إسرائيل وحماس وهجرة الشباب بقلم:عمر حلمي الغول
تاريخ النشر : 2019-08-25
إسرائيل وحماس وهجرة الشباب بقلم:عمر حلمي الغول


نبض الحياة

إسرائيل وحماس وهجرة الشباب

عمر حلمي الغول

كان، ومازال هدف الحركة الصهيونية، وقاعدتها المادية، دولة إسرائيل تطهير ارض فلسطين التاريخية من اصحابها وسكانها الأصليين الفلسطينيين العرب لتتحقق مقولتها وشعارها الناظم لإستعمارها الأرض الفلسطينية، القائل : "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض". ولتحقيق هذا الهدف إرتكبت العصابات الصهيونية، وجيش الموت الإسرائيلي 126 مجزرة ومذبحة ضد ابناء الشعب الفلسطيني. ولكن خاب رجاءها، لإن النخب السياسية والثقافية والأكاديمية الوطنية، وحتى بسطاء الناس رفضوا هذا الخيار، وقطاع منهم عندما إضطر للهرب من مذابح عصابات الهاجاناة وإيتسل والبالماخ وهاشومير والأرغون وشتيرن .. إلخ الصهيونية لم يغادر أرض الوطن التاريخي، بل إنتقل إلى مدن أخرى أكثر أماناً داخل فلسطين، وحتى الذين طردوا ولجأوا إلى دول الطوق العربي، كان الإفتراض لديهم، أن لجوئهم الإضطراري، هو لجوء مؤقت وفق بيانات قادة الجيوش العربية، الذين جاؤوا لفلسطين لمقاومة الغزوة الصهيونية، لكنهم كانوا يرددوا تعليمات قياداتهم السياسية الرسمية المتورطة بنكبة الشعب الفلسطيني، ولم يفكروا للحظة، أنهم سيبقوا 70 عاما في الشتات. بتعبير آخر لم يكن لجوء الفلسطيني الداخلي، أو الخارجي طوعيا، بل كان إرغاميا، وتطهيرا عرقيا تحت سيف الإرهاب الصهيوني الفاشي، ومازالت دولة الإستعمار الإسرائيلية تواصل سياسة المجزرة والمحرقة ضد ابناء الشعب الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية دون إسنثناء.

وعليه فإن الإعلان الإسرائيلي عن الدفع الطوعي للشباب الفلسطيني عموما ومن قطاع غزة خصوصا للهجرة، ليس جديدا، ولا حديث العهد. وإن كانت عملية التكالب والتقاطع بين مخطط دولة التطهير العرقي الإسرائيلية وحركة الإنقلاب الحمساوية لتحقيق الهدف المعلن، هو الأمر الجديد، والتحول النوعي في مسيرة إقصاء وتهجير الشباب الفلسطيني عن ارض وطنه الأم. وكان محمود الزهار في أعقاب الإنقلاب الأسود على الشرعية، عندما سئل عن أثر الإنقلاب على تفريغ المحافظات الجنوبية من سكانها، قال " من لا يعجبه الحال فليرحل، نحن باقون هنا، ولن نسمح للسلطة بالعودة"، كان هذا التصريح في الشهور الأولى من الإنقلاب الأسود.

وحتى لا يعتقد البعض اني اتجنى على دور فرع جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، لنعود لما آل إليه الوضع السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي والأكاديمي والديني والبيئي، انه وضع مأساوي وقاتل، وطارد للحياة الآدمية، ومنافي لإبسط شروط وحقوق الإنسان، إن كان من حيث تفاقم نسبة التلوث، وعدم صلاحية مياة الشرب، والنقص الحاد في كمية وساعات الكهرباء الواصلة للمواطن، والأهم إرتفاع هائل في نسبة البطالة بين الشباب من الجنسين، والحصار، وعدم فتح الحدود، وإنتشار المخدرات والدعارة والفسق الديني والتجارة بالعباد بإسم "المقاومة"، كل هذة العوامل ساهمت، وتساهم في إرتفاع نسبة الراغبين من الشباب بالهجرة من محافظات الجنوب، بعكس ابناء الشعب في المحافظات الشمالية، أو الشباب من مدن وبلدات وقرى الجليل والمثلث والنقب والساحل حملة الجنسية الإسرائيلية الذين يعانون من شروط وتعقيدات أخرى، أو تقدم لهم تسهيلات إسرائيلية، أو من دول أوروبية الغربية والشرقية، أو من كندا واميركا.

ومع أن نسبة الراغبين بالهجرة من قطاع غزة إرتفعت نسبيا قياسا بما كان عليه الوضع قبل حدوث الإنقلاب الأسود، الذي هو جزء لا يتجزأ من المخطط الأشمل والأعمق، الذي يستهدف الوطنية الفلسطينية في الصميم، وليس الشباب فقط. لكن المشروع الإسرائيلي الإخواني لن يمر، وديماغوجيا وشعارات التضليل عن "المقاومة" باتت بضاعة فاسدة ومفضوحة، لإن من يريد المقاومة، ويريد تحرير الوطن، عليه ان يعيد الإعتبار لوحدة الوطن والأرض والشعب والقضية والأهداف الوطنية، ووحدة النظام السياسي الواحد، لا إستمراء إختطاف القطاع، والسعي لتأصيل الإمارة الحمساوية التخريبية على حساب المشروع الوطني، وحرية وإستقلال وسيادة الدولة الفلسطينية، وعودة اللاجئين لديارهم، والكف عن التواطىء مع دولة الإستعمار الإسرائيلية، والولايات المتحدة لتمرير صفقة القرن المشؤومة.

وكما هزم الشعب العربي الفلسطيني على مدار السبعين عاما الماضية الهدف والمشروع الصهيوني، والمتمثل بطرد الفلسطينيين من ديارهم، سيهزم الهدف المشترك الإسرائيلي الإخواني، وسيرد الصاع صاعين لهم، من خلال عودة الشرعية لمحافظات الجنوب، وعودة اللحمة والوحدة الوطنية قريبا، رغما عن الإنقلابيين، والإسرائيليين والأميركيين وحلفائهم في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بفضل الشباب الفلسطيني المتمسك بأرض وطنه الأم، وبالإنتصار لذاته وطموحاته الوطنية والقومية والإنسانية.

[email protected]
[email protected]