مُبالغة بقلم:جنان محمد أديب وكيل
تاريخ النشر : 2019-08-22
مُبالغة بقلم:جنان محمد أديب وكيل


واقعياً لم أسمع أنّ أحدهم ماتَ من الغياب أو كُتِبَ في تقريرِ المشفى لقد توفي أثرَ نوبةٍ غرامية !
في الحقيقة نحنُ نخشى الأشياء التي لانصطدم بها بقوة ، مثل رهبةِ الفراق تماماً ! نخشاها كثيراً إلى أن تحدُث ونكتشف أنها ستمضي! وأننا بالغنا برسمِ رهبةٍ لها في مخيلتنا أكبر بكثير مما هي عليه !
نخافُ المرض إلى أن نمرَض ويصبح جزءاً منا ، نتعايشُ معهُ وكأنه زائراً لدينا كلّما رفضناه كلما تشبثّ بنا و أطالَ الإقامة .

نحن دائماً مانُعطي الأشياءَ أكبرَ من حجمها ونرسمُ لها هالةً مُخيفة ، مثل فكرة المرض والانفصال والخيانة والسفر ، مثلاً ربما تُنعتُ بالخائن لأنّ قلبك لم يعُد يخفُق لأحدهم!
ربما تخون وأنت لستَ على معرفةٍ كافيةٍ بماهيةِ الخيانة الحقيقية ، والطامةُ الكُبرى أن ليس هناك شيء يُدعى الخيانة وهي مُجرد فكرة !
يختلف مفهمومها من أحدٍ لآخر ، فربما تكونُ خائناً لأنك أحببتَ أحداً آخر ، وربما لأنك سهِرتَ مع صديقاتك ليلاً وربما
لأنك اقتربتَ من إحداهن أو قبّلتَ صديقتك المُقربة سلاماً لا أكثر ! وهناك فتيات تعتبرك خائن لمجرد أنك نظرت إلى غيرها أو لأنك وضعتَ (أحببتُ)على منشوراتِ إحدى الفتيات الجميلات أو لأن الإشارة الزرقاء ظهرت على رسائل الواتساب وأنت لم تُجِب عليها رُغم أنك "مُتصل الآن " فهي لاتراها هكذا ياعزيزي ، هي تقرأها " يخون الآن " .

في الحقيقة إن توقفت عن حُبِّها أو مللتَ جسدها أو عاشرتَ أحداً غيرها أو أحببتَ حُبّاً عذرياً فكل ماذُكر سابقاً يؤدي إلى شيء وحيد وهو أنك لستَ حكراً على أحد وأنك حُرّ أن تبقى أو أن ترحل !

لكن حين تُحب فليتكَ تقول أحبُكِ الآن ، قلبي لكِ الآن ، سأبقى معكِ ، أعاهدُكِ الآن !
#فالتعهُد_عن_حُب_مُستقبلي_هو_تعهد_باطل ! كل مابين يديك الآن هو اللحظة . فلماذا تقسمون أن هذا الحب أبدي وأن هذا القلب سيموت بالفراق ؟ لمَ تحرقون مراحل الحُب وبدلاً من عيشِ اللحظة تقفزون قفزة خيالية لتتكلمونَ حول الخطوبة والزواج وعدد الأطفال واسمائهم والمنزل والطهي والمناسبات الرسمية
والتقاليد العائلية ووووو ...؟

اللحظة ثمينة ، وأنت لا تملُك الآن إلا الحاضر ، فلا تجزُم بالمستقبل ولاتتعلق تعلقاً مرضيّ يؤذيك ولاتبني أحلاماً تجهُل مصيرها .
فاليوم ..هو نفسُه اليوم الذي ستتحسر عليهِ غداً إن لم تعِشهُ بشكلٍ صحيح ! دائماً نحنُ ننتظر المرحلةَ المُقبلة بفارغِ الصبر إلى حد أننا نحرق حاضرنا في انتظارنا للغد .
وأنت تصعُد إلى القمة استمتع بالرحلة ياصديقي !

لا إكراه في الحب ، فأنت حُرّ بمشاعركَ التي انتهت ، ولايُمكنُ لأحد ان ينعتكَ بالخائن لأنّ مشاعرك انتهت ، ولو كنت مستمراً بحُبّها لما فعلت ذلك ، كنت تحبُّها في وقتِها ولاداعِ لنسفِ هذا الحب الذي مضى فكان جميلاً وصادقاً في حينها والآن انتهى ، فلماذا اللوم والعتب على شيء يخرُج من بين يديك ؟

ببساطة لم أعُد أحبُّك ! أو وجدتُ أحداً يُشبهُني كثيراً وأنت كنت مُستنزفاً لا مُبالي أفلا يحقُّ لي بالتراجع عمّا التزمتُ به سابقاً ؟
الحب ليسَ له قوانين تحكُمَهُ ولا شروط ، الحب غير مشروط ، تُعطي الآن ..تعشق الآن ..تُضحي الآن.. ولكن لاتجزُم بالأبدية ! فربما تموتُ مشاعرك غداً ،ربما يتسللُ الروتين حياتك ، ربما تتغير مفاهيمك للحب وربما الأشياء التي كانت تعنيك في البداية لم تُعد تثير اهتمامك الآن ، ريما تكتشفُ لاحقاً أنّ الروح والتفكير والشخصية والمبادئ لاتقل أهميةً أبداً عن الجمال ، فالجمال سيزول يوماً ولكنّ الروح لاتشيخ ولاتذبَل ، وحينها إن
تغيرت مفاهيمك حول الحب فأنت لاتستحق أن تُنعت بالخائن ، أنت حُر ثم حُر ، هذا قلبك وهذه حياتك . لا تُرغم نفسك بالبقاء مع أحدهم تحت مسمى الشفقة ، أو لأنك لاتُريد التراجع عن وعدك .

بالحُّب لاتُنافق ، لا تكذُب ،لاتشفق ! فالذي يُبنى على مشاعر زائفة لن يدومَ طويلاً فالأعمدة ليست ثابتة بما يكفي لتحمُل هذا الكمّ من النفاق .