في معادلة الالتزام بخط الفعل بقلم:بكر أبوبكر
تاريخ النشر : 2019-08-25
في معادلة الالتزام بخط الفعل بقلم:بكر أبوبكر


في معادلة الالتزام بخط الفعل

بكر أبوبكر

يقول الله تعالى:"وَلَو أَنهم فعلوا مَا يوعظون بِهِ لَكَانَ خيرا لَهُم وَأَشد تثيبتا وَإِذا لآتيناهم من لدنّا أجرا عَظِيما ولهديناهم صراطا مُسْتَقِيمًا "-النساء ٦٦-٦٨

في سياق فهم قيمة الالتزام بالأهداف (ماكانت سليمة وشرعية)،وبالمباديء (مايوعظون به) مجلَبة للخير على عمومِه، والثبات في أمورهم وعزائمهم وبالعلم والإرادة بلا تشكك "ولو كان على بصيرة لاكتسب على عمله أجرا"، وتصديقا("وتثبيتا
على الحق"-القرطبي).

وفي اطار الالتزام بالاتمام والإكمال ودوام خط الفعل والطاعة للأوامر تتحقق الأمور الأربعة التالية كما يشرحها الشيخ السعدي:

١-الخيرية:يصبحون من الأخيار لا الأشرار

٢-التثبيت: عند وقوع المصائب،والتثبيت بالعمل والصبر والرضا والشكر

٣-الأجر العظيم: دنيا وآخرة وفي الروح والقلب والبدن

٤-الهداية:للصراط المستقيم متضمنة العلم والمحبة، والعمل والسعادة

من الممكن أن نجول في بحر الآيات الزاهر والزاخر لنستخرج اللآليء ونتفكّر ونتدبّر ونتأمل. 

ففي كل آيات القرآن الكريم حثّ على العطاء والعمل بصيَغ مختلفة، واقتران محمود للنظري مع العملي، أي للايمان والفعل: فلا صلاة وان كانت بحد ذاتها عملاً فِعلا بلا فعل لاحق وهو فعل الصلاح عبر النهي (عن الفحشاء والمنكر).

ولا صدقات رغم أنها فعل الا بنهي عن فعل مذموم مثل المنّ على الآخرين، ولادعاء بلا عمل فالسماء لاتمطر ذهبا ولافضة.

النظر في آيات القرآن الكريم عملٌ نُجزى عليه ونؤجر، ويزداد الأجر للأضعاف مع التطبيق باذن الله.

في الإية الكريمة مثار التفكّر اقتران جميل بين العمل (فعلوا) وبين الخير (خيرا لهم) بوساطة الالتزام (مايوعظون)،لتصبح معادلة فعل ناجز+التزام بالديمومة=النصر أو الفلاح.

ما نراه أيضا في شرائط النصر أو الفلاح في عديد الآيات ومنها قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).

وبالعودة اللطيفة للآية أيضا نتأمل مفهوم الالتزام في سياق الثبات على الحق مهما كانت المتغيرات ومهما كانت التحديات ومهما كان الامتحان أو الابتلاء .

حيث أن نتيجة الفعل المستند للإيمان هي الثبات وليس الخير فقط.

بل ويفيض الله عليهم من لدُنّه بما يشاء من الأجر العظيم والهداية، فتأمل مقدار الهدايا أو العطايا التي يقدمها الباري عز وجل للعاملين المؤمنين .

في صيغة المبالغة "خيرا وأشدُ تثبيتا" دلالة على التمييز، فلم يقل ثباتا أو تثبيتا وإنما "أشد تثبيتا" أي من غيرهم ممن قد يكونوا خيّرين وثابتين بدرجات ، مضيفا لذلك المِنح اللدنية من الله سبحانه بالصراط، والأجر غير المحدود بل العظيم.

وفي ذلك أيضا تبكيت(مستوى من التقريع والتعنيف والتوبيخ) لمن لم يتّعظ ومن لم ينفّذ التعليمات، وهو ذاته من لم يؤمن، ومع التبكيت إشعار له بمقدار الخسارة والفقد العظيم الذي طاله.