لَوْمَة لَائِم
وَيْلَه...
مَن بِصَبَابته غُرابه شَجَبَ
و أُجهِض حُبّه غصْبَا
بين أفواه
أمضت عُمْرها نُباحَا
تُقَطِّع شذرات الهيمان إرْبًا إرْبَا
" ما كان عليكَ
أن تَعشق بَغِيَّا !... ".
نعم، عشقتُ بَغِيَّا
و لبستُ بُردة عيسى
في عزّ الصِّبَا
و استعرتُ نُبْل رأفَتِه
إذ أَلْجَم رَجْم الأحبار
لِوَجه قَبَّل التُّرابَ
متى ذكَّرهم بِما تَوَارى
خلْف لباسهم مِن أمّارة
تَصنع الخرابَ،
و ما نَجا مِن لومة لائم...
و ما نَجَت عِقابَا... .
...
امتطينا القاربَ
و الكُلّ يرى
و لا يُبصر الأرواحَ...،
سألَتني يومها:
أيحِقُّ لِلبغيّ أن تَتَّخِذ حبِيبَا؟
أجِبني...
أنتَ مَن تَقرأ الكُتبَ
و تَعلَم الزّائفة و الصّادقة
و تَفقَه الخطأ و الصّوابَ...
لن ينجينا الهروب غُروبَا
و البَرُّ يَمُوجُ بِأسمائنا...
و القِيلُ و القالُ
وراءنا صَخِبَا...
و البحر هائج
شرقا و غربَا...
و لا نَرمُق أمامنا
سِوى السّرابَ...،
ألا تَرتعِبُ؟
أَمَا خشيتَ العذابَ؟
أَتَرضى البغيّ لكَ نَصيبَا؟؛
نعم...،
كيف لا و أنا بين يديكِ أسيرٌ
اشتهى الأنوثة و ما ارتقَبَ
أن يُسبِي فتونكِ القلبَ...،
و أنا شاعر يعشقُ الجَمالَ
و لا يُجِد حسابَ
ما فات و ما عَقَبَ...؛
و قَبْل أن يَرسُو زَورَقُنا
و نَرسُم على الرّمل
قصور أحلامنا
أَتَتني مِن قَفَا حُروبَا...
فاستنكرتُ مذهولَا:
عشقتُ فيكِ الطّفولة
لا النَّصَبَ...
عشقتُ فيكِ الأناملَ
لا المخالبَ...،
اليوم و قد اشتعل الرّأس شيبَا
تركضين عَلَيّ بِخَيلك!
لِأنّي كُنتُ فيكِ
إنسانًا احتوى إنسانَا
و لِباسًا أخفى النُّدُوبَ...!؟
فهل ترزح يدٌ غَرَقَا
إذا هي صادَقَت الكِلابَ؟
عَجَبَا!
ما أغرَب الجزاءَ!!
و ما عَزّني في القَهْر
إلّا احتِسابَا...؛
ابتسامتها كانت الجوابَ
و مَضَت إلى غايتها
تُراقص الغُرباء كسابق عهدها
و "تَنحَب" حظّها لِذوي القُربَى،
و مضيتُ إلى غايتي أُردِّدُ:
"تَبْقى البَغِيُّ بَغِيَّا..."
"ظَلَمْنا معًا الحُبَّ..."،
و ما نجوتُ مِن لومة لائم
و ما نَجَت عِقابَا.
منجد النور الكرعاني
لَوْمَة لَائِم بقلم:منجد النُّور الكرعاني
تاريخ النشر : 2019-08-23