ضد الدولة!بقلم:ايهاب سلامة
تاريخ النشر : 2019-08-22
ضد الدولة!بقلم:ايهاب سلامة


مطالبة البعض باعادة فرض الأحكام العرفية، تحت مسوغات "هيبة الدولة" و"حفظ الأمن"، بسبب أحداث متفرقة جرت مؤخراّ، حالة من الشطط الفكري، والنشاز الذهني، وغزل رديء لجهات معلومة، في غير مكانه وزمانه، ترفضه بدروها، مثلما نرفضه جملة وتفصيلا ..

إنفعال المواطنين وتفاعلهم، مع أي حدث في وطنهم، حالة وضرورة صحية، تؤشر على وعي الناس، وتحضر مجتمعاتهم، دون الحاجة الى بث رسائل وخطابات ديماغوجية، لم تعد صالحة للاستهلاك المعاصر، ولا مستساغة أبداً.

الرسائل الساذجة، التي تكفل بها ذباب الكتروني جند نفسه بنفسه لخلق حالة فوبيا فكرية اجتماعية، سخيفة بقدر من يبثها، فلا الناس اضحت كما كانت عليه في سالف العصور الخاربة، ولا وعيهم يتقبل محاولات تحييدهم وسلخهم عن قضايا مجتمعاتهم.

خوف الناس على وطنهم وأمنه وسلامة مجتمعاتهم، أمر طبيعي وواجب، ولا يجوز تحميلهم وزر ردود أفعالهم الساخطة احياناً، حين يستهجنون ممارسات هجينة تنافر قيمهم وتقاليدهم وعاداتهم التي نشأوا وترعرعوا عليها، وهم يشاهدون سلوكيات ممنهجة ناشزة، تغزو بلدهم، وتسعى لضرب معاقل قوة وصلابة المجتمع الاردني الاصيل الذي بني على النشأة السليمة، وحسن الاخلاق، في مقتل.

للعلم، لو لم تكن هناك كاميرات تصور ما حدث هنا وهناك مؤخراً، وبعضها من داخل مراكز أمنية! (...)، لما علمنا به، وما استشطنا غضباً، ومرّ كما مرت الاف الحوادث الإعتيادية التي تقع في كل مجتمعات العالم.

البعض، يدخل نشر هذه الفيديوهات والصور، في اطار "نظرية المؤامرة"، ويحمّل الجهات الرسمية مسؤولية نشرها، لإشغال الرأي العام، وتحييده عن قضايا أكبر وأخطر. والبعض الاخر، يبدى استغرابه من تحميل اللوم على من ينشر الخبر والصورة، ويتجاهل السياسات والقرارات التي مهدت لوقوع الحدث نفسه!

وبصرف النظر، فان أنفع ما جاءت به الثورة الرقمية، أنها مكنت جميع الناس من المشاركة في صناعة الرأي العام، في وقت كانت بضع صحف ورقية مسخّرة، ومحطة تلفزيونية، وأخرى إذاعية، تتحكم بوعي الجماهير، وتضبط إيقاعهم، وتسيّرهم وفق بوصلة الحكومات والمؤسسات العميقة المتحكمة.

الرجوع إلى الخلف، إستحالة، والتعاطي مع الوعي الشعبي باستخفاف وتخويف،جهالة.. وسياسات احتواء الرأي العام المتبعة، رجعية وقاصرة، بعد عجز أدوات الدولة الإعلامية، وإفلاسها، وفشلها بايجاد موطئ قدم فاعل مؤثر، أمام فيضان الإعلام المجتمعي الفوضوي الجارف، الذي لا يمكن ضبطه ولا ترويضه.

المنطق يقول إن الدولة بخير ما دام مواطنوها يهتمون بشؤونها، ويخشون على مقدراتها وإنجازاتها، ويحرصون على أمنها ومصالحها، ويؤثرونها على مصالحهم وذواتهم، ولا خير فيهم دون ذلك.

بالأمس، أرسل لي صديقاً إفتراضياً على منصة فيس بوك، رسالة حانقة، يسألني فيها: ليش حارق حالك ع البلد يا أخي..دائما تنتقد أي خلل بيصير هون وهون، خليك ساكت احسنلك!

رددت عليه باللغة البسيطة المحكية:

مش لما ننتقد "خلل" معناها بنحرّض ع دولتنا يا غبي..

سكوتنا ع الخلل.. ضد الدولة

سكوتنا ع فساد.. ضد الدولة

سكوتنا ع لص.. ضد الدولة

طلبك مني أسكت، ضد الدولة!