس ووعيهم السياسي ، إنما هم نتاج طبيعي لهذا الوطن وجزء من نسيجه. أبداً انهم عناصر مريضة شاذة ذات صفات "متنحية"  وطفرات جينية ظهرت  في غفلة من الزمن والوعي وأمهم منهم براء. أو كما قال الله الحكيم الخبير لنبيه نوح عليه السلام " انه ليس من أهلك ، انه عمل غير صالح" . فالمقياس الطبيعي والسليم هنا " العمل الصالح" ولا شيء غير ذلك. 

3. لا يجوز "لشيخ القبيلة"  أي القائم على أمور الناس ومصالحهم أن يعطي " الخري" اكثر من حجمه ولا ان يوليه  مصالح البلاد والعباد ، لا "كوزير" ولا " مستشار" ولا " أمير" ولا غيرها من المناصب والألقاب ، ولا  أن يقبل وساطة " الخال " الحريص ولا تمهيده ، لأنه ببساطة لن يأتينا من " الخريّ" أي خير.

الله المستعان